المجالس المدنية في شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل حافظ السنة النبوية
المجالس المدنية في شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل حافظ السنة النبوية
صدر حديثًا كتاب “المجالس المدنية في شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل حافظ السنة النبوية”، للإمام “الشريف أبي علي محمد المنتصر بالله بن محمد الزمزمي الكتاني الحسيني” (1332 – 1419 هـ)، أشرف على التحقيق: د. “عبد الفتاح الزينيفي”، دراسة ومراجعة: د. “حمزة علي الكتاني”، في ثلاثة عشر مجلدًا، نشر “دار المنهاج”، ودار “طوق النجاة”.
يُعدُّ هذا الكتاب أول شرح علمي لمسند الإمام أحمد ابن حنبل الذي قيل فيه: (لم يُؤلَّف مثلُه في الإسلام)، والذي استقى منه جُلُّ المحدِّثين الذين جاؤوا بعد الإمام أحمد، بمن فيهم أصحاب الكتب الستة...
و”مسند الإمام أحمد” لم يُشرح من قبلُ شرحًا وافيًا متكاملًا، فأغلب الأعمال عليه إما حواشٍ، أو فك عبارة، أو تخريجات مطولة، كما هي أعمال السندي، والساعاتي، والبنا، وشاكر.
وقد امتاز الكتاب باستيعاب التخريج الحديثي، وذكر طرق الأحاديث ورواياتها ومراتبها، مع تطرقه إلى شرط جده محمد بن جعفر الكتاني والجلال السيوطي في الأحاديث المتواترة مستدركًا عليهما أحاديث كثيرة جاءت متواترة على شرطهما ولم يذكرها أحد قبله في المصنفات المختصة بالأحاديث المتواترة.
كما ترجم لرجال المسند مع الحكم عليهم جرحًا أو تعديلًا.
وكذلك استيعاب لغة الحديث وغريبه، ثم التوسع في فقه الحديث، وذكر الفقه المقارن والخلاف العالي، والترجيح بين مذاهب المجتهدين المتبوعة والمنقرضة، وذكر الراجح فيها…
والمؤلف أيضًا يتطرق للقضايا المعاصرة من نوازل، ومعاملات، وسياسة شرعية، وغير ذلك من المسائل؛ بحيث يتطرق لجُلِّ أبواب الفقه…
وأصل الكتاب مجموعة أطروحات جامعية للدكاترة:
د. “جمال الدين امحمدي”.
د. “محمد أمزيل”.
د. “محمد القسطالي”.
د. “محمد أيت الفقير”.
د. “إيمان حيلمي”.
د. “يونس المرابط”.
د. “خدوج كمال”.
د. “فوزية فرحات”.
بإشراف:
أ.د. “عبد الفتاح الزينيفي”.
ومراجعة حفيد المؤلف:
د. “حمزة بن علي بن محمد المنتصر الكتاني”.
وهذه الأطروحات في إطار بحوث الدكتوراه بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء بالمغرب.
وقد أشرف على الكتاب وقدم له فضيلة الأستاذ الدكتور هاشم محمد علي مهدي وبمساهمة مباركة من اللجنة العلمية بمركز دار المنهاج للدراسات والتحقيق العلمي.
ومؤلِّف الكتاب العلامة محمد المنتصر الكتاني من كبار علماء العالم الإسلامي، درَّس في جامعات المغرب، وسورية، والمملكة العربية السعودية. وكان كذلك مدرِّسًا للحديث والتفسير بالحرمين الشريفين. وهذا الشرح أملاه أثناء تدريسه للمسند في الروضة الشريفة بالحرم النبوي بالمدينة المنورة.
ويعد العلامة “محمد المنتصر بالله الكتاني” – رحمه الله – هو واحد من أوائل شروح هذا المسند العظيم، وقد نهج فيه المؤلف منهج الشروح الحديثية، مع سهولة عباراته ووضوحها، وابتعاده عن الحشو والإطناب، دون إخلال ولا إملال.
حيث ترجم المصنف للرجال، وخرج الطرق، وبيَّن الشواهد، وأدلى بدلوه من حيث الصنعة الحديثية، ثم تكلم عن فقه الحديث وآراء الأئمة، وقد حوى هذا السفر النفائس والدرر، والفرائد الغرر، في اللغة والفقه والأثر.
وقام الدكتور حمزة الكتاني، بكتابة دراسة حول هذه الموسوعة، تتضمن التعريف بالمؤلف وبالكتاب، في أكثر من ثلاثمائة صفحة، جعلها ترجمة وثائقية، ودراسة شاملة حول الكتاب، يقول: “استغرق العمل منا في هذه الموسوعة القيمة نحو عشر سنوات، منذ عام 2010م، إلى 2020م، وأخذ منا جهدًا عظيمًا، جعله الله تعالى من العمل المقبول، وفي المستوى اللائق بالكتاب ومؤلفه رحمه الله تعالى..”.
أما عن مسند الإمام أحمد بن حنبل فقد شرع الإمامُ أحمد بتصنيف ” المسنَد ” مُنصَرَفه من عند عبدِ الرزاق، أي نحو سنة (200 هـ)، وهو في السَّادسة والثلاثين من عمره، انتقاه من أكثر مِن سبع مئة ألف حديث، سَمِعَها في رحلاته، فَضَمَّ نحو ثلاثين ألفحديث يرويها عن مئتين وثلاثة وثمانين شيخًا من شيوخه، وكان قد كَتَبَه في أوراقٍ مفردة، وفَرَّقه في أجزاءٍ منفردةٍ على نحو ما تكونُ المسوَّدَة، ورواه لولده عبد الله نسخًا وأجزاءً، وكان يأمُرُه: أن ضعْ هذا في مسند فلان، وهذا في مسند فلان، وظلَّ يَنْظُرُ فيه إلى آخر حياته.
وكان رحمه الله شديدَ الحرص على إيراد ألفاظِ التحمُّل كما سمعها، مثل: “حدثنا”، “أخبرنا”، “سمعت”، “عن”، لا سيما إذا روى الحديث عن أكثر من شيخ، فإنه يذكر لفظ كل واحد منهم كما هو بَيِّن في الأصول الصحيحة المسموعة المعتمدة في طبعتنا هذه.
ولم يكن مَرْمى الإمام أحمد أن يرتِّبَ كتابه على أبواب الفقه، وإنما غايتُهُ هو جمعُ ما اشْتَهر من الحديث على امتداد الرُّقعةِ الإسلامية بسندٍ متصلٍ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسبَ رواته من الصحابة رضوان الله عليهم، وهي طريقة غايتُها الاستيعابُ، وهو ما أراده الإمامُ أحمد بقوله لابنه عبد الله: احتَفِظْ بهذا “المسند”، فإنه سيكونُ للناس إمامًا. وذُكر أنه قال فيه: عملتُ هذا الكتابَ إمامًا، إذا اختلف الناسُ في سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعُوا إليه. ولهذا أصبح أصلًا من أصولِ الأمة كما قال الإمام السبكي.