Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

الإسلام والفن


الإسلام والفن

 

هل الإسلام ضد الفن؟ حقيقة هذا سؤال لا نستطيع الإجابة عنه بشكل قطعي؛ لأن كل شيء في الحياة له جانب سلبي وجانب إيجابي، حتى الفن لو وُظِّف في أعمال الخير، والدعوة إلى الفضيلة، وإصلاح المجتمع، وتقديم رسالة تخدم الإنسانية، فعند من يعتقد أنه ضرورة عصرية ولا سبيل إلى منعه فلا بأس به؛ ولكن هل الرقص والعري وإثارة الغرائز الجنسية، والكلام الفاحش، ودغدغة مشاعر وشهوات الشباب فن؟! وما الفائدة منه، وأي رسالة تكون في ذلك؟!

 

الواقع يثبت أن للفن والتمثيل والرقص دورًا كبيرًا في إشاعة الفحشاء والرذيلة وفقدان الأمن المجتمعي، فالناس تكون غير آمنة؛ لأن بعض الشباب قد تحوَّل إلى قطيع من الذئاب يفتك بكل من تمرُّ من أمامه، والأمراض النفسية والجنسية وفقدان الثقة، والعلاقات العابرة، وعدم الرِّضا بما قدره الله تعالى لنا، وفقدان الهدوء الأسري، ومواكبة الموضة وأثرها الاقتصادي، والانحلال الخلقي، وفقدان الوازع الديني، وعدم تأنيب الضمير عند الوقوع في المعصية؛ لذلك قبل أن نحكم عليه دعونا نستعرض سلبيات هذا المسمى (فن) وللقارئ الكريم بعد ذلك أن يحكم بنفسه:

أولًا: التمثيل أو الرقص والغناء يقوم بإثارة الغريزة الجنسية، والإسلام حرَّم كلَّ ما مِنْ شأنه أن يُثيرَ هذه الغرائز؛ لدورها القوي في إفساد المجتمع والخروج به عن الفضيلة والعفاف والستر المأمور به، يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 30، 31].

 

ثانيًا: جعل المشاعر المحرَّمة والمفاهيم المغلوطة تُقبَل رويدًا رويدًا في المجتمع، وتُزيح القِيمَ الأخلاقية الفاضلة لتحتل وتأخذ مكانتها، فالفن في الوقت الحاضر له أثر كبير وخطير في تمييع القيم والمفاهيم، واضمحلال الأخلاق والمبادئ الاجتماعية، فأصبحنا نعيش في عصر اختلطت فيه قلة الشرف والحياء والعفاف بالتطور والتقدم والثقافة، وقلة الاحتشام والعري والوقاحة بقوة الشخصية والبطولة والأناقة والموضة وغير ذلك.

 

ثالثًا: تزيين المنكر، وتحلل المرأة من لباسها الشرعي وكشف جسدها، وهذا الأمر لم يعد مقتصرًا على الفنانة، فالفنان كذلك أصبح يعرض جسده سلعةً للحصول على المشاهدات الكثيرة، والكلام المحرم بين الرجل والمرأة والنظرات واللمسات والقُبَل، يقول تعالى: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]. ويقول تعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [الأحزاب: 32].

 

ويقول تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33].

 

رابعًا: عصيان أوامر الله سبحانه وتعالى، والتمرُّد والخروج عن طاعته، حتى لو لم يُرد الشخص ذلك فقد أصبح مدمنًا، ومن العسير عليه أن يتخلَّى عن هذا الإدمان؛ لأنه أصبح أسير هواه وتعلُّقه بهذا الفن وهذا النجم أو النجمة التلفزيونية: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124]، فمخالفة أوامر الله سبحانه وتعالى تُورثُ الشقاء والحيرة والقلق والشك، ويا لها من أمراض فتَّاكة وقاتلة ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].

 

خامسًا: صنع وتسويق القدوة والنموذج السيئ: فقد أصبح هؤلاء الفنانون والفنانات قدوةً للشباب في السلوك والتصرُّفات والمشي واللبس وطريقة التعامل مع الآخرين.

 

سادسًا: تزييف المشاعر: الفنانون يبيعون لنا الكلام اللطيف، والجمال، والحياة الخيالية؛ مما يجعل البعض يعيش في عالم غير واقعي ويسرح في الأحلام، ويبتعد عن الناس المحيطين به، ويُصدق ما يعرض عليه، ويحاول الحصول على هذه المتعة ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 224 – 227].

 

نعم المعصية جميلة؛ لأنها من عمل الشيطان الذي أقسم على إضلال بني آدم وهو من يُزيِّنها في أعيننا: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الحجر: 39]، إلا أن اتِّباع خطوات الشيطان يؤدي إلى الهلاك، قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: ((حُفَّتِ الجَنَّةُ بالمَكارِهِ، وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ))؛ (صحيح مسلم: ح 2822).

