Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

تساؤلات وإجابات مسافر من وحي الخبرة


تساؤلات وإجابات مسافر من وحي الخبرة

 

كم يكون السفر جميلًا ومريحًا، عندما تصحَبوا من تنهَلوا من صحبتهم مبادئَ وقِيَمًا وأخلاقًا، وسلوكًا إيجابيًّا؛ فيمضي وقت السفر والترويح عن النفس بالمباح، وأنت تكسب، وبصحبتهم راحة النفس، ونماء الفكر، وإضافة كل جديد ومفيد، من قِطاف ثمارهم اليانعة؛ فبُورِكَ فيهم من صحبة ورِفاق!

 

كنت في سفر إلى البوسنة عام (1444) مع بعض الرفاق؛ للترويح عن النفس بالمباح، وتغيير الأجواء، والاستفادة من الآخرين، التي حتمًا سيجدها كل باحث عنها، وما أجمل ما ذكره الإمام الشافعي رحمه الله في هذا المجال؛ قال:

تغرَّب عن الأوطان في طلب العلا
وسافِرْ ففي الأسفار خمسُ فوائد
تفريج همٍّ واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجدِ

 

فتبادل معي أحد الرفاق في مدينة موستار بالبوسنة (6/ 1/ 1444 – 4/ 8/ 2022) بعضَ التساؤلات للاستفادة، واستثمار الوقت، وللتنويع، فالوقت مع جماله يمضي بين مرح ونكت، وفائدة وطُرفة، ومنظر جميل، ونحو ذلك، فمن هذا الباب طَرَحَ هذه التساؤلات مع خبرته الواسعة والمتعددة؛ فهو قامة تدريبية وتربوية، لا يحتاج إلى إجابة عليها، فشكرتُ له حسن ظنه بأخيه، وحاولت أن أجيب عليها من وحي الخبرة، والتجارِب العملية في الحياة، فأطرحها هنا للقارئ؛ لعله يجد فيها بعض الفوائد، سائلًا الله لي ولكم التوفيق والسداد.

 

1 متى يعد القائد قويًّا؟

يكون القائد قويًّا إذا كان:

صاحب رؤية واضحة.

 

يتحمل المسؤولية قولًا وفعلًا.

 

أفعاله تصدِّق أقواله، بأن نجاحه من نجاح فريقه؛ فينسُب النجاح إذا تحقق لفريقه، كما ينسب الإخفاق إليه، قبل أن يوجِّه الإشارة إلى فريقه.

 

يحاور ويناقش، ويسمع ويسعد بالرأي المخالف؛ لأنه يجد فيه إضافة جديدة عن الآراء الموافقة له في الاتجاه.

 

يختار فريقه على قواعدَ وأسسٍ تنطلق من الشفافية والوضوح، وإبداء الرأي، والأخذ بالتصويت الصادق وليس المضلل.

 

ألَّا يُبديَ رأيه في موضوع إلا بعد التصويت، إن كان الرأي للتصويت.

 

يتصرف بحكمة وهدوء.

 

ألَّا يكون جبانًا.

 

ألَّا يكون محبًّا للكرسي “المنصب”، ولا يرى نفسه أعلى من الكرسي الذي يجلس عليه؛ لأن ذلك يؤثر فيه وفي قوته وقراراته، إيجابًا وسلبًا.

 

2 هل العمل مجال لتعارف واكتساب الإخوة، أم مجال لإنهاء بعض الإجراءات؟

العمل في الأصل أنه مكان لإنهاء بعض الإجراءات، ويمكن منه أن تنشأ رابطة من روابط الأخوة، إذا كانت هناك الاتجاهات متفقة، والهموم واحدة، والتطلعات متقاربة، وإلا فبمجرد أن ينتهي العمل بالتقاعد أو التحويل والنقل لمكان آخر، تنتهي تلك العلاقات؛ لأنها لم تكن في الأصل قائمة على روابط الأخوة ابتداءً، وإن ظهرت مؤقتًا لمصلحة العمل من الطرفين أو من أحدهما.

 

3 أيهما أفضل البيئة الفاعلة أم الناعمة أم العاطفية مع التبرير؟

حسب الحالة التي تستدعي، فربما تكون الفاعلة أفضل في حالة، وفي حالة أخرى الناعمة أو العاطفية؛ فالموقف والحالة هما يقرران التفضيل.

 

4 متى تغيَّر القناعات؟

إذا تغيرت القيم الموجِّهة للشخص إيجابًا أو سلبًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، فالتغير إيجابًا أو سلبًا يكون من الداخل ابتداءً، وعليه يكون تغير القناعات.

 

5 هل يسوِّغ الإنسان لنفسه بعرض cv للآخرين؟

نعم، إذا كان الأمر يستدعي فائدة ومصلحة راجحة، وكان هناك احتياج قائم؛ ولذا يوسف عليه السلام عرض ما يمتاز به على الملك فقال: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55].

 

6 متى يكون عملي مقنعًا؟

إذا كان ينطلق من قناعة ورضًا داخليٍّ، قبل أن يكون طاعة خارجية مجردة جوفاء، مسلوبة الروح.

 

وأختم هذا المقال بسؤال له علاقة بما تم طَرْحُه من تساؤلات من وجهة نظري، وإن لم يَرِدْ ضمن تلك التساؤلات، ولكن لاستكمال الفائدة البحثية في الموضوع، أختم به هنا:

 

7- متى يكون القائد مؤثرًا؟

يكون القائد مؤثرًا، عندما يكون له بصمة مميزة، وأثر في قيادته للمؤسسة أو المجال الذي يقوده، سواء كان ذلك المجال حكوميًّا، أو خيريًّا، أو أهليًّا، أو غير ذلك.

 

أن تكون وظيفته القيادية في الجانب الإداري واضحة للجميع، ومحددة مسبقًا؛ لتسير المنظمة أو المؤسسة على إجراءات واضحة لإنجاز العمل، وما يترتب عليه.

 

يهتم ببناء فريق العمل الواحد، ويسعى من خلاله لبناء قادة الصف الثاني، وتدريبهم وتمكينهم؛ ليكونوا قادة للمستقبل.

 

الإلمام بالمرجعية التي ينطلق منها، والتحاكم إليها؛ فمن جهِل مرجعيته في قيادة الإنسان وبنائه البناءَ المتكامل، فلن يهتدي للتعامل السَّوِيِّ مع النفس البشرية للأتباع أو فريق العمل.

 

أن يكون مجال التخطيط لديه جانبًا عمليًّا وليس نظريًّا، فمن كان مجال التخطيط لديه نظريًّا، وثقافة فكرية بحتة، أو كان ضعيفًا، أو لم يكن موجودًا لديه في الأصل – فلن ينجح في تحديد الإستراتيجية المناسبة لتسيير العمل وإنجاز المهام، بأقل تكلفة ووقت وجهد، مع جودة في المنجَزِ.

 

أن تكون مستهدفاته محددة وواضحة، ومؤشراته واقعية، وتنطلق من خط أساس مدروس وصحيح، فإذا لم يكن ما سبق مستهدفًا ومحددًا، وينطلق من خط أساس مدروس وصحيح، فكيف تكون مؤشراته وقراءاته واقعية؟ ومن ثَمَّ فكيف تكون تلك المؤشرات تطورية وتنموية لمؤسسته أو مجاله القيادي الذي يشغله؟

 

أن يكون محتواه القيادي ورؤيته وحلوله تتناغم مع موقعه القيادي الذي يشغله، فكيف يكون مؤثرًا في الآخرين؟ ومن لم يكن شجاعًا ومتَّزنًا في اتخاذ القرار، فإن كرسيَّه القيادي سيكون أكبر حجمًا منه، ومن ثَمَّ فسيكون رهينًا للبقاء له، وإن خسر نفسه وذاته جبنًا، فلن يقدم لنفسه ولا لغيره شيئًا، فكيف يحرك الآخرين ويؤثر فيهم؟

 

وأخيرًا، أن يكون حكيمًا؛ فلا يغلِّب جانبًا على جانب، فالحكمة: هي وضع الشيء في موضعه، وتنزيل الأمور في منازلها، فالإقدام في محل الإحجام تهوُّرٌ وطَيشٌ، والإحجام في موضع الإقدام جبن وخَورٌ، فإذا أدرك القائد ذلك جيدًا، عرف كيف يستخدم طاقاته وإمكانياته في البناء والتشييد، وتحقيق الطموحات والآمال لتلك المؤسسة أو ذلك المجال، فكُنْ قائدًا مؤثرًا؛ فالجميع سيرحل حتمًا ويبقى الأثر.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى