الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي في ذمة الله تعالى
العالم الرباني الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي في ذمة الله
الرئیس العام لدار العلوم التابعة لندوة العلماء بلكناؤ
خميس الواحد والعشرين من رمضان المبارك سنة 1444 ه استأثرتْ بأستاذنا سماحة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي رحمةُ الله، وقد ناهز التسعين من عمره المبارك.
بذهابه في هذه الأوقات المدلهمَّة، والأمة الإسلامية الهندية في حاجة أكثر وأسرع إلى الاستنارة من آرائه للخلاص من مخالب المفترسين – ذهب رُوَاء الحياة، وأظلمت الدنيا، وخيَّم اليأس على بعض الأفكار التي تعمل لصالح الأمة؛ فبموت العالم الرباني تذهب البركات، وتضيق الأرض على أهلها بما رحُبتْ.
الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله عاش ومات بقية السلف؛ حيث جمع بين صورة العلم وحقيقته، وبين أصالة العلماء المتقدمين، وحاجات العصر المتطور، وبين التصلب في الأصول والمبادئ، والمرونة في الفروع والوسائل، وبين التعليم والتربية، وبين الدعوة والحركة، وبين رهبة بالليل وفروسية بالنهار، في تأدية الأمانة، وتبليغ الرسالة، ونصح الأمة؛ فالذي يحتذي فقيدَنا رحمه الله يصبح خيرَ خَلَفٍ لخير سلف.
نشأ الشيخ في أسرة لحمُها وشحمُها عقيدة التوحيد النقيِّ، واتباع السُّنة، والجهاد في سبيل الله بالقلم واللسان والسنان، عبر العصور والدهور؛ فحياته كلها نموذج تطبيقي لهذا الصفات، يشهد لكلمتي هذه من كان له صلة بهذه الأسرة الكريمة وتاريخها وأبنائها الأماثل، وما قدمت من خدمتها في صورة حركة ندوة العلماء، وإنشاء دار العلوم التابعة لها.
وفي تكوين شخصية الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله أعطت يدُ التوفيق نصيبها الأوفر؛ حيث تجمعت لتربيته عواملُ قلما تجتمع للآخرين – وهذا من حكمة الله – ففي بيته أمها العالمة الفاضلة المثالية، والشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله خاله، الشيخ زكريا الكاندهلوي رحمه الله، وريحانة العصر الشيخ عبدالقادر الرائے بوري رحمه الله، والعالم المجاهد شيخ الإسلام والمسلمين حسين أحمد المدني رحمه الله، ثم تدريسه في ندوة العلماء، وتعيينه كمدير ورئيس لها، ثم كرئيس للهيئات والمنظمات والجمعيات، والقيام بالرحلات الدعوية والفكرية والعلمية؛ فقَادَ الأمة حقَّ القيادة، وراد ندوة العلماء حقَّ الريادة.
فقراءة متأنية في مسيرة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي تنير لنا – نحن العاملين – في مختلف مجالات الدين والعلم، والدعوة والحركة – أساليبَ الوصول إلى الحصول على نتائج نشاطاتنا، وبالعكس من ذلك تذهب حياة الشيخ بين بكاء وعزاء.
والله هو الموفق والمستعان.
غفر الله لأستاذنا وبركة عصرنا، وتقبل منه جهاده وجهوده، آمين.