العلاقة بين عالم الأفكار والواقع
العلاقة بين عالم الأفكار والواقع
إن عالم الأفكار مستوحًى تمامًا من عالمنا الواقعي، واستلهام ما يحتاجه من إمكانيات وتقنيات وغيرها؛ لخدمة المجتمع المدني والسياسي.
إن دراسة الواقع بعناية، والتدقيق في مجرياته، مستعينًا بفَهم التاريخ للأمم السابقة هي الوصول إلى عالم الأفكار الجديدة، وتمحيصها بقابليتها ومطابقتها للواقع.
إن الأفكار الجديدة التي تمثِّل صرحًا شامخًا في عالم التطور والارتقاء المعرفي ليست منظومة من الخيال، ولا تمتُّ للخيال بأي صلة، قد يظن البعض أن الأفكار الجديدة مستلهَمة من الخيال والتحليق بعيدًا عن الواقع، وهذا خطأ شائع بين الناس، ومغلوطة علمية في فَهم الناس حتى المثقفين.
إن عالم الخيال لا يعطي الصورة المناسبة للواقع، فضلًا عن تطبيقه في حياتنا، فهناك فرق شاسع بين واقعنا المعاصر والأفكار الجديدة الخيالية، فكل ما تمَّ تطبيقه من أفكار جديدة باعتقاد البعض أنها خيالية هي مستوحاة من تجارب حيَّة في الواقع مثل تجربة الطيران، كانت في بدايتها تجارب واقعية على أرض الواقع، حتى ارتقت إلى صنع الطائرة، وكذلك صنع النووي كان عبارة عن تجارب كيميائية موادها مستوحاة من الطبيعة في أرض الواقع، وتفاعلاتها الكيميائية الواقعية، أدى إلى صنع النووي.
يمكننا القول: إن الأفكار الخيالية هي موجودة في الواقع تحت مِظلَّة غامضة يكتشفها الخبراء، ويعدون جزئياتها لتكون موادَّ صالحةً في أرض الواقع؛ لتكون صرحًا علميًّا مرموقًا، يعتقده البعض من الخيال العلمي، وهو تقدم علمي واقعي نابعةٌ جذوره من الواقع.
غرضي من هذا المقال تسخير الجهود العلمية في كشف المزيد من الأفكار الجديدة التي لها صلة بالتقدم المجتمعي في أرض الواقع، والبحث عنها، وإجراء التجارب على جزئيات الواقع، ومعرفة مدى ملاءمتها للواقع من عدمه.
إننا في حظٍّ سعيد في هذا الزمان؛ حيث إننا موعودون باكتشافات علمية تسعى إلى راحة المجتمع وخدمته؛ حيث إن كل عناصر التميُّز والارتقاء موجودة ومتكاملة في عصرنا هذا، من مواد طبيعية، وتقنيات علمية، وخبراء فنيين متخصصين.
وقد ذكرت في كتابي الجديد “العبقرية في ميزان الإسلام” نقطة مهمة؛ وهي: أن كل تقدم علمي واكتشاف جديد يعتبر عبقرية فذَّة، حتى لو كان بسيطًا؛ لأن البعض يظن أن العبقرية تتمخَّض في الاكتشافات العظيمة، ونسيان الاكتشافات البسيطة التي أثَّرت في تقديم عَجَلَةِ العصر لاكتشافات عظيمة.
هذا المقال تنوير للبصائر وخدمة جليلة لإخواني الذين لهم اهتمام كبير، وهِمَّة عالية في الارتقاء المجتمعي على الصعيد الدعوي والخيري، فهو مقال دعويٌّ لاستلهام أفكار جديدة لخدمة ديننا الإسلامي، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، ونفع العالم بتقدمنا العلمي.
والله أسأل القبول لي ولكم في خدمة دينه، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.