 

سابعًا: خراب البيوت: فالرجال والنساء في بحثٍ دائمٍ عن الحب، وعن الأناقة والجمال في الشريك، وهذا لا يتوفر في كثير من الأحيان بحكم ظروف الحياة؛ مما يؤدي بالبعض إلى الحصول على هذه الأشياء خارج إطار الحياة الزوجية، وربما يقع البعض في المحرمات، وتُصيبه الأمراض المخزية، ونحن نسمع في الآونة الأخيرة بظواهر غريبة طرأت على المجتمعات العربية المسلمة، وقد يكون سببها الإنتاج الكبير للأفلام والمسلسلات التي تُدغدغ مشاعر الشباب وتُزيِّن لهم المنكر، وتُسمِّي الأشياء والمشاعر المحرَّمة بغير مسمياتها، وهو من جهة غزو فكري، ومن جهة أخرى لتحقيق الأرباح وتحقيق نسب مشاهدة كبيرة يُستفاد منها العاملون في هذا المجال المربح تجاريًّا.

 

ثامنًا: استسهال واستحسان بعض العلاقات المحرمة: كل الأديان السماوية حتى اليهودية والمسيحية ترفض الاختلاط والإباحية، وتدعو إلى المحافظة على المرأة وحمايتها من كل ما يسيء لها، وتدعو إلى حماية المجتمع من أضرار الاختلاط وتحذر من الرذيلة، وتحرم الزنا وتعاقب عليه، وتحذر من الوقوع فيه ومن نتائجه وآثاره على المجتمع وعلى الأشخاص أنفسهم ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا [الفرقان: 68].

 

تاسعًا: تضييع الوقت ولحظات الحياة الثمينة: يجلس أكثر الناس ساعاتٍ طويلةً في مشاهدة هذه الأفلام والمسلسلات وهي لا تنتهي.. حلقة تجر إلى حلقة أخرى، ومسلسل يجر إلى آخر والعمر يمضي بسرعة، ثم يُفاجئنا الموت ونحن لم نحقق أي هدف غير اكتساب الذنوب، والله تعالى يقول: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 – 11].

 

عاشرًا: جذب الشباب إلى اهتمامات منحطَّة وتافهة لإشغالهم عن المصائب والمخاطر التي تتربَّص بالإسلام وأهله.

 

حادي عشر: والفن له أضرار على الفنانين والفنانات أنفسهم فيتعلَّق كثير من الفنانين والفنانات بعضهم ببعض بحكم قربهم وعملهم سويًّا فترات طويلة، وغالبًا هؤلاء يكونون مرتبطين مع شريك آخر إلا أنهم لا يستطيعون تخطي هذه المشاعر المؤقتة، فيقعون ضحيةً لها؛ لذلك نجد أغلب العاملين في هذا المجال لا يحظون بحياة عائلية مستقرة وسعيدة، ثم إن أغلب مَن تعمل في هذا المجال لا تحصل على فرصة للشهرة إلا إذا قدمت تنازلات، وما تقدُّمه لا رجعة عنه ولا عِوَض له، ونحن تربَّينا منذ الصغر على أن أي شيء مقابل الشرف قيمته صفر.

 

وهناك البعض من الممثلات أو الفنانات لا ترُدَّ يد الفنان الذي يلمسها، وهذا مخالف لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لأنْ يُطعَن في رأسِ أحدِكم بمخيطٍ من حديدٍ خيرٌ له مَن أنْ يمسَّ امرأةً لا تحلُّ له))؛ (المعجم الكبير للطبراني: 20 / 211 ـ 212)، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقالت أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها وعن صحابة رسول الله جميعًا: ((لا والله، ما مسَّت يدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأةٍ قَطُّ غير أنه بايعهن بالكلام، والله ما أخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا بما أمره الله يقول لهن إذا أخذ عليهن: قد بايعتكُنَّ كلامًا))؛ (البخاري، ح 5288، مسلم، ح 1866).

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كُتِب على ابنِ آدَمَ نصيبُه من الزِّنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينانِ زناهما النَّظَر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليدُ زناها البطش، والرجل زناها الخُطى، والقلب يهوى ويتمنَّى ويُصدِّق ذلك الفرجُ ويُكذِّبه))؛ (صحيح مسلم، ح 2657).

 

وبعد ذلك ماذا بقي من امرأة لا ترُدُّ يدَ لامسٍ وتفعل هذا أمام أنظار الناس بلا خجل ولا حياء، ليدخل هذا المشهد ملايين البيوت المليئة بشباب في سن حرجة، يصدقون ما يُعرَض عليهم، جاهلين ألاعيب الفن الذي يبيع هذه المشاهد مقابل المال الحرام، فتجارة الأفلام أصبحت تُدِرُّ ملايين الدولارات على أصحابها وهم يغتنون ويتملكون على حسابنا، إضافة إلى رواج تجارة مساحيق التجميل، ودور عرض الأزياء والمجوهرات، فما تلبسه الفنانة المفضلة ينفد من السوق بسرعة ويجد له الكثير من المعجبات اللاتي يردن الحصول عليه، حتى لو كان بأسعار خيالية، و(اللايكات) والاشتراكات والزيارات والمشاهدات لهذه المواقع التي تعود بالكثير على أصحابها.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى