متن أبو شجاع بنظم شرف الدين العمريطي
متن أبو شجاع بنظم شرف الدين العمريطي
صدر حديثًا كتاب “متن أبي شجاع“، للقاضي الشيخ أبي شجاع، أحمد بن الحسن بن أحمد الأصبهاني، ومعه نظم العمريطي المسمى بـ”نهاية التدريب في نظم غاية التقريب“، سلسلة تراثيات مضيئة، نشر: “دار كشيدة للنشر والتوزيع“.
وهذا الإصدار يتضمن ويجمع بين متن أبي شجاع ونظم العمريطي له، بصورة تتيح للدارسين متابعتهما معًا في كل فصل من فصول الكتاب، للاستفادة من مزايا العملين، فكما تميز متن أبي شجاع باختصاره وإيجازه، وتقريبه وتقسيمه، تميز نظم العمريطي بإحكام صياغته وسهولة قراءته، مع اشتماله على العديد من التقريرات والإضافات التي تجعله كالشرح للمتن..
ويعد متن أبي شجاع من أكثر متون الفقه الشافعي انتشارًا في مناطق العالم الإسلامي شافعية المذهب، وهو مقرر للتدريس في معظم مدارس العلوم الشرعية فيها. وقد انبرى الكثير من العلماء لخدمة هذا المتن، فكُتبت عليه العديد من الشروح والحواشي، كما قام البعض بنظمه في ثوب شعري، ومنهم العلامة الشيخ “شرف الدين العمريطي”.
ووسم أبو شجاع متنه بـ “متن الغاية والتقريب”، وأكثرَ في مؤلفه من التقسيمات وحصر الخصال لذلك حظى بالعناية التامة من ناظمٍ له وشارحٍ وموضحٍ عليه، وتُلقي بالقبول من علماء الشافعية.
يقول “أحمد بن الحسين الأصفهاني” في مقدمة كتابه:
“سألني بعض الأصدقاء حفظهم الله تعالى أن أعمل مختصرًا للفقه على مذهب الإمام الشافعي رحمة الله تعالى عليه ورضوانه، في غاية الاختصار ونهاية الإيجاز؛ ليقرب على المتعلم درسه، وعلى المبتديء حفظه، وأن أكثر فيه من التقسيمات، وحصر الخصال، فأجبته إلى ذلك”.
ويعرف هذا المتن لوجازته باسم (غاية الاختصار) أيضًا، وهو من أبدع ما صنف في مختصر الفقه، وأجمع ما فيه على مقدار حجمه، لذا قال بعضهم:
أيا من رام نفعًا مستمرًا
ليحظى بارتفاعٍ وانتفاعِ
تقرَّب للعلوم وكن شُّجاعًا
بتقريب الإمام أبي شُجاعِ
|
وهذا المتن مُهم جدًا لمن أراد أن يُحيط بمهمَّات المسائل والأحكام في كل أبواب الفقه، ويُقدَّم على كثيرٍ من المصنفات، لقوة عبارته في تأسيس فهم المسائل الفقهية بأسهل عبارة.
وفصول الكتاب الفقهية تجاوزت المئة بسبعة فصول، وستة عشر بابًا. وعدد مسائله تنيفُ على ثلاثة الآف مسألة، ونجد أن منهج الترجيح عند الشافعية: القول بالدليل الذي ليس له مُعارضة، واعتماد مذهب الشافعي الجديد إذا نَصَّ عليه. ويظهر هذا في كثيرٍ من مسائل المتن.
وقع القاضي أبو شجاع في بعض الأوهام الفقهية الاجتهادية وهي ستة مواضع: كراهة استدبار الشمس والقمر، والصحيح خلافه، وصلاة الجماعة سنة مؤكدة والصحيح أنها فرض كفاية، وإطالة الركوع دون السجود في صلاة الكسوف والخسوف، والصحيح إطالة السجود أيضًا. واشتراط اتحاد الحالب في زكاة الخليطين، والصحيح عدم اشتراط اتحاد الحالب.
واشتراط أن تكون الدراهم والدنانير مضروبة في شركة العنان، والصحيح عدم اشتراط ذلك، فيكفي أن تكون مثلية كالعملات اليوم. ووجوب حدَّ الزنى على من وقع على بهيمة، والصحيح أنه يُعزَّر.
أما أرجوزة شرف الدين العمريطي، فتتكون من 1200 بيت نظم فيها العمريطي مختصر أبي شجاع حيث جاء هذا النظم في غاية العذوبة والإتقان مما يجعل حفظه سهلًا للطالب.
وبالنسبة للمنظومة فلها ميزة على الأصل بأن ناظمها العمريطي متأخر عن النووي والرافعي بخلاف أبي شجاع، وعلى قولهما الفتوى – كما لا يخفى – فما كان من هذا العلامة إلا أن حذف الضعيف واستبدله بالمعتمد وقد يشير أو لا يشير لذلك في المتن، ولا ريب أن الطالب المبتدئ لا يكلف إلا بمعرفة المعتمد.
وصاحب المتن القاضي أبي شجاع الشافعي هو شهاب الدين أحمد ابن الحسين بن أحمد الطيب الاصفهانى فقيه من علماء الشافعية، اختلف في مولده ووفاته، قيل إنه من المُعمّرِين عاش 160 سنة، وذكر تلميذه أبو طاهر السِلفي أن شيخه أبا شجاع وُلدَ بالبصرة سنة 433 هـ، درس أبو شجاع المذهب الشافعي ما يزيد على أربعين سنة في مدارس البصرة، وقد انتقل آخر حياته إلى المدينة المنورة وعمل في خدمة الحرم النبوي حتى توفي عام 500 هـ.
قيل أنه تولى الوزارة سنة 447 هـ فنشر العدل والدين، وكات لا يخرج من بيته حتى يصلي، ويقرأ من القرآن ما أمكنه، ولا تأخذه في الحق لومة لائم، وكان له عشرة أنفار يفرقون على الناس الزكوات ويتحفونهم بالهبات، يصرف على يد الواحد منهم مئة وعشرين ألف دينار، فعم إنعامه الصالحين والأخيار، ثم زهد في الدنيا، وجاور بالمسجد النبوي.
وقد عاش القاضي مئة وستين سنة لم يختل له عضو من أعضائه، فقيل له في ذلك، فقال: ما عصيت الله بعضو منها، فلما حفظتها في الصغر عن معاصي الله، حفظها الله في الكبر.
أما الناظم فهو: يحيى بن نور الدين بن موسى بن رمضان بن عميرة، شرف الدين العمريطي.
• فقيه، أصولي، ناظم، شافعي، من العلماء.
• من قرية عمريط (بشرقية مصر).
• له ولع بالنظم، ومنظوماته رائقة بديعة الألفاظ كان يساعد بها الطلاب على تحصيل العلوم، ومنها: “تسهيل الطرقات في نظم الورقات” لإمام الحرمين في الأصول، و”الدرة البهية؛ نظم الآجرومية”، و”التيسير، نظم التحرير” في الفقه، و”نهاية التدريب في نظم غاية التقريب” لأبي شجاع الفشني.
• توفي رحمه الله في حدود سنة: تسعين وثمانمائة (890 هـ) – (1485 م)، وقيل: (988 هـ) – (1580 م).