Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

العولمة والتأهيل


العولمة والتأهيل

تبعًا للوقفة السابقة، من المهم التوكيد – في ضوء هذا التسابُق المحموم نحو تبنِّي معطيات العولمة – أن الاستثمارَ الحقيقي في منطقة الخليج العربية على الخصوص، وفي غيرها كذلك، يكمن في الاستثمار في القوى البشرية، من حيث التعليمُ والتدريب والتأهيل، والتنشئة على حبِّ العمل واحترام بيئته قبل ذلك كله، وأنه مهما أنفقت الدولُ على هذا الاستثمار فإنها – في النهاية – هي الرابحة، والعكس صحيح.

 

يتطلَّب هذا التوكيد على هذا النوع من الاستثمار في خطط التنمية المرحلية التي لم تُغفِل ذلك ابتداءً، ولكن التوكيد على تطبيق ذلك وإبرازِه ضروري جدًّا في ضوء ما صدر من أدبيَّات تتحدث عن أُطروحات العولمة، وما خرجت به هذه الأطروحات من تصورات – وإن كانت عجلى – تُظهر أن هناك قدرًا من التغاضي عن الاستثمار في الموارد البشرية، ذلك التغاضي الذي يثير كثيرًا من التساؤلات حول مصير القوى البشرية إن لم تتدارك الدول الخليجية ذلك، وتُسارع في تكثيف استثماراتها في القوى البشرية المتنامية.

 

على أي حال، التوجهُ الدولي يسير نحو تشجيع التوسع في تدريب الموظفين والعاملين؛ إذ تُبيِّن بعضُ الدراسات أن مجملَ ما يُنفق على التدريب في مجال تقنية المعلومات (I،T.) فقط يصل إلى تسعة عشر مليار (19,000,000,000) دولار، بزيادة سنوية تصل إلى 11%[1].

 

يؤكد خبراءُ التأهيل أن البطالة تتضاءل أمام التأهيل والخبرة؛ إذ “تواجه كثيرٌ من الشركات صعوبةً في إيجاد المشتغلين المؤهلين الذين يُعوَّل عليهم في مجالات اختصاصهم، ولا يوجد بين صفوف الفئات المؤهلة و(الغالية) من العاملين عاطلون عن العمل بصورة عامَّة”[2].

 

الإحصاءات المُرفَقة، في هذه الوقفات، دليلٌ على ذلك، مما يتيح مجالًا واسعًا لاستشراف المستقبل والتخطيط في ضوء معطيات هذه الإحصائيات، تلك من الأسباب التي تُطالب بها الدولُ منفردةً من خلال مؤسساتها المعنيَّة بتنمية الموارد البشرية بالتعليم والتدريب والتأهيل، وتطالب بها مجتمعةً من خلال القرارات التي تتبنَّاها منظماتها الإقليمية والدولية.

 

إذا صحت توقُّعاتُ (سيار الجميل)، فإن العرب يمرُّون بامتحان يقوم على ضرورة توفير ثلاثين مليون (30,000,000) فرصة عمل بَدءًا من حلول عام 1426هـ/ 2005م، يتنافس عليها ما يزيد عن خمسين مليون (50,000,000) نسمة من القادمين العرب الجدد، من الشباب من الجنسين،(ذكر سيَّار الجميل الرقم هكذا “نصف بليون”)[3].

 

هذا يتطلَّب أن يكونَ تعليمُ الفرد العربي وتدريبه وتأهيله بما يمكِّنه من التنافس في سوق العمل، التي لن تعترفَ بالجنسيات، والتي أضحت لا ترحِّبُ بغير المؤهَّلين الراغبين في العمل والباحثين عنه، وعندما تتوافر هذه العناصرُ الثلاثة (التأهيل والرغبة والبحث)، فإن البطالةَ في هذه المنطقة ستكون محدودة جدًّا، وسيعود الحالُ إلى ما كان عليه من قبل من تزايدِ الطلب على العامل المحلي، والاستعاضة به عن العامل الوافد، بحيث تعود العَلاقة بين العامل المحلي والعامل الوافد إلى علاقة تكاملية، بدلًا من كونها الآن عَلاقةً تنافسية، للوافد فيها – غالبًا – السبق[4]، لا سيما أن دولَ منطقة الخليج العربية قد اتفقت على تناقلِ القُوى العاملة فيها، بحيث تُعدُّ القوى العاملة الخليجية داخلةً في مفهوم القوى العاملة الوطنية، وتُحسب ضمنها.


[1] انظر: محمد مقدادي، العولمة: رقاب كثيرة وسيف واحد، ط 2، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2002م، ص 256 – 258.

[2]انظر: نورمان فان شربنبرغ، فرص العولمة: الأقوياء سيزدادون قوة/ تعريب حسين عمران – الرياض: مكتبة العبيكان، 1423هـ/ 2002م – ص 180.

[3] انظر: سيَّار الجميل، العولمة والمستقبل – مرجع سابق – ص 119 – 120، ويظهر أنَّ هناك خطأً ما في هذه الأرقام، ولم يكتف المؤلِّف بالأرقام، بل كتبها: “نصف بليون نسمة من القادمين العرب الجدد في الجيل القادم، فماذا يتطلَّب ذلك كله؟” – ص 119 – 120.

[4] انظر: أحمد هاشم اليوشع، عولمة الاقتصاد الخليجي: قراءة للتجربة البحرينية – مرجع سابق – ص 75.



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى