الوافدون والإسهام في التنمية
الوافدون والإسهام في التنمية
ينبغي التوكيدُ – عند الحديث عن وضع الوافدين في منطقة الخليج العربي – أن الوافدين من العمال على مختلف مستوياتِهم إنما جاؤوا ليُسهموا في تنمية هذه الرقعة من العالم في وقت كانت الحاجةُ فيه إليهم قائمة، وأن مشروعاتِ التنمية المتسارِعة تطلَّبت هذا الإجراءَ في استقدام القوى العاملة، وأن المقابلَ المادي النظامي (القانوني) الذي يحصلون عليه لا يتفق بالضرورة مع الجُهدِ الذي يبذلونه؛ إذ إن أثرَ الجهود يبقى على مرِّ الزمن، أما المقابل فهو أجر عُرفي مشروع، غير قابل للمزايدة أو المِنَّة أو الأذى بالنقص أو التأجيل.
يُنظر إلى هذا الأجر على أنه أقل مما يستحقه العاملُ لقاءَ ما يقوم به من عمل، وعليه فلا بد من زيادة أجر العامل الوافد والمواطن، من خلال وضع حدٍّ أدنى للأجور بحسب المهن والمهن الفرعية في المهن نفسها، يتساوى في ذلك العاملُ الوافد والعامل المواطن، ويتساوى فيه الذكر والأنثى دون تمييز؛ تمشِّيًا مع اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وإعلان فيلادلفيا (1944م) من “تمكين الجميع من الحصول على قِسطٍ عادل من ثمرات التقدم، من حيث الأجور والمكاسب، وساعات العمل وغيرها من شروطه، ومن حيث توفير أجر يضمن حدًّا أدنى من المعاش لجميع المستخدمين والمحتاجين إلى هذه الحماية”[1]، وقد ضمِنت نُظُمُ العمل في منطقة الخليج العربية اقتراحَ الحد الأدنى للأجور، يرفعه وزير العمل إلى مجلس الوزراء لإقراره[2].
الوافدون بما قدموا للمجتمعات الخليجية التي عمِلوا بها حينًا من الدهر – يستحقون من أهل هذه المنطقة التقديرَ والشكر الجزيل، وليس من حقهم على أهل المنطقة أن تُغفَلَ جهودُهم عندما تتبنى مشروعات لتوطين الوظائف، فنغمِطَهم حقَّهم؛ ففي ذلك نكرانٌ للجهود التي بذلوها، وتهميش لمدى ما أسهموا به في تنمية بلدان المنطقة، ووصولها تنمويًّا إلى ما وصلت إليه.
لقد حصلوا غالبًا على مقابل خدمتهم وافيةً وغير كافية أحيانًا، ثم غادروا المنطقة وأبقوا على آثارهم، فبقيت شاهدًا على إسهاماتهم في تنمية المنطقة، واختلط عرقُهم بمؤشرات التنمية، وهذا جانب إنساني لا ينبغي التغافلُ عنه أو تجاهله في ضوء الاندفاع إلى توطين الوظائف والأعمال؛ إذ إن هذا الاندفاع أمْلَتْه الضرورةُ لا أي شعار آخر.
[1] انظر: عدنان خليل التلَّاوي، القانون الدولي للعمل – مرجع سابق – ص 416 – 435.
[2] نصت على ذلك مثلًا المادة التاسعة والثمانون (89) من نظام العمل السعودي الصادر سنة 1426هـ/ 2005م: “لمجلس الوزراء عند الاقتضاء – وبناءً على اقتراح الوزير – وضع حد أدنى للأجور”.