لا ترهق نفسك بتفسير كل ما تراه في نومك
لا ترهق نفسك بتفسير كل ما تراه في نومك
أكثر الناس لا يتذكرون شيئًا من أحلامهم معظم الأوقات عند الاستيقاظ من النوم في الصباح، وقليل منهم ما قد يتذكر بعض المقاطع القصيرة منها في حالات محدودة؛ كحصول حدث مشابه أمام أعينهم لِما كان في الحُلْمِ، وتزداد فرص التذكر إن كنت من فئة الأشخاص الذين يتقطَّع نومهم عدة مرات بالليلة الواحدة لأسباب صحية؛ مثل: مرض السكري، والحاجة الملحة للذهاب للحمام، وأيضًا لأسباب أخرى كثيرة، أو عند الاستسلام لغفوة قصيرة في النهار.
كما لا يخفى على أحد فعالم الأحلام بلا حدود زمانية أو مكانية، وأحيانًا لا يحكمه المنطق والقوانين السائدة في عالم الواقع؛ فقد تكون أحداث الحلم عادية مشابهة لِما يجري في عالمنا الحقيقي، وقد ترى في منامك العجب العُجاب مما يستحيل حدوثه في الواقع، وتقوم بأمور خارقة؛ كأن تجد نفسك قادرًا على أن تحلق في الفضاء، وعلى العكس من ذلك قد تشعر بأن أطرافك مشلولة وعاجزة عن التجاوب لإيقاف خطر داهم يحيق بك، حتى إنك تفقد القدرة على الكلام والصراخ لطلب العون دون سبب واضح، لكن الغريب أنه خلال الحلم حتى في هذه الأوضاع الخيالية تبدو الأحداث تسير بنسق منطقي مستساغ بالنسبة للنائم، مع أن الحلم أحيانًا يجتمع فيه الماضي بالحاضر، وتندمج الأماكن التي تفصلها المسافات الشاسعة، وقد يجتمع أشخاص لم يلتقوا قط في حياتهم في مكان وزمن محدد، أمواتًا كانوا أم أحياء يُرزَقون.
وعادة ما يتفاعل جسد النائم مع ما يستشعره من أحداث؛ فقد يكتنفه الشعور بسعادة غامرة بما يراه ويحس به، إن كان الحلم مبهجًا، ويرتسم ذلك على ملامحه، أو خلاف ذلك إن كان واقعًا تحت تأثير كابوس.
القاسم المشترك الذي يحوي كل هذه المتغيرات، القادر على افتعال مثل هذا السيناريو الخيالي الذي يتداخل فيه الزمان والمكان، وتتشابك الأحداث – هو العقل الباطن لصاحب الحلم الذي يختزن كمًّا هائلًا من المعلومات، تراكمت على مدى سنوات العمر، التي لا يتذكر العقل الواعي سوى جزء يسير للغاية منها، ويقوم الدماغ الواقع تحت سيطرة العقل الباطن أثناء النوم بتركيب ما نراه في أحلامنا من خطط عجيبة، ومسارات غريبة للأحداث التي يراها الشخص، وفقًا لعوامل وأسباب عديدة، أبرزها حالته النفسية، وما سبق تلك الليلة من أحداث ومقدار ونوعية ما تناوله من طعام قبيل ذهابه للفراش.
والخلاصة: أن معظم ما نراه في نومنا من أحلام هي من هذا النوع الذي تتداخل فيه الأحداث، فلا تعدو كونها أضغاثَ أحلام، الواجب ألَّا نرهق أنفسنا، ونزعج غيرنا بالحديث عنها، ناهيك عن عناء البحث عن تفسير لها، كما يحلو للبعض أن يفعل لكل شاردة أو واردة يتذكرها من أحلامه.