Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

وعلم آدم الأسماء كلها … ومخاطر تعلم اللغات الأجنبية


مخاطر تعلم اللغات الأجنبية

﴿ وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلْأَسْمَآءَ كُلَّهَا

﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَٰنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

 

تتعرض الأمة الإسلامية لحالة غزوٍ ثقافي ومعرفي، كما تتعرض لتشييد محتوى ثقافي بديل عبر اللغات الأجنبية وإهمال وتهميش اللغة العربية.

 

وبصفتي أستاذًا متخصصًا في مناهج التربية وعلى درايةٍ بواقع التربية في عالمنا العربي الإسلامي وتطوراته المتلاحقة حتى الآن، أكتب هذه الكلمات مستشعرًا خطر هذه المشكلة.

 

فالمنطقة العربية كانت مستعمرات انجليزية وفرنسية، وكان المستعمر يخطط للتعليم في المنطقة لطمس الهوية العربية الإسلامية وجعلها هوية غربية، وتم تكوين كوادر من أهل المنطقة يديرون هذا المخطط بعد زوال الاستعمار، ولا تزال المنطقة العربية الإسلامية تسير علي نهج هذه المخططات على زعم تفوق الغرب علميًّا، ولابد لنا من أن نسير في هذا الركب لتغيير وضعنا المتخلف، وهذا النهج تسير عليه التربية في المنطقة ويتم تحويل التعليم العربي الإسلامي إلى تعليم غربي بزعم التقدم الغربي، وأصبح هناك تكالبٌ بالوطن العربي الإسلامي على المدارس الأجنبية، من الحضانة إلى أعلى الدرجات العلمية.

 

هذه المشكلة أصبح يعاني منها أطفال العالم العربي الإسلامي، حيث يتم تعليمهم هذه اللغات الأجنبية بالدرجة الأولى وتلقى هذه اللغات أهميةً كبيرة عن اللغة العربية، وهذا له خطورة عظمي في تكوين فكر المحتل الذي يركز على طمس الهوية الإسلامية وتكوين شخصيات تؤمن بالانحلال الخُلقي والفكر الحيواني الغريزي، بل أحط.

 

وعندما شغلني هذا الموضوع كمسلمٍ وأستاذ جامعي تربوي، وأستاذٍ في مناهج البحث، فقد سرت على منهج القرآن في البحث، فقرأتُ الواقع، (أمر القراءة الأول في سورة العلق، وقد أوضحت هذا فيما سبق باختصار حتى لا يمل القارئ)، ثم انتقلت إلى الأمر الثاني بالقراءة؛ حيث قال الله تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 – 5].

 

والآن نستكمل المنهج في القراءة الثانية في كتاب الله، نتلمس من خلاله هدى الله لبيان هذه المشكلة وكيفية السير على منهج الله.

 

فقد حدد الله مهمة الإنسان في الأرض بقوله تعالى: ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة:30].

 

وكلف الله الإنسانَ قيادة الحياة في الأرض من: الجماد والنبات والحيوان والإنسان نفسه وغيره، بمنهج الله ولله. ومن أجل قيادة كل ذلك، علَّم الله الإنسان أسماءها ومدلولاتها وخصائصها، إذ قال: ﴿ وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلْأَسْمَآءَ كُلَّهَا ﴾ [البقرة: 31].

 

قال العلماء:أي: علمه أسماء الأشياء، وما هو مسمى بها، فعلمه الاسم والمسمى، أي: الألفاظ والمعاني.

 

ويصح حمل الأسماء على خواص الأشياء ومنافعها، فإن الخواص والمنافع علاماتٌ على ما تتعلق به من الحقائق؛ إذ الأسماء لابد لها من مسميات، فإذا أجرى حديثًا عن الأسماء حضر في ذهن السامع ما هو لازم لها.

 

أي: أن الله – تعالى – ألهم آدم وعرفة ذوات الأشياء التي خلقها، وكلمة (كلها) تفيد الإحاطة؛ أي: معرفة كل شيء عن هذه الأسماء.

وهنا ندرك أن الله علم آدم اللغة ليقود بها الحياة على الأرض عبادةً لله.

 

وقد قال الله تعالى في كتابه: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2].

