Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

العولمة وسوق القرية


العولمة وسوق القرية

 

قبل خمسين سنة، كان سوقُ القرية الخليجية يُدارُ بأيدي أهله، وهو سوق يتوسط القرية غالبًا، وفيه شُمُوليَّة في المعروض من مواد غذائية وصناعات أولية، تجلب إليه البضائع من المزارع والمراعي، ويستورد الضروريات من بعيد؛ أي: إن سوقَ القرية الخليجية كان في تلك الحِقبة مكتفيًا ذاتيًّا من القُوى العاملة المحلية، وكذا الحال كان في مزارع القرية ومراعيها، وصناعة الغوص والصيد فيها، يمارسُها المواطنُ الخليجي على اعتبار أنها مِهنٌ شريفة لائقة، هي سببُ رزقه لم تبدُرْ منه الأَنَفَةُ منها.

 

لم يمنع هذا الوضعُ بعضَ مواطني المنطقة من الهجرة إلى حواضر العالم العربي والإسلامي؛ طلبًا للرزق، فسافروا إلى الشام ومصرَ وشبه الجزيرة الهندية.

 

من المهم جدًّا التركيزُ في منطقة الخليج العربية، وفي سبيل تدريب القوى العاملة وتأهيلها – على عدم الاقتصار على التوظيف/ العمل لدى صاحب عمل “جاهز”، بل إنه من المؤكد التوجه إلى تحفيز العامل على أن يكونَ هو صاحبَ العمل، ويُوظِّف لديه آخرين، يتحولون بعد مدة من التدريب والخبرة إلى أصحاب عمل، وهكذا كانت الحالُ عليه حتى قبل قيام مراكز التدريب ومعاهد التأهيل، وهكذا ينبغي أن تكون الحال عليه ما دامت الفرصُ متاحة، لكنها مشغولةٌ الآن بغير المواطن.

 

أدى هذا الإجراءُ إلى لجوء الحكومات في منطقة الخليج العربية إلى دعم هذا التوجه، بحيث تمنح الحكومات قروضًا حسنة للطَّموحين من المواطنين؛ لإقامةِ مشروعاتٍ صغيرة في انطلاقتِها قابلة للنمو والتوسع، ومثال ذلك: تجرِبة بنوك التسليف الوطنية، والصناديق الداعمة للمشروعات الصغيرة بالقروض الحسنة، وغيرها مما يماثلها من المؤسسات المالية الأخرى.

 

مع ذلك، فإن هذا التوجه يتطلَّب تشجيعَ الناشئة الباحثين عن فرص عمل “على التخلي عن بعض الممارسات الموروثة السلبية تجاه الرغبة في التوظيف، وإشاعة روح المبادرة والرغبة في المخاطرة بتحمُّل مسؤولية العمل للحساب الخاص”[1].

 

كما يتطلب هذا التوجه المُحبَّب قدرًا من الحماية من لدن الدولة؛ بحيث تتوافر البيئةُ الجاذبة إلى هذا التوجه، ولا يشعر المتَّجِهُ إليه أنه “مُحارَبٌ” في مهنته من آخرين دخيلين عليها قد يكونون من الوافدين أنفسِهم، هذا بالإضافة إلى الوضوح التام في مسألة تحصيل هذه القروض التي تدور لتصل إلى مستثمر آخر، وهكذا.


[1] انظر: منظمة العمل العربية، العمالة العربية المهاجرة في ظل العولمة: التحديات والآفاق، تونس: مؤتمر العمل العربي، الدورة الثلاثون، 24 فبراير/ شباط – 3 مارس/ آذار 2003م، ص 91.



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى