فتح مكة والخروج إلى مكة
فتح مكة والخروج إلى مكة
خالف القرشيون بنود صلح الحديبية؛ فقد استغلوا العداوة القائمة بين حلفائهم من بكر وبين خزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، وأتتهم الفرصة ليستغلوها في إشعال الحرب، فقد سمع رجل من خزاعة رجلًا من بكر ينشد شعرًا في هجاء النبي صلى الله عليه وسلم فضربه فشجَّه، فهاج الشر، فغذَّتْ قريش الخلاف، وحرَّضوا بني بكر على مهاجمة قبيلة خزاعة، وأمدُّوهم بالمال والسلاح والرجال الذين قاتَلوا معهم متخفين، منهم صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو، وقتلوا مِن خزاعة عددًا كبيرًا في مكان يسمى “الوتير”، ودخلت خزاعة الحرم فقاتلوها في الحرم منتهكين حرمته، فجاء شيخ خزاعة عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة ولقي النبي صلى الله عليه وسلم وشكا له ما صنعته بكر بدعم من قريش، وألقى أمامه قصيدة مؤثرة، منها:
فقتلونا ركعًا وسجَّدا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قد نُصرتَ يا عمرو بن سالم))، وكان بين خزاعة وعبدالمطلب حلف؛ فلهذا ذكَّر عمرٌو النبيَّ صلى الله عليه وسلم بهذا الحلف، ثم أتى بديل بن ورقاء مع وفد من خزاعة فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم غدر بكر بهم، فوعدهم النصرة، ثم عادوا، فقال عليه الصلاة والسلام: ((كأني بأبي سفيان قد جاء ليجدد العهد خوفًا ويزيد في المدة))، وكان كما قال عليه الصلاة والسلام، وقد رأى في الطريق بديل بن ورقاء وهو عائد من المدينة، فتأكَّد أنه شكا قريشًا للنبي صلى الله عليه وسلم، ووصل أبو سفيان إلى المدينة فنزل بادئ الأمر عند ابنته رملة، وأراد أن يجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم فسحبته من تحته، فقال لها: أرغبتِ به عني أم رغبتِ بي عنه؟ فقالت: إنه فراش رسول الله، وأنت مشرك نجس، فتعجب من أمر ابنته، وقال لها: لقد أصابك بعدي شرٌّ، ثم أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فكلمه وأراد زيادة المدة فلم يرد عليه شيئًا، فعرف أن خبر عدوانهم على خزاعة قد بلغه، وعليه أن يجد من يساعده على هذا الأمر، فإن قريشًا ليست في وضع يمكنها من تحمل حروب جديدة، فأتى أبا بكر فكلمه ليشفع له عند رسول الله، فقال: ما أنا بفاعل، ثم أتى عمرَ فكان جوابه أشد وأنكى، ثم أتى عليًّا وعنده فاطمة والحسن غلام، فكلمه في ذلك، فقال: لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر لا نستطيع أن نكلمه فيه، فقال لفاطمة: يا بنت محمد، هل لك أن تأمري ابنك هذا أن يجير بين الناس فيكون سيد العرب؟ فقالت: ما بلغ ابني أن يجير بين الناس، وما أحد يُجير على رسول الله، فالتفت إليَّ وقال: أرى الأمور قد اشتدت عليَّ فانصحني، قال علي: أنت سيد كنانة، فقم فأجر بين الناس والْحَق بأرضك، ففعل وعاد إلى مكة.
بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يستعد لغزو مكة، وقال: ((اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها))، لكن حاطب بن أبي بلتعة أرسل كتابًا إلى قريش يعلمهم بما عزم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتى الخبر من السماء بشأن حاطب، وأن الخطابَ مع امرأة من مزينة، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا والزبير ليُحضِرا الخطاب من المرأة، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها))، فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة، فقلنا لها: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي كتاب، فقلنا: لتخرجنَّ الكتاب أو لتلقينَّ الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة – إلى ناس من المشركين – يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا حاطب، ما هذا؟))، قال: يا رسول الله، لا تعجل عليَّ، إني كنت امرأ ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان مَن معك مِن المهاجرين لهم بها قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببتُ إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتَّخذ عندهم يدًا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادًا عن ديني، ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمَا إنه قد صدَقكم))، فقال عمرُ: دعني أضرِب عنقه فإنه نافَق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما يُدريك يا عمر؟ لعل الله اطَّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم))، ونزل في حق حاطب: {﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [الممتحنة: 1]، آية محكمة بليغة، وصفت حال الكفار وما اقترفوه ضد المسلمين وضد نبيهم من الإخراج من مكة، ثم خطاب المسلمين بعدم موالاتهم وتقديم المعلومات لهم، أو أي شيء يفيدهم ويقويهم علينا، وهذا في حق المحاربين للمسلمين، أما غير المحاربين الذين يودون التعامل مع المسلمين في التجارة وغيرها فلهم حُكمٌ غير هذا؛ ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].
بعد أن تجهز الجيش الذي بلغ عشرة آلاف مقاتل انطلق النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة بعد مضيِّ ثمانية أيام من رمضان، وقيل: عشرة أيام، سنة ثمان للهجرة، وكان الناس صيامًا؛ فعند البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: “أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدَمِه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون، حتى بلغ الكديد – ماء بين عسفان وقديد – أفطر وأفطروا”.
• انضم إلى الجيش الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، ولقيه العباس بن عبدالمطلب بالسقيا، وقيل: في ذي الحليفة، وكان قد خرج من مكة مهاجرًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنت آخر المهاجرين، وأنا آخر الأنبياء))، فأمره أن يرسل متاعه إلى المدينة ويعود معه ليشهد الفتح، وقد أصبح الجيش لما اقترب من مكة اثني عشر ألفًا.
– ولقيه في الطريق أبو سفيان بن الحارث – وهو ابن عمه – وعبدالله بن أمية، وهو ابن عمته وأخو أم سلمة، بثنية العقاب، فالتمسوا الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشفعت لهم أم سلمة، وقالت: ابن عمك وابن عمتك وصهرك، قال: ((لا حاجة لي بهما، أما ابن عمي فهتَك عِرضي، وكان شاعرًا، وأما ابن عمتي فهو الذي قال بمكة ما قال؛ قال: والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلمًا إلى السماء فتعرج فيه وأنا أنظر، ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله قد أرسلك))، فقال أبو سفيان – وكان معه ابنه صخر -: والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشًا وجوعًا، فرقَّ لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبَّلهما، فأدخلهما إليه فأسلما، وقيل: إن علي بن أبي طالب قال لأبي سفيان: ائتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قِبل وجهه، فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف: ﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 91]، فأتاه فقالها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92]، فأسلما وقرَّبهما، فأنشده أبو سفيان معتذرًا عما مضى:
فضرب النبيُّ صلى الله عليه وسلم صدره وقال: ((أنت مَن طردتني كل مطرد؟!)).
• انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مر الظهران، فأقام فيه، وراح الصحابة يجنون الكباث، وهو ثمر الأراك، قال عليه الصلاة والسلام: ((عليكم بالأسود منه؛ فإنه أطيب))، وفيها: أن أنس بن مالك ومجموعة معه طردوا أرنبًا بمر الظهران فأمسكها أنس، وذبحها أبو طلحة، فشوَوْها وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوركها وفخذيها، فقبِلها.
– داخَل الشكُّ أبا سفيان، فلم يكد ينام ليله، فخرج في تلك الليلة ومعه بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام مترقبين، فإذا بنيران كثيرة على البعد، فرابهم الأمر، وقال بديل: هذه خزاعة، فقال أبو سفيان: خزاعة أذلُّ وأقل، وركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتعدًا قليلًا عن العسكر؛ لعله يجد من يخبر قريشًا فيأتونه مستأمنين قبل أن يدخلها عليهم عَنوة، فتكون ذلة قريش مدى الدهر، وبينما هو في هذه الحالة إذا به يسمع حديث بديل مع أبي سفيان، فعرف صوته، فقال: أبا حنظلة؟ فرد أبو سفيان: أبو الفضل! قال: نعم، قال: ما لك فدى لك أبي وأمي – وكان صاحبه – قال العباس: ويحك يا أبا سفيان! هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فقال أبو سفيان: واصباح قريش، فما الحيلة؟ قال: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله فأستأمنه لك، فركب وعاد صاحباه، قال العباس: فجئت به كلما مررت بنار من نيران المسلمين، قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عليها قالوا: عمُّ رسول الله على بغلة رسول الله، حتى مررت بعمر، فقال: من هذا؟ وقام إليَّ، فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة، قال: أبو سفيان عدو الله، الحمد الله الذي أمكن منك من غير عقد ولا عهد، ثم خرج عمر يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وركض العباس البغلة فسبقه، ونزل العباس ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر وقال: هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني أضرب عنقه، قال العباس: إني قد أجرته، ولما أكثر عمرُ قال العباس: مهلًا يا عمر، فوالله لو كان من رجال بني عدي ما قلت هذا، ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبدمناف، فقال عمر: مهلًا يا عباس، فوالله لإسلامُك يومَ أسلمت كان أحب إليَّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وما ذاك إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذهب به يا عباس إلى رحلك، فإذا أصبحتَ فأتني به))، فبات عنده، وفي الصباح أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: ((ألم يأنِ لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله؟))، فقال: بأبي أنت وأمي، ما أحلَمَك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئًا بعد، قال: ((ألم يأنِ لك أن تعلم أني رسول الله؟))، قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلَمَك وأكرمك وأوصلك! أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئًا، فقال له العباس: ويحك! أسلِمْ واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله قبل أن تُضرب عنقُك، فشهِد شهادة الحق وأسلم، ثم قال العباس: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فاجعل له شيئًا، قال: ((نَعم، مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن))، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: ((احبِسْه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها))، ومر الجيش، المهاجرون والأنصار والقبائل الأخرى، فكان يقول: يا عباس، مَن هؤلاء؟ فيقول: سليم، فيُجيبه: ما لي ولسليم، ثم تمر قبيلة أخرى، فيقول: مَن هؤلاء؟ فيقول العباس: مزينة، فيقول: ما لي ولمزينة، حتى نفِدت القبائل، ما تمر قبيلة إلا سأل عنها، حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء وفيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، فقال: سبحان الله يا عباس، من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، قال: ما لأحد بهؤلاء من قِبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيمًا، قال العباس: يا أبا سفيان، إنها النبوة، قال: فنعم إذًا، قال العباس: قلت: النجاء إلى قومك، فلما جاءهم صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قِبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فقامت زوجه هند فأخذت بشاربه فقالت: اقتلوا الحميت الدسم الأحمس، قبح من طليعة قوم، فقال: ويلكم! لا تغرنكم هذه من أنفسكم؛ فإنه قد جاءكم ما لا قِبل لكم به، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، قالوا: قاتلك الله! وما تغني عنا دارك؟ قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم أو المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم رحيمًا بالناس وبأهل مكة، فلما ذكر له قول سعد بن عبادة: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل فيه الحرمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذب سعدٌ، بل هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة))، ونزع منه الراية، وأعطاها ابنه قيسًا، وقيل: أعطاها لعلي.
• دخَل عليه الصلاة والسلام مكة من أعلاها من كداء وعلى رأسه المغفر وقد طأطأ رأسه وهو على راحلته تواضعًا لله، حتى إن لحيته لتمس الرحل، وتحت المغفر عمامة سوداء من غير إحرام، وكان لواؤه أبيض، ورايته سوداء، تسمى العُقاب، وروي أنه لما دخل مكة وهو على ناقته كان يقرأ سورة الفتح ويرجِّع – يرفع صوته – وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء قريش تعترض الخيل ويلطمن وجوهها، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأل أبا بكر فقال: ((كيف قال حسان؟))، فأنشده:
عدمتُ بنيَّتي إن لم ترَوْها
تُثير النَّقْع موعدُها كداءُ
ينازِعْن الأعنَّة مسرجات
يلطِّمُهن بالخُمُر النساءُ
|
ولقي خالد بن الوليد مقاومة من بعض فرسان قريش الذين أبوا الاختباء لينالوا الأمان وهم بالخندمة، منهم عكرمة وصفوان وسهيل بن عمرو، فقاتلهم خالد، وقتَل منهم ثلاثة عشر رجلًا، وقُتل من المسلمين اثنان، وكان دخوله من أسفل مكة، وهذه أول مرة أمر فيها خالد بن الوليد.
• أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماء بعض من كانوا يؤذون المسلمين ونبي المسلمين، وذكر أنهم كانوا ثمانية رجال وأربع نسوة، فأصدر أمره بقتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة، منهم كعب بن زهير وعبدالله بن أبي السرح وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وعبدالله بن خطل، ومقيس بن صبابة وعبدالله بن الزبعرى، ومنهم وحشي قاتل حمزة، والنساء: هند بنت عتبة، وسارة مولاة عمرو بن عبدالمطلب، وقينتا – مغنيتا – عبدالله بن خطل.