 

لقد اختار الله اللغة العربية لحمل دعوة الإسلام إلى أقطار الأرض جميعًا، فهي صالحة لحمل هذه الدعوة والسير بها في أقطار الأرض. ولو كانت لغةً ميتة أو ناقصةَ التكوين ما صلحت لحمل هذه الدعوة، وما صلحت لنقلها إلى خارج الجزيرة العربية.

 

وهنا ندرك أن اللغة العربية توقيفية من الله، وعبادة الله لا تصح إلا بها، فقد اختصها الله لقيادة الحياة على وجه الأرض؛ فقد أنزل الله هذا الكتاب الكريم على نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – بلسانٍ عربيٍّ مبين، لعلنا نحن المكلفين بالإِيمان به نعقل معانيه، ونفهم ألفاظه، وننتفع بهداياته، وندرك أنه ليس من كلام البشر، وإنما هو كلام خالق القوى والقدر، وهو الله عز وجل.

 

وجملة ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ: بيان لحكمة إنزاله بلغة العرب، وحذف مفعول ” تعقلون ” للإِشارة إلى أن نزوله بهذه الطريقة، يترتب عليه حصول تعقل أشياء كثيرة لا يحصيها العد.

 

وبعد محاولة استشفاف النور من الكتاب المبين لقول الله: ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 3 – 5].

 

فمِن كرم الله أن ينور لنا الطريق لحل مشاكلنا بالرجوع إلى كتابه الكريم ليعلمنا ما لم نستطع الكشف عنه بعقولنا في واقع الحياة؛ لذلك نقول كما قال موسى – علية السلام – عندما ضاقت عليه الأرض بما رحبت، قال: ﴿ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [القصص: 22].

 

واستكمالا لمنهج الله في حل هذه المشكلة نرى توجيه الله لنا كمسلمين في مثل هذه الحالة في قول الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 22].

 

ويرى العلماء بناء على هذه الآية الكريمة، أن المسلمين ينبغي لهم أن يُعدُّوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من يقوم بها، ويوفر هو وقتَه عليها، ويجتهد فيها، ولا يلتفت إلى غيرها، لتقوم مصالحهم، وتتم منافعهم، ولتكون وجهة جميعهم، ونهاية ما يقصدون قصدًا واحدًا، وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم، ولو تفرقت الطرق وتعددت المشارب، فالأعمال متباينة، والقصد واحد، وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور‏.‏

 

وقياسًا على منهج الله في مثل حالة تعلم اللغات الأجنبية لنقل علومهم إلى العالم العربي الإسلامي أن نختار لكل تخصص من التخصصات العلمية من يستطيع تعلمه من الكبار المتعلمين لإتقان تلك العلوم الأجنبية وترجمتها إلى العربية، بعد التأكد من عدم مخالفتها للعقيدة الإسلامية، وذلك بالرجوع إلى العلماء الثقات المتخصصين، ثم يتم تعليمها بالجامعات أولًا، ثم يتم التدرج بها إلى باقي السلم التعليمي.

 

وبذلك لا يتم إرهاق أطفالنا بتعلم اللغات الأجنبية بما فيها من فكرٍ إلحادي ومخالفات للعقيدة الإسلامية، والأولى تعلمهم اللغة العربية التي هي وعاء فكر التوحيد والاتصال بالله والسير على منهجه في الحياة كما بين لنا الله.

 

إن اللغة العربية هي التي اختارها الله لنا، والتي تُحقق لنا تماسك المجتمع وتآلفه وتمسكه بقيمه وأخلاقه وتقدمه العلمي في توازن وأمان وأمن وسلام مع النفس والغير والمجتمع والبشرية كلها، بل ومع الكون الذي خلقه الله وعلم آدم طبيعة هذا الكون وكيف يعيش فيه بسلام.

 

فهل يصحُّ كي ننقذ بلاد المسلمين من الضياع أن نفتح الباب على مصراعيه للماسونية العالمية وأعداء الله لتعليم أبناء الإسلام لغات الغرب التي تحمل في طياتها تدمير البشرية، وقد كلفنا الله بقيادة البشرية لننقذها من شر نفسها والشيطان، فقد أرسل الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالإسلام رحمة للعالمين، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى