شرح البيقونية للشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني
شرح البيقونية للشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني
صدر حديثًا كتاب “شرح البيقونية”، تأليف: العلامة الشيخ “محمد بن عبد الباقي الزرقاني” (ت 1112 هـ)، تقديم وتعليق: “محمد عبد اللطيف محمد الطيب”، سلسلة تراث الأزهريين، نشر: “دار كشيدة للنشر والتوزيع”.
وهذا الإصدار يتضمن ويجمع بين متن منظومة البيقوني في علم الحديث، وشرح شيخ المحدثين بمصر في زمانه العلامة “محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي” عليها.
وقد اشتهرت في علم الحديث العديد من المنظومات التي لاقت رواجًا وقبولًا بين أوساط المتعلمين، وتأتي المنظومة البيقونية ضمن أشهر مختصرات هذا العلم، وتعد لذلك من أفضل ما يبدأ به الطلاب في علم مصطلح الحديث.
وقد قام خاتمة المحدثين بالديار المصرية، العلامة الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي، بشرح هذه المنظومة شرحًا وافيًا، اشتمل على ما لا بد من معرفته لدارسي علم مصطلح الحديث، مع تعزيز الشرح بالعديد من الفوائد والشواهد الحديثية.
و“المنظومة البيقونية” للشيخ عمر أو طه بن محمد البيقوني المتوفي سنة (1080هـ) وهي منظومة من بحر الرجز تقع في (34) بيتًا كما ذكر المؤلف ذلك في آخرها بقوله:
فَوْقَ الثَّلاثِينَ بِأَرْبَعٍ أتَتْ
أَقْسَامُهَا، ثُمَّ بِخَيْرٍ خُتِمَتْ
|
وهي من المنظومات المختصرة الموجزة، بين فيها ناظمها شروط الحديث الصحيح، والحسن، والضعيف، والمرفوع والمقطوع والموقوف، والحديث المتصل والمسلسل، والحديث العزيز والمشهور، والحديث المعنعن والمهمل، والحديث المرسل، والحديث المقلوب، والعلة في الحديث، والحديث المضطرب، والمدرج، والمنكر، والمتروك والموضوع، كل ذلك في أبيات قلائل بأوجز عبارة وأيسرها.
وبعد أن ذكر ذلك يقول:
وَقَدْ أَتَتْ كالْجَوْهَرِ الْمَكْنُونِ
سَمَّيْتُهَا: “مَنْظُومَةَ الْبَيْقُونِي”
|
ولشهرة هذه المنظومة في علم الحديث توالت عليها الشروح والتعليقات، ومنهم هذا الشرح لخاتمة المحدثين في مصر الشيخ محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد شهاب الدين بن محمد بن علوان، الشهير بالزُّرقاني المصري الأزهري المالكي، أبو عبد الله (1055 هـ – 1122 هـ / 1645م – 1710م)، وهو محدث، فقيه، أصولي، من أعلام المذهب المالكي، ولد بالقاهرة سنة (1055 هـ) وتوفي بها سنة (1122 هـ)، ونسبته إلى زرقان قرية من قرى منوف بمصر. عده الشهاب المرجاني في وفيات الأسلاف من مجددي المائة الحادية عشر من المالكية. ويرى “عبد الحي الكتاني” إن آثاره الباقية تقف شاهدًا على تجديده وتبحره.
نشأ محمد بن عبد الباقي الزرقاني في جو علمي ابتداء من أسرته التي كانت أسرة علم، اشتهرت بذلك في الديار المصرية، عرفوا بالتأليف والتدريس ونشر أحكام الدين وأصوله. كان محمد بن عبد الباقي الزرقاني شغوفًا بالعلم والعلماء منذ صغر سنه، توجه صوب كتاب الله فحفظه ثم تعلم مبادئ اللغة والعبادة ثم انتقل إلى حلقات العلماء بالجامع الأزهر حيث المتون والشروح والأمهات في كل المجالات تدرس من طرف فطاحل العلماء.
قال عنه خير الدين الزركلي في الأعلام: “محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن علوان الزرقاني المصري الأزهري المالكي، أبو عبد الله: خاتمة المحدثين بالديار المصرية. مولده ووفاته بالقاهرة، ونسبته إلى زرقان (من قرى منوف بمصر) من كتبه (تلخيص المقاصد الحسنة) في الحديث، و(شرح البيقونية) في المصطلح، و(شرح المواهب اللدنية)، و(شرح موطأ الإمام مالك)، و(وصول الأماني) في الحديث.”
ومن مؤلفاته:
• شرح موطأ الإمام مالك سماه “أبهج المسالك بشرح موطأ الإمام مالك”، وهو شرح وسط بين الطول والقصر، وتعرض فيه لشرح متون الأحاديث من جهة اللغة، وأفاض في شرح المذاهب الفقهية، ولم يعن بالرجال ولا بتراجم الأبواب، وقد نال الكتاب حظًا موفورًا من الشهرة.
قال عنه محمد علوي المالكي: “فلا أظنّ أنّني مجانبٌ للواقعِ الصّادقِِ إن قلت: إنّ هذا الشّرح أحسن شروح الموطأ المتوسّطة، مفيدٌ لمن اقتصر عليه، وجيّدٌ لمن رجع إليه”.
• إشراق مصابيح السير المحمدية بمزج أسرار المواهب اللدنية: (شرح المواهب اللدنية بالمنح المحمدية للقسطلاني). قال سركيس: وهو شرح حافل جمع فيه أكثر الأحاديث المروية في شمائل المصطفى وسيره وصفاته الشريفة.
• شرح المنظومة البيقونية في علم مصطلح الحديث.
• مختصر المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة.
• وصول الأماني في الحديث.
أما الناظم فهو عمر (أو طه) بن محمد بن فتوح البيقوني الدمشقي الشافعي (توفي نحو 1080 هـ / نحو 1669 م) هو عالم بمصطلح الحديث. وهو صاحب “منظومة البيقوني” المشهورة في مصطلح الحديث. ولا يعرف الكثير عن البيقوني، حتى قال الزرقاني في آخر شرحه للمنظومة البيقونية: “ولم أقف له على اسم ولا ترجمة، ولا ما هو منسوب إليه”.
إلا أن عددًا من العلماء ذكروا أطرافًا من سيرته.
وزاد الأجهوري في حاشيته على شرح الزرقاني وذكر: “وجد بهامش نسخة عليها خط الناظم ما نصه: واسمه الشيخ عمر ابن الشيخ محمد بن فتوح الدمشقي الشافعي”.
وأضاف بدر الدين الحسني في آخر صفحة من شرحه للبيقونية المسمى بـ “الدرر البهية” ما نصه: “البيقوني توقَّف في هذه النسبة غالب من كتب هنا ورأيت لبعضهم أنها إلى “بيقون” قرية في إقليم أذربيجان بقرب الأكراد”.
من آثاره التي ذكرها الزركلي:
• “البيقونية” في مصطلح الحديث، وهي أشهر آثاره وشرحها محمد عثمان الميرغني وغيره.
• “فتح القادر المغيث”، ذكره الزركلي. وهناك كتاب آخر بنفس الاسم لأحد شروح البيقونية، ويُعتقد أن الزركلي نسبه خطأً للبيقوني.