كتاب الأصنام لابن الكلبي تحقيق أحمد محمد عبيد
كتاب الأصنام لابن الكلبي تحقيق أحمد محمد عبيد
صدر حديثًا تحقيق جديد لكتاب “الأصنام”، تأليف: “هشام بن محمد الكلبي” (ت 204 هـ)، تحقيق: “أحمد محمد عبيد”، نشر: “دار ملامح للنشر والتوزيع”.
وهذا الكتاب يعد من ذخائر الأدب العربي، وأول كتاب ألف في هذا الموضوع في الإسلام. جمع فيه “ابن الكلبي” ما بقي من أشعار الجاهلية في الأصنام وما قيل فيها، بعدما انحسمت مادة الخوف من الرجوع إلى الشرك. وتبعته طائفة من الأدباء، فنسجوا على منواله كتبًا، لا نعرف غير أسمائها وكلام ابن النديم عنها في الفهرست، منها (كتاب الأصنام) للجاحظ، الذي رجع إليه الدميري في مادة (القرش)، و(كتاب الأصنام) لابن فضيل علي بن الحسين الفارسي.
وقد طبع كتاب ابن الكلبي لأول مرة في مصر عام 1914م بعناية “أحمد زكي باشا”، وكان في عداد الكتب المفقودة في القرون الأخيرة، حتى عثر عليه الشيخ “طاهر الجزائري” في يد أحد سماسرة المخطوطات، وحمله معه إلى مصر، فابتاعه منه أحمد زكي باشا، ليضمه إلى (المكتبة الزكية) التي وقفها على طلبة العلم بقبة الغوري في القاهرة. ولا يعرف للكتاب غير هذه النسخة في مكتبات العالم.
وبذلك يعد كتاب “الأصنام” لهشام بن محمد الكلبي هو السفر الوحيد الذي وصلنا مما أفرده العلماء لأصنام العرب ومعبوداتها، وهو كتاب شديد الأهمية بسبب اندثار الكتب الأخرى التي ألفت في بابه، ولأن مؤلفه هشام بن محمد الكلبي الذي كان أغزر علماء الأخبار تأليفًا حول الجاهلية وتاريخها، وقد انتشر كتاب الأصنام وتداوله عدد من العلماء بالقراءة والسند عن ابن الكلبي حيث قرئ عليه سنة إحدى ومائتين للهجرة قبل وفاته بثلاث سنوات، واستمر هذا السند حتى وصل إلى ابن الجواليقي في القرن السادس الهجري، وكان مصدرًا من مصادر ياقوت الحموي وابن قيم الجوزية وعبد القادر البغدادي الذي قال فيه وفي مؤلفه “وهو كتاب جيد في بابه، جمع فيه فأوعى”.
والكتاب يلخص جهدًا محمودًا لمصنفِه ابن الكلبي في تتبع حكايات أصنام العرب التي عبدوها قبل الإسلام، وهو تقييد كتابي يجمع الأخبار المتناثرة والشفاهية عن معبودات العرب.
قد كانت نسخ الكتاب نادرة الوجود حتى في عصر ياقوت الحموي، حيث يصف باهتمام نسخة منه وقعت إليه بخط الإمام الجواليقي، فأفرغ مادتها في معجم البلدان مفرقة في أماكن شتى، ومما يحكم بندرة الكتاب، أن نسخة الشيخ طاهر منقولة من هذه النسخة كما صرح ناسخها. قال أحمد زكي باشا: (ولقد اغتنمت فرصة وجودي بمؤتمر المستشرقين الدولي المنعقد في أبريل سنة 1912م بمدينة أثينة، رئيسًا للوفد المصري، فكاشفت العلماء بهذه الذخيرة، وقلت ما معناه: لا أود إظهار هذا الكتاب إلى الوجود، لأن الأستاذ نولدكه قال: بأنه لا يريد أن يموت حتى يرى كتاب الأصنام، وأنا أخشى أن يفي بوعده، ويحرمنا من ثمرات كده وجده).
ونجد أن هذا الإصدار الجديد للكتاب بتحقيق الأستاذ “أحمد محمد عبيد” من الإصدارات المميزة، حيث خص ابن الكلبي بفصل مسهب في كتابه: (في المصادر العربية) (ص49 – 78) عرف فيه بـ (68) كتابًا من آثار ابن الكلبي، وأتبعها (ص147) بمستدرك صنعه على كتاب (الأصنام) يضم التعريف بـ (14) صنمًا. وأفاد أن كتاب الأصنام قرئ على ابن الكلبي سنة (202هـ) قبل وفاته بسنتين، وأن هناك أخبارًا رويت عن ابن الكلبي في الأصنام، لم ترد في كتابه هذا.
وقد تقصى المحقق جهد ابن الكلبي في كتابه “الأصنام“، وعرَّفَ به، وجمع ما عثر عليه من نوادر علمية ونكت تحقيقية حول ابن الكلبي وجهوده العلمية التأريخية.
ومؤلف الكتاب هو هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبدود بن كنانة بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، كان من أسرة كلبية عريقة، ولد في مدينة الكوفة، ولا يعلم تاريخ ولادته، إلاّ أنه عاش في القرن الثاني للهجرة، وتوفي بالكوفة. وفيها كانت نشأته العلمية ودراسته على يد شيوخ عصره وفي مقدمتهم والده أبو النضر محمد ابن السائب الذي كان من رجالات الكوفة المعدودين، وكان عالمًا بالتفسير والأخبار وأيام العرب فضلًا عن أنه كان نسّابة راوية. وصنف كتابًا في “تفسير القرآن”. وتوفي سنة 146 هـ.
درس هشام على يد والده، كما درس على يد آخرين من فحول العلماء وأكابر الرواة المحققين مثل مجاهد بن سعيد ومحمد بن حبيب وغيرهما، وكان يزوره أبا يعقوب اليهودي وغيره من الأخباريين ويزودهم بأخبار أهل الكتاب، وكان هذا عُرف أهل الأخبار في ذاك الزمان فكانوا يتسابقون على التوراة وأهلها لينهلوا منها مادة كتبهم في الأخبار والأنساب، وكانت الكوفة والبصرة يومئذٍ من أهم مراكز العلم والتعليم يحجّ إليهما طلاب المعرفة والثقافة من كلّ حدبٍ وصوب.
بلغ هشام ابن الكلبي شهرة واسعة في مدينة الكوفة وغيرها من مدن العراق، وقدم بغداد وحدّث بها، وكان من أعلم الناس بعلم الأنساب وأوسعهم رواية لأخبار العرب وأيامها ووقائعها ومثالبها، وقد ورث ذلك عن أبيه. وكان – إلى ذلك – من أحفظ الناس. وقد حدّث عن نفسه فقال: “حفظت ما لم يحفظه أحد، ونسيت ما لم ينسه أحد. كان لي عم يعاتبني على حفظ القرآن، فدخلت بيتًا وحلفت أني لا أخرج منه حتى أحفظ القرآن، فحفظته في ثلاثة أيام، ونظرت يومًا في المرآة فقبضت على لحيتي لآخذ ما دون القبضة فأخذت ما فوق القبضة”.
يعتبره البعض المرجع الأوثق في علم الأنساب بينما يرى بعض أهل السنة في الأخذ من ابن الكلبي في الأنساب لا مانع منه، أما في الأمور الأخرى فيترك.
كان هشام مؤلفًا غزير التأليف تنوعت كتبه في الأنساب والأخبار والمآثر والمثالب والبلدان والشعراء والأيام قيل أنها جاوزت مائة وخمسين كتابًا منها:
• كتاب حلف عبد المطلب وخزاعة.
• كتاب حلف الفضول وقصة الغزال.
• كتاب حلف كلب وتميم.
• كتاب حلف أسلم وقريش.
• كتاب المعران.
• كتاب المنافرات.
• كتاب بيوتات قريش.
• كتاب فضائل قيس.
• كتاب عيلان.
• كتاب الموؤدات.
• كتاب بيوتات ربيعة.
• كتاب الكنى.
• كتاب مثالب العرب.
• كتاب النوافل (نوافل قريش، كنانة، أسد، تميم، قيس، إياد، ربيعة).
• كتاب ملوك الطوائف.
ذكر له ابن النديم في الفهرست ما يقرب من ثلاثين مصنفًا في الأخبار. ولابن السائب آثار عديدة في تاريخ الإسلام والبلدان، منها:
• كتاب التاريخ.
• كتاب تاريخ أجناد الخلفاء.
• كتاب صفات الخلفاء.
• كتاب المصلين.
• كتاب البلدان الكبير.
• كتاب البلدان الصغير.
• كتاب تسمية من بالحجاز من أحياء العرب.
• كتاب قسمة الأرضين.
• كتاب أسواق العرب.
• كتاب الأقاليم.
ومن آثاره الأخرى:
• جمهرة الأنساب.
• نسب الخيل.
• افتراق العرب.
• كتاب النسب الكبير.
• كتاب نسب اليمن.
• كتاب أمهات الخلفاء.
• كتاب أمهات النبي.
• كتاب تسمية ولد عبد المطلب.
• كتاب جمهرة الجمهرة (رواية ابن سعد).
• كتاب الملوكي في الأنساب، صنّفه لجعفر بن يحيى البرمكي.
• كتاب الموجز في النسب.