Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

مقاصد النقد


مقاصد النقد

 

لا بد مِن تفهُّم المقاصد التي انطلق منها نقد الاستشراق من الناحيتين الإيجابية والسلبية، وإن ظهرت بعض المبالَغات في المدح أو القدح، إلا أنه يُمكن القول: إنَّ الغيرة على الدين في كل زمان، والعروبة في زمان الضخ القومي، كانتا هما القاسم المشترك بين الذين قلَّلوا من شأن الاستشراق، حتى أضحى نقد الاستشراق جزءًا من محاولات حماية الدين والعربية من الغزو الثقافي / الفكري، والدعوة إلى التغريب، أو “التغربن” كما يُسميه عبدالإله بلقزيز ويخطِّئ من يُسميه بالتغريب[1]، الذي تعرَّض له هذا الدين منذ قرون ماضية؛ بحيث تحوَّل النقد الإحيائي للاستشراق “إلى نقْد للتغريب والمتغربين في المجتمعات العربية، وبخاصة بعد تفاقم الصراع بين الإسلاميين والسلطات في السبعينيات والثمانينيات من القرن (الميلادي) الماضي”، كما يقول رضوان السيد[2].

 

لا ينفي هذا صفة الغيرة عند أولئك الذين رحبوا بالاستشراق منقذًا للفكر الإسلامي من النظرة التقليدية بزعمهم، كما رحَّب مَن قبلَهم بالاستعمار بزعمهم أنه منقذ للشعوب من التخلف والرجعية، وإنما المحك هنا عند هؤلاء وأولئك مع هذا الإخلاص المتوخَّى منهم هو في توخي الصواب في التعبير عن هذه الغيرة، وإن تحقَّق الإخلاص في غالب هذه الطروحات الفكرية، هذا مع عدم إغفال وقفات برزت في بعضها الانهزامية أمام المستشرقين، وظهرت على أخرى أزمة الثقة بالإسهامات الاستشراقية غير المنتمية، لا سيما فيما له علاقة مباشرة بالعلوم الإسلامية.

 

فريق ثالث سعى إلى التوسط وابتعد عن التعميم إيجابًا أو سلبًا، وأكَّد على أن المستشرقين ليسوا سواء[3]، فمنهم من أجحف في حق الفكر الإسلامي، والتاريخ الإسلامي، ومنهم من أسدى للعروبة والإسلام أجلَّ الخدمات[4].

 

بهذا تكون هناك ثلاثة مواقف في نقد الاستشراق: الموقف المنبهِر، القابل لما جاء به المستشرقون على إطلاقه، والموقف الرافض لكل إسهامات المستشرقين على إطلاقها، والموقف الثالث الذي راعى النظرة الوسطية، فأخذ وترك، من منطلق أن كلًا يؤخذ من كلامه ويردُّ إلا من عصم الله من الأنبياء والرسل[5]، ويستمر السجال في نقد الاستشراق، بين أطراف تبحث في الأصل عن الحكمة في التعاطي مع واقع فكري، لم يكن بالضرورة جديدًا في تاريخ الفكر الإسلامي.


[1] انظر: عبدالإله بلقزيز، العرب والحداثة: دراسة في مقالات الحداثيين، بيروت: مركز دراسة الوحدة العربية، 2007م، ص 31 – 32.

[2] انظر: رضوان السيد. نقد الاستشراق، الاجتهاد، ع 51 – 50 (صيف العام 1422هـ / 2001م). – ص 5 – 7.

[3] انظر: أحمد مُحمَّد جمال، المستشرقون ليسوا سواء، المنهل، مج 55 ع 471 (9 – 10 / 1409هـ، 4 – 5 / 1989م) – ص 218 – 221.

[4] انظر: عبدالوارث كبير، المستشرقون ليسوا كلهم أعداء للعروبة والإسلام فمنهم من أدَّى للعروبة والإسلام أجلَّ الخدمات، العربي، ع 102 (5 / 1967م.)، ص 144 – 145.

[5] انظر: علي بن إبراهيم النملة، مصادر المعلومات عن الاستشراق والمستشرقين: استقراء للمواقف، الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 1414هـ / 1993م، 55 ص.



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى