سلبيات الانغماس في الواقع الافتراضي
سلبيات الانغماس في الواقع الافتراضي
لا شكَّ أن الشبكة العنكبوتية، وهواتف الاتصال الذكية، مكَّنَت الناس من التواصل المباشر فيما بينهم بشكل سهل وسريع، ولا ريب أن تلك المزايا تُحسَب كإيجابياتٍ نافعةٍ لتكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية في هذا العصر، إلا أنها تظل في ذات الوقت وسائلَ ذات تأثير اجتماعي سلبي، بما أفرزته من ظاهرة العزلة بين الناس، والانغماس الشديد في الواقع الافتراضي، كبديل وهمي للواقع الحقيقي، بعد أن اعتاد المستخدمون اللجوء إلى فضائه المفتوح في كل الاتجاهات؛ هربًا من صخب تداعيات عصرنة الحياة، لا سيما وأنهم باتوا يجدون فيه ضالتهم في التصفُّح، والتواصل مع الآخرين، على مزاجهم، الأمر الذي جعلهم يفقدون دفء العاطفة الاجتماعية الحية تدريجيًّا، بعد أن تم تهميش تواصلهم الوجاهي المباشر بعزلة موحشة، نتيجة انغماسهم التام في هذا الفضاء الافتراضي الوهمي.
ولعل انتشار أجهزة التواصل الرقمي الذكية، على نطاق واسع بين مختلف شرائح المجتمع، ساعد على إتاحة استخدامها بين الجمهور على نطاق واسع وبسهولة، بما تتضمنه تطبيقاتها من سرعة، وسهولة إمكانية الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي المرغوبة منها، وغير المرغوبة منها، لا سيما وأن التعامل معها بات ثقافة عصر لا مناص من التكيُّف والتعايش معها، على نحو واعٍ ورشيد.
وإذا ما كان يتعذَّر التخلي عن استخدام الشبكة العنكبوتية، وبالتالي استحالة الحد من التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي فيها من الناحية الفعلية على ما يبدو، تحت وطأة قلق المستخدمين من أن يفوتهم شيء ما من معروضاتها، وتهافتهم على أن يكونوا على اتصال دائم بالإنترنت استجابة لهذا الدافع، وهروبًا من واقعهم الحقيقي المزعج، فإنه ليس هناك من خيار في هذه الحالة، سوى العمل على التعايش بوعي مع الحال، وتوعية المستخدمين لترشيد الاستخدام، لغرض الحد من ظاهرة الانغماس التام في الفضاء الرقمي، وتجنب الدخول إلى المواقع ذات المحتوى الهابط المسيء للقيم والأخلاق الحميدة، وتفادي حالة الإدمان على الوجود الدائم في واقعه الافتراضي الزائف، الذي يستهلك الوقت، ويهدر الإمكانات، ويستنزف الطاقات، ويشغل المؤمن عن العبادة، وذكر الله تعالى.