Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

وفاة أبي طالب


وفاة أبي طالب

 

قال عليه الصلاة والسلام: ((ما نالت مني قريش ما أكرهه حتى مات أبو طالب))، مِن هذا يتبين مدى وقوف أبي طالب إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يعينه ويقف معه بقوة ضد إيذاء قريش.

 

كانت وفاة أبي طالب قبل الهجرة بثلاث سنين، هكذا ذكر ابن إسحاق، وبفقده خسر النبي صلى الله عليه وسلم عضدًا ونصيرًا، وتجرأ كفار قريش على إيذائه، فقد نثر أحد سفهاء قريش التراب على رأسه وهو ساجد، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته والتراب على رأسه، فقامت إحدى بناته تغسل عنه التراب وهي تبكي، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلة خائفة مما حدث أشفق عليها وطمأنها بكلماتها: ((لا تبكي يا بنيةُ؛ فإن الله مانع أباك)).

 

كما رُوي أن بعض الأشقياء كان يطرح في بُرْمَته – القِدر – الأذى ليلوث طعامه، فكان يخرجه على عود ثم يقول: ((يا بني عبد مناف، أي جوار هذا؟))، ثم يلقيه في الطريق، ويروي ابن إسحاق: أنه لما اشتد وجع أبي طالب قالت قريش بعضها لبعض: انطلقوا بنا إلى أبي طالب فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطه منا؛ فإنا والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا، فمشوا لأبي طالب وكلموه، فقالوا: يا أبا طالب، إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى، وتخوفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك، فادعه فخذ لنا منه، وخذ له منا؛ ليكف عنا ونكف عنه، وليدعنا وديننا، ولندعه ودينه، فبعث إليه أبو طالب فجاءه فقال: يا ابن أخي، هؤلاء أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليعطوك وليأخذوا منك، فقال عليه الصلاة والسلام: ((يا عم، كلمة واحدة تعطونها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم))، فقال أبو جهل: وأبيك وعشر كلمات، قال: ((تقولون: لا إله إلا الله، وتخلعون ما تعبدون من دونه))، فصفقوا بأيديهم، ثم قالوا: يا محمد، أتريد أن تجعل الآلهة إلهًا واحدًا؟ إن أمرك لعجب!

 

لقد صورت سورة “ص” هذا الموقف خير تصوير: ﴿ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ * كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ * وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ﴾ [ص: 1 – 6]، فاتفقوا على التمسك بدين آبائهم حتى يحكم الله بينهم وبينه، ثم تفرقوا، فقال أبو طالب: والله يا بن أخي، ما رأيتك سألتهم شططًا، فطمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلام عمه، فقال: ((أي عم، فأنت فقلها، أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة))، فقال أبو طالب: يا ابن أخي، والله لولا مخافة السبة عليك وعلى بني أبيك من بعدي وأن تظن قريش أني إنما قلتها جزعًا من الموت لقلتها، لا أقولها إلا لأسرك بها، وقبل أن يلفظ أنفاسه رآه العباس يحرك شفتيه فأصغى إليه، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا بن أخي، لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم أسمع))، ويستدل الشيعة بقول العباس بأن أبا طالب مات مسلمًا، وفي رواية ابن المسيب: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أبي طالب في مرض وفاته وعنده أبو جهل فقال: ((أي عم، قل: لا إله إلا الله، كلمةً أحاج لك بها عند الله))، فقال أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبدالمطلب؟ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر ما كلمهم به: على ملة عبدالمطلب، فحزن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: ((لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك))، لكن نزل من القُرْآن بهذا الشأن: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56]، وقال تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].

 

وفي صحيح مسلم: أن العباس قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أغنيت عن عمك؛ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: ((هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل))، وعن أبي سعيد: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذُكر عنده عمه، فقال: ((لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيُجعَلَ في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه، يغلي منه دماغه))، وعن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، منتعل نعلين من نار، يغلي منهما دماغه)).

 



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى