Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

تنصير أولاد الشوارع واستلهام تجربة الأندلس


تنصير أولاد الشوارع واستلهام تجربة الأندلس

 

لعوامل كثيرة معقدة ومتداخلة – منها الفقر المدقع، والقسوة البالغة، والتفكك الأسري، واليتم – نشأتْ ظاهرة أطفال الشوارع، ولو أخذنا نموذجًا دولة كمصر، نجد أن فيها ما يقرب من 2 مليون طفل لجأ للشارع واتخذه موطنًا للحياة بشكل كامل أو جزئي، هؤلاء الأطفال الذين هم ثمرة كل التعقيدات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ليس من السهل حل مشاكلهم التي تعقدت جدًّا هي الأخرى، فالتكلفة الاقتصادية لإيواء هؤلاء الأطفال باهظة، وحتى عندما تتوفر بعض أماكن الإيواء فإن الأطفال يهربون منها؛ نتيجة أن القائمين عليها غير قادرين على التعامل مع شخصية طفل الشارع الفوضوية والمليئة بالتجارب غير السارة، بل وبما فيها من خلل نفسي جرَّاء ما تعرضوا له من جرائم واستغلال، منها ما هو جنسي، ومنها المتعلق بالدمج في عصابات إجرامية للنشل والتسول والتعامل الدائم مع شخصيات إجرامية، حيث تصطبغ سلوكيات هؤلاء الأطفال بطبيعة المحيط بهم، فتصبح في الغالب نماذج مصغرة لهذه الشخصيات.

 

الزكاة هي الحل:

ما سبق ذكره من صعوبةِ وضعِ أطفال الشوارع ليس مبررًا ولا مسوغًا على الإطلاق أن نتجاهل القضية ولا نسعى لوضع حد لها، فعندما تحدَّث القرآن عن مصارف الزكاة قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]، وأطفال الشوارع فقراء ومساكين وأبناء سبيل.

 

ولنتأمل المصطلح الإسلامي “أبناء السبيل“؛ أي: كأن الطريق أو الشارع هو الأب وهو الأم اللذان يحتويان هؤلاء المشرَّدين، فإذا كانوا أبناء سبيل وأطفالاً، فالأمر بالتأكيد أكثر أهمية وأشد إلحاحًا، وإذا كان بعض الناس يرى أن ابن السبيل هو المسافر الذي انقطع ماله وهو في يسر في بلده، فأطفال الشوارع أسوأ؛ لأنهم بلا مال وبلا بلد وبلا مستقبل في أيِّ مكان.

 

ولكن الواقع يشهد تفاقم المشكلة وليس إيجاد حلول ملائمة، بدليل وجود الجيل الثاني من أبناء أبناء الشوارع، حيث التقى هؤلاء في أماكن تجمعهم (تحت الكباري ونحو ذلك) وأنجبوا أطفالاً، ومِن ثَم نشأ وترعرع هؤلاء الأطفال في الشارع – أيضًا – بلا بطاقات هوية، ولا تعاليم دينية أو مبادئ أو تعليم من أيِّ نوع.

 

زلزال التبني:

فوجئنا بخبر كالصاعقة، حيث تناقش الحكومة المصرية مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في مصر، ومنه بند يسمح للمسيحيين بالتبني، حيث ترجم هذا البند الأنبا بيشوي – المعروف بتعصبه – أن الكنيسة ستقوم بعملية تبنٍّ جماعية لأطفال الشوارع، حيث تستطيع الأديرة شاسعة المساحة أن تؤوي نحوًا من 700 ألف طفل، وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بتناقل الخبر وتحليله، وغلب على الصفحات الإسلامية التحذير والخوف والبحث عن حلٍّ ما قبل فوات الأوان، خاصة بعد ذكر شهود عيان أن بعض رجال الأعمال النصارى أنشأ بالفعل مبانيَ سكنية ضخمة لإيواء آلاف الأطفال تحت إشراف الكنيسة، بينما غلبت على المواقع المسيحية نفي التصريح والتشكيك في مصادره، أو الحديث أن التبني سيكون من المسيحيين فقط، وبعضهم تهكم ساخرًا من المسلمين الذين تركوا هؤلاء الأطفال كما الحيوانات، وبلا دين تقريبًا، ثم يصرخون الآن عندما فكرت الكنيسة في إيوائهم وتبنيهم.

 

قواعد التنصير:

وهنا لا بد من الالتفات لعدد من الأمور بالغة الأهمية:

أن التنصير جزء من العقيدة الراسخة للمسيحية المحرفة، كما جاء في آخر إنجيل متَّى: “فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس”.

 

أن معظم من تم النجاح في تنصيرهم كانوا أقل من 14 سنة، حيث يكون الإغراء بالمال والحياة الرغدة أحد أهم وأقوى الأسلحة، ويكفي وجبة طعام ساخنة، وملابس دافئة، وكلمات ظاهرها الرحمة؛ لتُحوِّل مشاعره، ومِن ثَم تحوله للعقيدة المدعو إليها، حيث لا يمتلك الشخص المدعو للنصرانية الكثير من الحجج والقواعد والأفكار للنقاش.

 

أن الكنيسة الإنجيلية تحديدًا نشطة جدًّا في هذا المجال، وتنفق بسخاء بالغ؛ لأنها ضمن منظومة عالمية، وهي منتشرة على مستوى العالم، وبالنسبة للأطفال تحديدًا فهي تقوم بما يشبه الاتجار في البشر، فهي تلتقط الأطفال من مناطق الحروب والنزاعات المسلحة وتقوم بتنصيرهم، ثم تُهجِّرهم أو تبيعهم للأسر الغربية التي تحتاج أطفالاً، وربما هي إستراتيجية بعيدة المدى لتجديد دماء الغرب العجوز الذي تنخفض فيه نسبة المواليد بشكل مطرد.

 

التنصير والهوية:

لكن الجديد في الخبر المتعلق بالكنيسة الأرثوذكسية المصرية هو أن الكنيسة القديمة التي صرح بعض رموزها الأقباط أنهم “أصل البلد وأن المسلمين حلوا ضيوفًا في بلدنا (مصر) واعتبرناهم إخواننا، كمان عايزين يحكمونا!” كما تم التلويح بـ”الاستشهاد” للحيلولة دون إخضاع الأديرة تحت رقابة الدولة أسوة بالمساجد، هذه الكنيسة التي يتزايد نفوذها السياسي بشكل مطرد ربما تستلهم وتضع نصبَ أعينها تجربةَ المسلمين والنصارى في الأندلس، وكيف عادت بلاد الأندلس لهويتها النصرانية بعد أن كان عدد النصارى فيها محدودًا، كما يتضح ذلك من متابعة المواقع المسيحية الشبابية ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، التي يتنبؤون فيها أن مصر ستكون الدولة الثانية بعد الأندلس التي ستعود لهويتها الدينية، ورغم كل الكلمات الدبلوماسية التي يصرح بها بعض قادتهم، إلا أننا لا بد أن نستشف هذه الأفكار والمشاعر من تصريحات المنتسبين للكنيسة دون شغل منصب رسمي يحاسبون عليه؛ كأقباط المهجر الذين تستخدمهم الكنيسة كذراع يمنى لها للضغط وتحقيق كل مآربها السياسية.

 

إذا نجحت الكنيسة المصرية في ضم هؤلاء الأطفال وتبنيهم، فالنتائج ستكون وخيمة جدًّا، فالأمر المفروغ منه أن هؤلاء الأطفال سوف يتنصرون ويضيفون وزنًا سكانيًّا لا يستهان به في معادلة الصراع على الهوية القائمة حاليًّا.

 

الأمر الأكثر خطورة أن هؤلاء الأطفال – نتيجة كل ما سبق وذكرناه عن طبيعتهم النفسية المشوشة – قد يكونون أداة سهلة لتأجيج الصراع الطائفي، ومزج العنف بالدين، واستخدام لغة القوة، وهي النزعة التي بدأت تستشري بين شباب المسيحيين، فما بالنا إذا أضيف له آلاف الأطفال الذين سيشبون عن الطوق وفي نفوسهم ثأر مجتمعي، ولعلهم يُحمِّلون المسلمين كل الآثار المؤلمة التي تعرضوا لها.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى