اخبار وثقافة

محمد المهدى مفتى مصر لـ40 عاما.. حقيقة مطالبته بإزالة أسود قصر النيل

ثقافة أول اثنين:


فى مثل هذا اليوم 8 ديسمبر من عام 1897 رحل عن عالمنا الإمام محمد المهدى العباسى، الذى كان مفتياً للديار المصرية، وهو أول من جمع بين منصبى الإفتاء ومشيخة الأزهر، واستمر بالإفتاء أربعين سنة، ومن مصنفاته: الفتاوى المهدية فى الوقائع المصرية، سبعة أجزاء وهو مجموع فتاواه.


وترجع قصة تولى الشيخ محمد المهدى العباسى، الذى ولد عام 1827م، منصب الإفتاء كواليس مختلفة، إذ كان عمره وقتها 21 سنة، وكان طالب علم يلازم حلقات العلماء لا يصلح للنهوض بأعباء الفتوى، والسبب أن إبراهيم باشا الذى كان فى زيارة إلى عاصمة الخلافة العثمانية ليتسلم من السلطان مرسوم ولايته على مصر، تقابل هناك مع شيخ الإسلام عارف بك، فأوصاه خيرًا بذرية الشيخ محمد المهدى الكبير، وأن يولى منهم من يصلح لمنصب أبيه، فاستجاب إبراهيم باشا لوصية شيخ الإسلام وحرص على استرضائه، فعزل المفتى القديم، وأقام محمد المهدى فى منصبه، وهو لا يزال غض الإهاب، لم يتجاوز مرحلة طلب العلم.


وحلًا لهذا المعضلة عُقد للمفتى الجديد مجلس بالقلعة حضره مصطفى العروسى شيخ الجامع الأزهر وكبار العلماء، واتفقوا على تعيين أمين للفتوى يقوم بشئونها حتى يتأهل صاحبها، ويباشرها بنفسه.


أما حول قصته مع أسود قصر النيل أو التماثيل بوجه عام فقد جاء في دراسة للمستشرق الهولندي رودلف بيترز متحدثا عن أهمية أحد كتب الإمام المهدي العباسي (كتاب الفتاوى المهدية) مستندا إلى فتوى أصدرها الشيخ عام 1882 م – وفقا لما جاء في مقال منشور بتاريخ 18/3/1994 بجريدة الأخبار المصرية تحت عنوان ” كيف أفلتت أسود قصر النيل من المذبحة وعندما تتلاعب السياسة بالدين”: “في تاريخ سابق مباشرة على تعدي بريطانيا على الديار المصرية وزحف قواتها صوب العاصمة، رد على سؤال موجه حول مدى شرعية إقامة التماثيل (تمثال إبراهيم باشا في ميدان الأوبرا والأسود المقامة بمدخل كوبري قصر النيل)، فأجاب الإمام بما مفاده أن إقامة هذه الصور والتماثيل مكروه كراهة تحريمية وإن كان قد أضاف في فتواه، في حاشية، أن إزالة كل منكر في البلاد وتجنب الحكم بغير ما أنزل الله لهو أمر آكد، أي أشد توكيدا، من إزالة الصور والتماثيل.


ومن أقواله عن علم الفقة: إنه من المعلوم، لدى ذوى الفهوم، أن من أجل العلوم قدرا، وأسناها حكمة وأدقها سرًّا، وأشمخها رتبة وأعلاها، وأعظمها قيمة وأغلاها، وأفضل ما تحلت به العلماء، وامتازت بروايته النبلاء، علم الفقه الذي يرقى به الإنسان، من حضيض الجهالة إلى أَوْج العرفان، كيف لا واقتباسه من مشكاة الكتاب المبين، وسنة الصادق الأمين، اتضحت به معالم الحلال والحرام، ورفعت به في الخافقين أعلام الإسلام، وكشف اللثام عن وجوه المحاسن الدينية، وأماط الحجاب عن مكنونات أسرار الحنيفية المرضية، وأرشد الأنام إلى سبل السداد، وما يؤديهم إلى صلاح أمورهم في المعاش والمعاد؛ إذ عليه مدار صحة العبادات، وإليه المرجع في استقامة المعاملات، فكان مدرأة للمفاسد، مجلبة للمصالح والفوائد، به تصل الحقوق لأربابها، وتُؤتى البيوت من أبوابها، وناهيك بفن أثنى عليه لسان النبوة، ونوه بذكره وأظهر شأنه وسموه، فقد قال خاتم النبيين: “من يرد الله به خيرًا يفقهه فى الدين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى