سرية القردة
سرية القَرَدة
قادها زيد بن حارثة، والقردة قريبة من ذات عرق التي هي ميقات أهل العراق، وسبب هذه السرية أن صفوان بن أمية أراد أن يخرج في تجارة كعادته إلى الشام، ولكن شكا من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين قطعوا عليهم طريق التجارة إلى الشام من كل مسالكه البرية والساحلية، وقال صفوان: نحن أهل تجارة، وإذا قعدنا عنها أكلنا رؤوس أموالنا، فلا بد من العمل، ثم أرشدوه إلى فرات بن حيان العجلي، فهو خبير في طرق نجد شرقي المدينة، فتجهز صفوان وبعث معه كثير من رجال قريش أموالهم للتجارة، وانطلق في طريق مغاير بعيد عن سلطة المسلمين، ووصلت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل زيد بن حارثة على رأس مائة راكب، وفي منطقة القردة تم اعتراض القافلة وتم الاستيلاء عليها، ونجا معظم رجالها، ووقع في الأسر الدليل مع آخرين، وعرض عليه الإسلام ليخلص من القتل، فأسلم وأُخلي سبيله، كانت في جمادى الآخرة سنة ثلاث للهجرة.
مِن هذه السرية يتبين لنا مدى الحصار الذي أثر على تجارة قريش؛ حيث ضاقت ذرعًا بهذا الحصار الذي كاد يخنقها ويشل تجارتها، فليس لها من سبيل إلا الإذعان للإيمان أو الموت فقرًا، أو الحرب التي جربتها في بدر، ومع ذلك فقد لجأت لخيار الحرب لتبرهن أنها ما زالت قوية ولم يؤثر على قوتها ما نالها في غزوة بدر.