Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

حدق العيون شرح مختصر القدوري لعبد الله بن حسين بن حامد


حدق العيون شرح مختصر القدوري لعبد الله بن حسين بن حامد

 

صدر حديثًا كتاب “حدق العيون شرح مختصر القدوري“، تصنيف العلامة: “عبد الله بن حسين بن حسن بن حامد” (ت حدود سنة 900 هـ)، تحقيق: “عبد الحميد هاشم العيساوي“، نشر: “دار الفتح للدراسات والنشر“، “أروقة للنشر والتوزيع“.

 

 

وهذا الكتاب شرح ماتع على المتن المبارك في المذهب الحنفي، “متن القدوري“، والمعروف عند الحنفية بـ”الكتاب”. وشارحه هو أحد فقهاء الحنفية في زمن السلطنة العثمانية، وهو الشيخ عبد الله بن حسين بن حسن بن حامد، المتوفى في حدود سنة ٩٠٠ هجرية. وقد وضع شرحه هذا في نوبة السلطان بايزيد ابن محمد الفاتح رحمهما الله تعالى. والكتاب يُنشَرُ لأول مرة، وهو من ضمن سلسلة “ذخائر العهد العثماني” التي أطلقتها الدار منذ ثلاثة أعوام، وتوالي فيها نشر بدائع نتاج الفقهاء إبان الدولة العثمانية في عصرها الزاهر.


وقد جاء هذا الشرح بألفاظ مختصرة مجملة، وعبارات ظاهرة، تشتمل على كثير من المعاني والفوائد، وقد رتبه المصنف على الكتب والأبواب الفقهية، وذكر فيه الأقوال والآراء المختلف فيها داخل المذهب الحنفي، كما ذكر الراجح منها, مستدلًا على ذلك بالدليل من الكتاب والسنة وغيرهما.


ومختصر القدوري أجمع علماء المذهب الحنفي على اعتباره من المصادر المعتبَرة، والمتون المعتمَدة، حتى قال فيه التميمي: “نفع الله به خلقًا لا يحصَون“، وقال عنه اللكنوي: “كتاب مبارك متداول بين أيدي الطلبة“.


ونجد أن هذا المتن أحد أول وأهم الأعمال في هذا المجال، وقد ذاع صيته بين فقهاء المذهب الحنفي حتى أصبحوا يشيرون إليه ببساطة باسم الكتاب، وضعه الإمام القدوري، الذي كان شيخ الحنفية ورئيسًا لهم في زمانه، حيث أجمل في في هذا المختصر زبدة الفقه الحنفي وثمرته، وغالب رؤوس مسائله الفقهية، دون خوضٍ في الأدلة والمناقشات العلمية.


ولذلك فإن هذا المختصر فيه غنية عظمى وكفاية كبرى لمن أراد العلم والعمل، ومعرفة الحكم بسهولة ويسر.


وقد حوى هذا المختصر اثنتي عشرة ألف مسألة فقهية، تناولها الإمام القدوري بأوجز عبارة وأدق أسلوب. وقد قيل عن هذا المختصر: “لا غنية للمبتدي عن دراسته وقراءته. ولا مندوحة للمنتهي عن مراجعته ومطالعته”.


والقدوري (362 هـ – 428 هـ) هو أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان الفقيه الحنفي المعروف بالقُدُوري، انتهت إليه رياسة الحنفية بالعراق، ونسبته بضم القاف والدال المهملة وسكون الواو وبعدها راء مهملة إلى القدور التي هي جمع قدر، ولا يعرف سبب نسبته إليها وهكذا ذكره السمعاني في كتاب الأنساب، وقد كان حسن العبارة في النظر وسمع الحديث وروى عنه أبو بكر الخطيب صاحب التاريخ.


وصنف في مذهبه المختصر المشهور، وشرح “مختصر الكرخي”، و”التجريد” في مسائل الخلاف بين الحنفية والشافعية، و”التقريب الأول”، في المسائل الخلافية بين الإمام أبي حنيفة وأصحابه، و”التقريب الثاني”، مضمنًا فيه التقريب الأول (معالأدلة)، و”شرح أدب القاضي” لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي.


وكان يناظر الشيخ أبا حامد الإسفراييني الفقيه الشافعي، والقاضي أبي الطيب الطبري الشافعي. وكانت ولادته سنة اثنتين وستين وثلثمائة وتوفي يوم الأحد الخامس من رجب سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ببغداد، ودفن من يومه بداره في درب أبي خلف، ثم نقل إلى تربة في شارع المنصور، ودفن هناك بجنب أبي بكر الخوارزمي الفقيه الحنفي.


وقد بلغت الشروح والأعمال العلمية على هذا المختصر مبلغًا عظيمًا، حتى بلغت 122 عملًا جمعها الأستاذ المحقق د. “سائد بكداش” في المجلد الأول من تحقيقه لكتاب “اللباب شرح الكتاب”.


ومن ضمن تلك الشروح ذلك الشرح من أجل تقريبه حيث ذَكَر المؤلف سبب تأليفه للكتاب في مقدمته، وذلك يعود إلى أهمية علم الفقهالإسلامي من بين العلوم الإسلامية، وأنه قد صنفت في هذا العلم كتب كثيرة ومن أهمها مختصر القدوري، فأراد أن يشرحه شرحًا مناسبًا متوسطًا؛ وذلك لخدمة طلبة العلم الراغبين في حفظ المتون الفقهية وللتسهيل عليهم، وأفاد الإمام أنه لم يؤلف الكتاب إلا لهذه الغاية طالبًا الأجر من الله عز وجل، وأهدى كتابه هذا للسلطان بايزيد الثاني بن محمد الفاتح.


حيث قال في مقدمته:

“وسميته بحَدَقِّ العيون، وكان ذلك في نَوبة السلطان الأعظم، مالك رقاب الأمم، الملكِّ المنصورِّ سيفِّ الدنيا والدِّين، سلطانِّ الإسلام والمسلمين، سيدِّ الملوك والسلاطين، قامعِّ الكفَرة والمتمردين، أبو الفتح بايزيد بن محمد الغازي في سبيل الله لإعلاء كلمة الله..”.


وقسم المؤلف الكتاب إلى مقدمة ، وثمانية وخمسين كتابًا، وجعل تحت بعض من الكتب أبوابًا.


ونجد أن آراء المؤلِّفِّ العلمية ظاهرة في الكتاب مِّن تأييد، أو نقد، أو ترجيح، ويذكر المؤلف المذهبَ الشافعي في المسائل التي يخالف فيها المذهبَ الحنفي، ويبين ما إذا كان القول في القديم أو الجديد، ويذْكر الروايات عنه عند وجودها، أما عن المذهب المالكي فنادرًا ما كان يذكره، في حين أنه لم يذكر المذهب الحنبلي إطلاقًا، ويحَرِّر المؤلِّف محل النزاع إن استلزم الأمر ذلك.


ويوضح الاختلاف بين المصادر إن وجد، ويحاول التوفيق بينها، كما يبين الصحيحَ المختارَ من الأقوال، وقد عَرض المؤلِّف أدلة على مسائلَ فقهية ولكنه لم يولِّ الاستدلال أهمية كبيرة، وذلك لأن كتابه شرح موجَز، وليس من الشروحالمطولة.


والسمَة العامة لمنهج المؤلف في الكتاب هي الإيجاز، كما قال حاجي خليفة عندكلامه عن مختصر القدوري: ((ومن شروحه “حدَق العيون” في مجلدين، أبدع فيهمؤلفه، وهو شرح مختَصَر ممزوج)).

 

أما المؤلف فلا نعلم كثيرًا عن حياته، واسمه مختلف في صفته، وإن كان الأرجح أن اسمه عبد الأول بن حسين بن حسن بن حامد الرومي المعروف بابن أم ولد (ت. 950 هـ)، ولقِّب المولى عبد الأول بلقب: ابن أم ولد، وذلك نسبةً إلى والده المولى حسام الدين حسين فقد تزوج أم ولدِّ المولى فخر الدين العجمي؛ لذلك لقِّب بأم ولد، وقد لقِّبَ بهذا اللقب هو وولدها عبد الأول وعبد العزيز، وحفيده علي بن عبد العزيز.


عاش المؤلف في ظِّل الدولة العثمانية، وكانت فترة حياته في عصر التوسع والقوة بين النصف الثاني من القرن التاسع، والنصف الأول من القرن العاشر الهجري، حيث تَتَابع على الحكم في هذه الفترة أربعة سلاطين من سلاطين بني عثمان.


لم تَذكر كتب التراجم سنة ولادته ومكانها، إلا أنها ذكرت أنه توفي عن عمر يناهز المئة، وقد توفي سنة 950 هـ، وعلى هذا تكون ولادته بشكل تقريبي في الخمسينيات من القرن التاسع.


نشأ الإمام عبد الأول في زمن السلطان محمد الفاتح في بيئة علمية تربوية دينية تحيط به تحت عناية والده حسام الدين حسين بن حسن بن حامد، العالم الفاضل الصالح التقي، فقد كان منقطعًا عن الخلائق يصرف وقته في العلم والعبادة، وقد تزوج الإمام عبد الأول من ابنة شيخه ملا خسرو.


وقد تتلمذ الإمام عبد الأول على يد علماء عصره، إلا أن المصادر لم تَذكر إلا اسمين من أسمائهم: رئيس العلماء القاضي ملا خسرو، والمولى علاء الدين العربي.


وقد تولى الإمام عبد الأول منصب القضاء في سيليفري، ناحية من نواحي القسْطَنْطينية (إسطنبول في زمن السلطان محمد الفاتح، ثم انتقل بعدها وصار قاضيًا في عدة بلاد، لم تذكر كتب التراجم أسماءها، وكان قاضي الحنفية بتبريز.


كان للإمام عبد الأول مكانة علمية راقية في ذلك الوقت؛ إذ يقول المؤرخ طاشْ كبري زاده “وكانت له مشاركة في العلوم، وخاصة في الفقه والتفسير والحديث وعلوم القراءات واللغة والتصوف، وكانت أكثر المواضع من الكشاف محفوظة له، وكان في حفظه كثيرمن القصائد العربية، وله عليها حواش قيمة، مَن نظر فيها يعرف فضله في العلوم”، ووصفه بالتواضع.


ومن مؤلفاته:مختصر الكشاف” للإمام الزمخشري، و”حاشية على شرح الخبيصي للكافية“، و”فصول النجاة” في التصوف، و”كلمات على كتاب الدرر والغرر“.


وقد أصابه الكبر واختل عقله نهايات عمره، فاعتزل الناسَ ولًزم بيتَه في القسْطَنْطِّينِّية وسِّنه إذ ذاك قد ناهز المئة، وتوفِّي وهو على تلك الحال سنة 950 هـ، وذكرت بعض المراجع أنه توفي سنة 915 هـ.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى