Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

سعيد بن زيد


سعيد بن زيد رضي الله عنه

الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا إله سواه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي اصطفاه واجتباه وهداه، صلى الله عليه وعلى آله، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فسعيد بن زيد هو أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من السابقين في الدخول إلى الإسلام؛ ولذلك أحببت أن أذكر بعضًا من سيرته المباركة حتى يستفيد منها طلاب العلم الكرام في حياتهم، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

التعريف بنسب سعيد بن زيد:

هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبدالعُزَّى بن رياح بن عدي بن كعب بن لؤي.

 

أم سعيد بن زيد هي: فاطمة بنت بعجة بن أمية بن خويلد بن خالد من خزاعة؛ [الطبقات الكبرى لابن سعد، ج: 3، ص: 289، 290].

 

سعيد بن زيد هو ابن عم عمر بن الخطاب؛ حيث يجتمعان معًا في نفيل بن عبدالعزى.

 

تزوج سعيد بن زيد فاطمة بنت الخطاب، أخت عمر بن الخطاب.

 

وتزوج عمر بن الخطاب عاتكة بنت زيد، أخت سعيد بن زيد؛ [أسد الغابة لابن الأثير، ج: 2، ص: 253].

 

أولاد سعيد بن زيد وبناته:

الله سبحانه وتعالى رزق سعيد بن زيد من الأولاد أربعة وثلاثين؛ من الذكور أربعة عشر، ومن الإناث عشرين؛ [الطبقات الكبرى لابن سعد، ج: 3، ص: 292].

 

إسلام سعيد وهجرته إلى المدينة:

روى ابن سعد عن يزيد بن رومان، قال: “أسلم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها”؛ [الطبقات الكبرى لابن سعد، ج: 3، ص: 292].

 

هاجر سعيد بن زيد إلى المدينة، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أُبِيِّ بن كعب؛ [أسد الغابة لابن الأثير، ج: 2، ص: 253].

 

أحاديث سعيد بن زيد:

روى سعيد بن زيد ثمانية وأربعين حديثًا، اتفقا له الشيخان على حديثين، وانفرد البخاري بثالث.

 

روى عن سعيد بن زيد عبدُالله بن عمر، وأبو الطفيل، وعمرو بن حريث، وزِرٌّ بن حبيش، وأبو عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وعبدالله بن ظالم، وأبو سلمة بن عبدالرحمن، وطائفة؛ [سير أعلام النبلاء للذهبي، ج: 1، ص: 125 و143].

 

جهاده في سبيل الله تعالى:

سعيد بن زيد لم يشهد غزوة بدرًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله مع طلحة بن عبيدالله في مهمة، قبل الغزوة.

 

روى ابن سعد عن حارثة الأنصاري: “لما تحيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصول عِيرِ قريش من الشام، بعث طلحة بن عبيدالله، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قبل خروجه من المدينة بعشر ليالٍ يتحسَّبان خبر العير، فخرجا حتى بلغا الحوراء، فلم يزالا مقيمَين هناك، حتى مرت بهما العير، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر قبل رجوع طلحة وسعيد إليه، فندب أصحابه وخرج يريد العير، فسارت عير قريش نحو الساحل، وأسرعت وساروا الليل والنهار فَرَقًا خوفًا من الطلبة، وخرج طلحة بن عبيدالله وسعيد بن زيد يريدان المدينة ليُخْبِرا رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر العير، ولم يعلما بخروجه، فقدِما المدينة في اليوم الذي لاقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النفير من قريش ببدر، فخرجا من المدينة يعترضان رسول الله، فلقياه منصرفًا من بدر، فلم يشهد طلحة وسعيد الوقعة، وضرب لهما رسول الله بسهامهما وأجورهما في بدر، فكانا كمن شهدها”؛ [الطبقات الكبرى لابن سعد، ج: 3، ص: 293، 292].

 

شهِد سعيد بن زيد غزوةَ أُحُد والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد معركة اليرموك، وفتح دمشق؛ [الإصابة لابن حجر العسقلاني، ج: 2، ص: 44].

 

الإسلام يدخل قلب عمر بن الخطاب في بيت سعيد:

روى ابن سعد عن أنس بن مالك قال: “خرج عمر بن الخطاب متقلِّدَ السيف، فلقِيَه رجل من بني زهرة، قال: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدًا، قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدًا؟ فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت – دخلتَ في دين محمد وتركت دينك الذي أنت عليه – قال الرجل: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن خَتَنَكَ – صهرك – سعيد بن زيد وأختَك قد صَبَوا وتركا دينك الذي أنت عليه، قال: فمشى عمر غاضبًا حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين، يُقال له خباب، فلما سمِع خباب حسَّ عمر توارى في البيت، فدخل عليهما، فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ قال: كانوا يقرؤون طه، فقالا: ما عدا حديثًا تحدثناه بيننا، قال: فلعلكما قد صبوتما، قال فقال له سعيد بن زيد: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على خَتَنِهِ فوَطِئه وطئًا شديدًا، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها، فنفحها بيده نفحة، فدَمِي وجهها، فقالت وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، فلما يئس عمر، قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأَه، وكان عمر يقرأ الكتب، فقالت أخته: إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون، فقُم فاغتسل أو توضأ، فقام عمر فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ: ﴿ طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى * وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 1 – 14] فقال عمر: دلوني على محمد، فلما سمع خباب قول عمر، خرج من البيت، فقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس: ((اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام))، ثم قال خباب: رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا – دار الأرقم بن أبي الأرقم – فانطلق عمر حتى أتى الدار، قال: وعلى باب الدار حمزة بن عبدالمطلب وطلحة بن عبيدالله، وأناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى حمزة خوفَ القوم من عمر قال حمزة: نعم، فهذا عمر، فإن يُرِدِ الله بعمر خيرًا يسلم ويتبع النبي صلى الله عليه و سلم، وإن يرد غير ذلك، يكن قتله علينا هينًا، قال: والنبي عليه السلام داخل يُوحَى إليه، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، فقال: أما أنت منتهيًا يا عمر، حتى يُنزِل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة، اللهم هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب، قال: فقال عمر: أشهد أنك رسول الله، فأسلم، وقال: اخرج يا رسول الله”؛ [الطبقات الكبرى لابن سعد، ج: 3، ص: 203، 202].

 

سعيد بن زيد من أهل الجنة:

روى الترمذي عن عبدالرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليٌّ في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبدالرحمن بن عوف في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة))؛ [حديث صحيح، صحيح سنن الترمذي للألباني، حديث: 2946].

 

إجابة دعاء سعيد بن زيد على من ظلمه:

روى مسلم عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أن أروى بنت أويس خاصَمَتْهُ في بعض داره، فقال: “دعوها وإياها؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أخذ شبرًا من الأرض بغير حقه طُوِّقَه في سبع أرضين يوم القيامة))، اللهم إن كانت كاذبةً، فأعْمِ بصرها، واجعل قبرها في دارها، قال: فرأيتها عمياء تلتمس الجُدُرَ، تقول: أصابتني دعوة سعيد بن زيد، فبينما هي تمشي في الدار مرَّت على بئر في الدار فوقعت فيها، فكانت قبرها”؛ [مسلم، حديث: 138].

 

والد سعيد على ملة نبي الله إبراهيم:

كان زيد بن عمرو بن نفيل والد سعيد يعبد الله تعالى على دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم.

1- روى البخاري عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لقِيَ زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح – اسم مكان – قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقُدِّمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سُفْرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكلُ مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذُكِرَ اسم الله عليه، وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماءَ، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله؛ إنكارًا لذلك، وإعظامًا له))؛ [البخاري، حديث: 3826].

 

2- روى البخاري عن ابن عمر أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشأم يسأل عن الدين ويتبعه، فلقِيَ عالمًا من اليهود، فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلِّي أن أدينَ دينكم، فأخبرني فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله، ولا أَحمِل من غضب الله شيئًا أبدًا، وأنَّى أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفًا، قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديًّا، ولا نصرانيًّا، ولا يعبد إلا الله، فخرج زيد فلقِيَ عالمًا من النصارى فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئًا أبدًا، وأنى أستطيع؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفًا، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديًّا، ولا نصرانيًّا، ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام، خرج، فلما برز رفع يديه، فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم))؛ [البخاري، حديث: 3827].

 

3- قال الليث بن سعد: “كتب إليَّ هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائمًا مسندًا ظهره إلى الكعبة، يقول: يا معاشر قريش، والله ما منكم على دين إبراهيم غيري، وكان يحيي الموؤودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيكها مؤونتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت، قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤونتها”؛ [البخاري، حديث: 3823].

 

عمر سعيد بن زيد عند وفاته:

توفيَ سعيد بن زيد رضي الله عنه بالعقيق – مكان قريب من المدينة – وقام بغسله سعد بن أبي وقاص، ثم حُمِلَ ودُفن بالمدينة، ونزل في حفرته سعد بن أبي وقاص وعبدالله بن عمر، وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين من الهجرة، وكان عُمْرُ سعيد بن زيد عند وفاته بضعًا وسبعين سنة؛ [الطبقات الكبرى لابن سعد، ج: 3، ص: 294].

 

ختامًا: أسأل الله تعالى بأسمائه الـحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم الكرام، وأرجو كل قارئ كريم أن يدعو الله سبحانه لي بالإخلاص، والتوفيق، والثبات على الحق، وحسن الخاتمة، فإن دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجابة؛ وأختم بقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

 

وآخر دعوانا أن الـحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا مـحمد، وآله، وأصحابه، والتابعين لـهم بإحسان إلى يوم الدين.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى