نفير العلم
نفير العلم
أقام الأميُّون في جزيرة العرب لعقود من التيه يتخبطون في ظلمات الجاهلية، بلا كتاب هادٍ ولا رسول مُبلِّغ، ينشدون رشادهم عند إحدى الطوائف السماوية؛ اليهود أو النصارى، ويلتمسون عِزَّهم عند إحدى الأمم القوية؛ فارس أو الروم، إلى أن أشرق عليهم الوحي المنزَّل على خاتم المرسلين، فالتفُّوا حوله يتلقُّون مُحدثَه، ينهلون معانيه ويبلغونه من خلفهم، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك[1]، فكان الصحابة لا يفارقون الوحي، ولا يغادرون صاحبه، وقد نهاهم الله أن يتركوا رسوله صلى الله عليه وسلم وحده ولو للغزو، كيف والوحي ينزل عليه، فمِن متعلِّمٍ منه، ومن مُبلِّغ عنه؟! فقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122]، قال أبو جعفر الطبري (ت: 310هـ) في تأويله: نَهى بهذه الآية المؤمنين به أن يخرجوا في غزو وجهادٍ وغير ذلك من أمورهم، ويَدَعوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وحيدًا، فكان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا بنفسه لم يحلَّ لأحد من المسلمين أن يتخلَّف عنه، إلا أهل العُذْر، وكان إذا أقام فأسرت السرايا، لم يحلَّ لهم أن ينطلقوا إلا بإذنه، فكان الرجل إذا أسرى فنزل بعده قرآن، تلاه نبي الله على أصحابه القاعدين معه، فإذا رجعت السَّريَّة، قال لهم الذين أقاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله أنزل بعدكم على نبيِّه قرآنًا، وقد تعلَّمناه”، فيُقرئونهم ويُفقهونهم في الدين[2].
وكشف البقاعي (ت: 885هـ) عن ذلك المعنى اللطيف المستفاد من الآية؛ إذ الواجب أن يكون هناك ناسٌ لا ينفكُّون حافين بالنبي صلى الله عليه وسلم يلزمونه، ﴿ لِيَتَفَقَّهُوا ﴾؛ أي: ليكلف النافرون أنفسهم الفَهْم منه صلى الله عليه وسلم شيئًا فشيئًا ﴿ فِي الدِّينِ ﴾؛ أي: بما يسمعونه من أقواله، ويرونه من جميل أفعاله، ويصل إلى قلوبهم من مستنير أحواله، وهذا غاية الشرف للعلم؛ حيث جعل غاية الملازمة له صلى الله عليه وسلم للجهاد، هذا إن كان هو صلى الله عليه وسلم النافر في تلك الغزاة، وإن كان غيره كان ضمير ﴿ لِيَتَفَقَّهُوا ﴾ للباقين معه صلى الله عليه وسلم[3]، وهذا ما صرح الشافعي الإمام (ت 204هـ) في (الرسالة) بأنه مراد الآية، فقال فيها: فأخبر أن النفير على بعضهم دون بعض، وأن التَّفَقُّه إنما هو على بعض دون بعض[4].
ولا حَدَّ لهذا الواجب الديني التعليمي إلا تحقيق الكفاية، كما قال ابن عاشور (ت 1393هـ): ولذلك كانت هذه الآية أصلًا في وجوب طلب العلم على طائفة عظيمة من المسلمين وجوبًا على الكفاية؛ أي: على المقدار الكافي لتحصيل المقصد من ذلك الإيجاب، وأشعر نفي وجوب النَّفر على جميع المسلمين وإثبات إيجابه على طائفة من كل فرقة منهم بأن الذين يجب عليهم النفر ليسوا بأوفر عددًا من الذين يبقون للتفقُّه والإنذار، وأن ليست إحدى الحالتين بأولى من الأخرى على الإطلاق، فيُعلم أن ذلك منوط بمقدار الحاجة الداعية للنفر، وأن البقية باقية على الأصل، فعُلِم منه أن النفير إلى الجهاد يكون بمقدار ما يقتضيه حال العدو المغزو، وأن الذين يبقون للتفقُّه يبقون بأكثر ما يستطاع، وأن ذلك سواء[5].
فهذا الواجب تضطلع به الأمة بمجموعها، فإنه كفائي تأثم بالتقصير فيه؛ كالتفريط في إعداد كوادره، وتهيئة أسبابه، وتوفير أدواته، وتجهيز بيئته، يقول النووي (ت 676هـ): اعلم أن التعليم هو الأصل الذي به قِوام الدين، وبه يُؤمَن إمحاق العلم، فهو من أهم أمور الدين، وأعظم العبادات، وآكد فروض الكفايات[6]، وفيه ضمان بقاء نور الوحي وظهوره، والذي هو صلاح العالمين، ويترتب على خفوته خفاء السنن والضلال عن سبيل المؤمنين، فيحدث الانحراف، وتظهر البدع، ويقع الهلاك، كما أكَّد على ذلك ابن تيمية (ت 728هـ) كثيرًا في رسائله: فكلما ضعف من يقوم بنور النبوة قويت البدعة[7].
وغير الواجب الكفائي هناك واجبٌ آخر عيني على الأفراد، لا يصح إسلامهم بغيره، وهو الذي قال فيه الحليمي (ت 403هـ) في خبر النبي صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة: وهذا نصٌّ جليٌّ لا يحتاج إلى الكشف عن وجه دلالته، ثم قال: ويدل على وجوب طلب العلم من طريق المعنى، أن عبادة الله تعالى وإقامة فرائضه لا يمكن ولا يتهيَّأ إلا بعد العلم بما نهجه لعباده من وجوه التقرُّب إليه، فالعلم إن كان لا يقع للناس اتفاقًا ولا يعيه من غير طلب، بان أن طلبه واجب، والله أعلم[8].
ولعل عِظَم هذا الواجب دفع النبي صلى الله عليه وسلم لقطع خطبته ليُعلِّم أبا رفاعة دينَه؛ حيث قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأتى بكرسيٍّ، فقعد عليه، وجعل يُعلِّمني ممَّا علَّمَه الله، ثم أتى خطبته فأتمَّ آخرها[9]، قال القاضي عياض (ت 544هـ): فيه المبادرة إلى الواجبات؛ إذ سأل نبيَّه عن دينه، فلو تركه حتى يتم الخطبةَ والصلاةَ لعل المنية تخترمه؛ ولأن الإيمان على الفور[10].
وهذا القدر الواجب ينقسم لقسمين – وقد جمعته هنا من كلام لابن تيمية (ت 728هـ) -: فمنه:
(1) ما يتنوَّع بتنوُّع قدرهم ومعرفتهم وحاجتهم؛ فلا يجب على العاجز عن سماع بعض العلم أو عن فهم دقيقه ما يجب على القادر على ذلك، ويجب على من ملك نصاب الزكاة تعلُّم علمِ الزكاة، ولو كان له ما يحج به لوجب عليه تعلُّم علم الحج، وهكذا.
(2): ومنه ما يشترك فيه عموم المسلمين؛ كالعلم بوجوب الواجبات، كمباني الإسلام الخمس، وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة، وكالعلم بأن الله على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم، وأنه سميع بصير، وأن القرآن كلام الله، ونحو ذلك من القضايا الظاهرة المتواترة؛ ولهذا من جحد شيئًا منها كفر، وقد يكون الإقرار بالأحكام العملية أوجب من الإقرار بالقضايا القولية؛ بل هذا هو الغالب؛ فإن القضايا القولية يكفي فيها الإقرار بالجُمل؛ وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورُسُله والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، وأما الأعمال الواجبة: فلا بُدَّ من معرفتها على التفصيل؛ لأن العمل بها لا يمكن إلا بعد معرفتها مفصلة[11].
وأمَّا ما زاد على القدر الواجب من المستحب فلا حدَّ له؛ إذ هو متصل بمعاني الوحي التي لا تنضب، وبكلمات الله التي لا تنفد؛ ولذلك وجه الله نبيَّه لطلب الزيادة منه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، قال ابن حجر (ت 852هـ): وهو واضح الدلالة في فضل العلم؛ لأن الله تعالى لم يأمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم، والمراد بالعلم: العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته، والعلم بالله وصفاته، وما يجب له من القيام بأمره وتنزيهه عن النقائص، ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه[12]، فإن العلم إذا ما أُطلق في الشريعة فهو علم الدين، كما أكَّد على ذلك الحليمي (ت 403هـ) في (شعب الإيمان)[13]، وهذا التفسير للعلم بالدينيِّ مما تواتر عن أهل العلم[14]، فقال الطوفي (ت 716هـ) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومَن سلَكَ طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّلَ اللهُ له به طريقًا إلى الجنة))[15]: والعلم الذي يترتب على التماسه تسهيل طريق الجنة هو العلم الشرعي النافع بنية القربة والانتفاع، ونفع الناس به؛ كعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله ونحو ذلك، ثم قال: فإن قلت: قوله: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا))، عام في كل علم شرعي أو فلسفي، فَلِمَ خصَّصْتُموه بالعلم الشرعي؟ قلنا: بدليل قوله: ((سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة))، والعلوم التي يطلب بها الجنة ويُسهِّل بها طريقها هي الشرعية دون غيرها[16].
ولما كان شرف العلم من شرف المعلوم، كان علم الدين أشرف العلوم وأعلاها، قال الحليمي (ت 403): وأيضًا فإن فضل العلم بحسب فائدته وقدر عائدته؛ إذ كان العلم إنما يُراد لما يوصل به إليه، ولا شيء أعوَدُ على العاقل من معرفة الله تعالى بصفاته، ومعرفة ما يرضيه عنه ليأتيه، وما سخطه عليه ليجتنبه، فثبت أن أشرف المعلومات الدين، وأفضل العلوم وأهمها علم الدين[17]. وهذا الذي خُلِق من أجله الجن والإنس، وكان الموت والحياة، يقول ابن عبدالبر (ت 463هـ): علم الدين الذي هو أرفع العلوم وأعلاها، به يُطاع الله ويُعبد ويُشكر ويُحمد[18]؛ ولهذا يتفاضل الناس فيه، ويرتفعون في تبحُّرهم في معانيه، كما ذكر ابن تيمية (ت 728هـ): فمَن علم بما جاء به الرُّسُل، وآمن به إيمانًا مفصلًا، وعمل به، فهو أكمل إيمانًا وولايةً لله ممن لم يعلم ذلك مفصلًا ولم يعمل به؛ وكلاهما وليٌّ لله تعالى، والجنة درجات متفاضلة تفاضلًا عظيمًا وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم[19].
ولذا جاءت الفضائل الكثيرة والدعوة للمسارعة في طلبه وسلوك سُبُله، ولو استعرضنا وجوه فضله وشرفه وبيان عموم الحاجة إليه، وتوقف كمال العبد ونجاته في معاشه ومعاده عليه؛ لخرج المقال عن مقصده، وتكفي العودة لكلام ابن القيم (ت 751هـ) في (مِفْتاح دار السعادة)، فقد جمع فيه من تلك الوجوه، فجاءت على ما يزيد على مائة وخمسين وجهًا[20].
فيكفي من وجوه فضله وشرفه أن طلبه أفضل ما تقرَّب به العبد إلى الله بعد الفرائض، وقد روي ذلك عن أبي حنيفة وسفيان الثوري ومالك والشافعي ورواية عن أحمد[21]، ويكفي أن التفقُّه في الدين وتعلُّمه وتعليمه يعدل الجهاد؛ بل ربما يكون أفضل منه[22]، فقوام الدين -كما ذكر ابن القيم (ت 751هـ) – بالعلم والجهاد، ولهذا كان الجهاد نوعين:
(1) جهاد باليد والسنان، وهذا المشاركُ فيه كثير، (2) والثاني: الجهاد بالحجة والبيان، وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرُّسُل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته، وشدة مؤنته، وكثرة أعدائه، قال تعالى في سورة الفرقان وهي مكية: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا * فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 51، 52]، فهذا جهاد لهم بالقرآن، وهو أكبر الجهادين، وهو جهاد المنافقين أيضًا، فإن المنافقين لم يكونوا يقاتلون المسلمين؛ بل كانوا معهم في الظاهر، وربما كانوا يقاتلون عدوَّهم معهم، ومع هذا فقد قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التحريم: 9]، ومعلوم أن جهاد المنافقين بالحُجَّة والقرآن، والمقصود أن سبيل الله هي الجهاد وطلب العلم، ودعوة الخلق به إلى الله؛ ولهذا قال معاذ رضي الله عنه: عليكم بطلب العلم؛ فإن تعلُّمه لله خشية، ومدارسته عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد[23].
وأكد شيخه ابن تيمية (ت 728هـ) ذلك بقوله: وهو واجب عليهم- أي: العلم بالكتاب والحكمة -كما هم مخاطبون بالجهاد؛ بل وجوب ذلك أسبق وأوكد من وجوب الجهاد؛ فإنه أصل الجهاد، ولولاه لم يعرفوا علام يقاتلون؛ ولهذا كان قيام الرسول والمؤمنين بذلك قبل قيامهم بالجهاد، فالجهاد سنام الدين وفرعه وتمامه، وهذا أصله وأساسه وعموده ورأسه[24].
فعِلْمُ الدين على مراتب، منه:
(1) عينيٌّ على الجميع.
(2) كفائيٌّ على المجموع.
(3) مستحبٌّ للجميع.
وأمَّا ما سوى ذلك من علوم الدنيا فإنها تشترك مع علوم الشريعة في فرضها الكفائي الذي يُسد به الحاجة، وتقوم به الكفاية، وكذلك الشأن في الصناعات، وعُدّة القوة التي أمر الله بها في حدود الاستطاعة، فقال: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، فمن تصدَّى لسدِّ الحاجات وتحقيق الكفايات فاز بالثواب الجزيل، يقول إمام الحرمين (ت 478هـ): ثم الذي أراه أن القيام بما هو من فروض الكفايات أحرى بإحراز الدرجات، وأعلى في فنون القربات من فرائض الأعيان؛ فإن ما تعين على المتعبِّد المكلف، لو تركه ولم يقابل أمر الشارع فيه بالارتسام اختص المأثم به، ولو أقامه فهو المثاب، ولو فُرض تعطيل فرض من فروض الكفايات لعم المأثم على الكافة على اختلاف الرتب والدرجات، فالقائم به كافٍ نفسه وكافة المخاطبين الحرج والعقاب، وآملٌ أفضل الثواب، ولا يهون قدر من يحل محل المسلمين أجمعين في القيام لمهم من مهمات الدين[25].
نظرة في التاريخ: وقد كانت علوم الشريعة في الأُمَّة منذ البعثة وخلال عصور نهضتها – التى سادت فيها الأمم وقهرت الممالك – تحتل مرتبة الصدارة، وتعلو سُلَّم الاهتمام على مستوى المجتمع والدولة، ولنلق نظرة على الواقع التاريخي العلمي والتعليمي في الدولة المسلمة، منذ تتابع الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة، فتحلق حوله الأصحاب – بمسجده الذي أُسِّس على التقوى من أول يوم – يتدارسون علومه، ثم انتشروا في الأرض بعد انقطاعه، يُبلِّغون رسالته – بما فهموه وشاهدوه من الوحي – للتابعين، وعلى ذلك سار تابعو التابعين، وتابعوهم، وقد كانت الجوامع والمساجد أول معاهد في الإسلام، فبجانب أنها مكان للعبادة وأداء الشعائر كانت مكانًا للتدريس وتلقي العلوم، وذلك من خلال حلقات تُعقَد بها في مختلف فروع العلوم الإسلامية، فهناك حلقة للحديث، وحلقة لإقراء القرآن، وأخرى للنحو وعلوم العربية والأدب، ولكل حلقة شيخها وطلبتها المشتغلون بها، كما تعقد بها حلقات أخرى للوعظ والفتوى والمناظرة، ويتقاضى معلِّمو الحلقات رواتبَهم من الخليفة القائم على أمرها؛ بل تُعقَد بتوقيع منه، ويُعيّنُ لها الشيوخ، وأئمة الصلاة في الجوامع، وخطبائها بنفسه، كما كانت هناك الكتاتيب والمكاتب لتعليم الصغار، يدرسون فيها القرآن والعقيدة والكتابة والشعر وغيره من العلوم الشرعية المؤسَّسة، التي يترقى بعدها الصغار إلى حلقات المساجد بعد أن ينتهوا من تلك المرحلة[26].
وكان حجم الحلقة يختلف باختلاف العلم الذي يُلقى فيها، فكانت حلقات إملاء الحديث أكبر من غيرها، حيث يجتمع فيها الناس من مختلف المذاهب، ويحتاجها كل أصحاب العلوم، فيبلغ حضورها الألوف في بعض الأحيان، ويستعينون بالمستملين لتكرار النص؛ حيث لا يبلغ صوت الشيخ ذلك المدى[27]، ولربما بلغ عدد المستملين سبعة يُبلِّغ كل واحد منهم صاحبه الذي يليه[28].
ثم كانت الحاجة لاستقلال منشأة تعليمية لتقديم العلوم الفقهية، بعيدًا عن تزاحم الحلقات والتشغيب بينها والتشويش على المصلِّين والمتنسِّكين خاصة من تزايد عدد الطلاب والمتصدِّرين والمشتغلين[29]، وعلى رأس تلك العلوم؛ الفقه، الذي كان بمثابة دراسة للقانون الذي تحتكم له الأمة في ذلك الزمان، فكانت المدارس، وهي مما حدث في الإسلام، ولم تكن تعرف في زمن الصحابة ولا التابعين، وإنما حدث عملها بعد الأربعمائة من سني الهجرة[30]، وقيل: قبل ذلك[31].
وصار يتسابق لإنشائها الملوك والأمراء والسلاطين والوزراء وأزواجهن وبناتهن وأخواتهن من الخواتين والموسرين من التُّجَّار والقضاة، وأوقفوا على ذلك أوقافًا وافرة من الأموال والقُرى والضياع والبساتين والحوانيت والخانات والقاعات، محبسة على الفقهاء والمدرسين وعلى الطلبة المقيمين. فكانت تدرُّ المال عليها، وترغِّب الطلاب في التعلُّم بها، والشيوخ في التدريس، فلا يشغلهم أمر الدنيا وطلب المعاش[32]، وكانت هذه المسارعة منهم إلى الله، إدراكًا منهم لفضيلة ذلك العلم عنده، وتقديرًا لمكانة تلك الصروح في بناء الدولة ونهضتها، فقد كانت هذه المؤسسات بمثابة مدارس القانون التي يتخرج من خلالها رجال الدولة الذين يناط بهم تقلد المناصب وتولي المهام في دولة تُحكَم بالشريعة، فيتخرج منها الفقهاء والمفتون والقضاة والشهود، وكاتب العدل، ووكلاء المال وأمناء السر وغير ذلك من الوظائف والمهام المتطلبة لمعرفة تامة بالأحكام[33].
لقد انتشرت مدارس الفقه في العالم الإسلامي انتشارًا كبيرًا، يؤكد ذلك المدارس الكثيرة التي ذكرها المؤرخون في مؤلفاتهم ببغداد وواسط والبصرة والموصل والحلة، عند ابن الأثير وابن الساعي والفوطي، وفي مصر عند المقريزي في الخطط، ودمشق عند ابن كثير والنعيمي، وفي بلاد المغرب وشمال إفريقية ومدارس اليمن والحجاز وغيرها[34]، فقد كانت المدارس في بغداد منذ نشأتها أواسط القرن الرابع الهجري في ازدياد مستمر، حيث بلغت حين سقوط بغداد بيد المغول سنة 656 هـ 38 مدرسة، أنشئت لمذهب واحد من المذاهب الفقهية الأربعة، أو مشتركة بين مذهبين أو أربعة، بالإضافة إلى 18 دارَ حديثٍ، وكان في البلاد الإسلامية علاوة على المدارس المستقلة عددٌ لا يُحصى من دُور القرآن، ودور الحديث، وحلقات المساجد، وأماكن الدراسة الأخرى؛ كالكتاتيب، والربط، والزوايا، ومجالس المناظرة والوعظ والإملاء، وغير ذلك.
ويرشدنا كتاب النعيمي (ت 928هـ) (الدارس في تاريخ المدارس)، عن طبيعة المدارس في دمشق في الفترة ما بين 490 وحتى 892هـ، حيث تضمن معلومات عن 128 مدرسة فقهية للمذاهب السُّنِّيَّة الأربعة، 61 للشافعية و52 للحنفية و11 للحنابلة و4 للمالكية، كما يتضمن بيانات عن دور العلم الأخرى؛ كدور القرآن والحديث وكليات الطب والرباطات والزوايا والترب والمساجد، درس بها ما ينوف على ألف عالم، بينما ذكر المقريزي (ت 845هـ) في القاهرة ما يقرب من 75 مدرسة[35].
ومما يدل على عناية الدولة بهذا الشأن أن المدرسين بهذه المدارس كانوا يُعيَّنون بتوقيعات من الخلفاء والأمراء والسلاطين مباشرةً؛ بل كانوا يحضرون الدروس الافتتاحية بأنفسهم لهؤلاء المعيَّنين، فيما يُسمَّى بالدرس الافتتاحي، ويحضره المسؤولون وكبار الرجال في الدولة، وتُعقَد فيه مناظرة، ويتخلَّله منح المكافآت والعطايا للفقهاء والعلماء بعامة وكذلك الطلاب، ومنح أردية الشرف والخلع[36].
وبالنظر إلى برنامج الدراسة الفقهية لهذه المدارس نجده ينقسم إلى مستوى الدراسة الأولى والدراسة العالية، فكانت الأولى للمتفقِّه والأخرى للفقيه، وكان هذا اللقب الأخير مرادفًا للقب المفتي، الذي يمثل إعداده الهدف النهائي للتعليم المدرسي، وكان الطالب يبدأ دراسة الفقه في نحو الخامسة عشرة من عمره بعد الانتهاء من مرحلة تعليمية في المكتب والكتاب[37]، ثم يقضي عِدَّة سنوات طوال في الاشتغال بالفقه وعلومه – قُدِّرت بأربع سنوات – يعقبها فترة من الدراسات العليا تمتد لسنوات بين عشرة إلى عشرين[38]، وربما تخللها العمل كمفيد أو معيد أو متصدر، فإذا كُلِّل بالنجاح فإنه يتأهَّل لتولي أحد المناصب في مجال التدريس، الرسمي أو يتصدَّر للتدريس الحر، أو يتخرج كفقيه ممارس يتقلب بين الوظائف[39].
لقد كان التعليم الذي توفِّره معاهد العلم في الإسلام دينيًّا، وكان موجهًا نحو غايات دينية؛ وهي نجاة الإنسان وسعادته الأخروية، وإقامة حكم الله في الأرض غير أنه لم يكن التعليم الوحيد المتاح؛ بل كانت تدرس علوم الفلسفة والكلام والرياضيات والطب والعلوم الطبيعية، وهي ما يطلق عليها علوم الأوائل، فكانت تدرس خارج المعاهد الإسلامية في منازل المدرسين أو المستشفيات أو معاهد العلم الأخرى على نطاق ضيق[40]، فقد كانت العلوم الفقهية فوق جميع العلوم، وكان مدرس الفقه متميزًا عمَّن عداه من أعضاء هيئة التدريس، وراتبه الأعلى بينهم، وكانت جميع الوظائف الأخرى في المدارس تابعةً له؛ لأنه وحده المفسِّر للشرع، بما تأهَّل له من دراسة العلوم الأخرى، تقام لأجله المآدب وتخلع عليه الخلع[41]، وتعقد لهم المناظرات في المناسبات الرسمية والمحافل بحضور السلاطين والولاة ويحضرها جمهور غفير، ويواظب عليها الفقهاء صغيرهم وكبيرهم، فكانت هذه ميادين المبارزة عندهم.
وبعد الفقه في الأهمية تأتي العلوم الخادمة له؛ كعلوم الحديث والقرآن واللغة والنحو والآداب والتاريخ، ونحوها، فإنها علوم مساعدة خادمة للفقه، وقد ارتفعت مرتبة هذه العلوم مع تأسيس مدارس مستقلة خاصة بها، كدور الحديث – التي كان أول تأسيس لها على يد نور الدين زنكي سنة 569ه[42] – وكذلك دُور القرآن التي كان أول تأسيس لها بدمشق وهي دار القرآن (الرشائية) في حدود الأربعمائة[43].
ثم تأتي العلوم غير الشرعية؛ كعلم الكلام والفلسفة والطب والفلك والصناعات ونحوها، والتي تدرس بالمكتبات أو ما يُسمَّى وقتها ببيت الحكمة أو دار العلم، والتي تجمع فيها الكتب على اختلاف مشاربها، ويلتقي فيها المهتمون بتلك العلوم، وتعقد فيها لقاءات المناظرة والمناقشات. وكان الطب يدرس بجوار ذلك في البيمارستان، وهو المشفى في ذلك الزمان[44]، كما بالبيمارستان (العضدي) ببغداد، أو يدرس بشكل شخصي في دور الأطباء، وكانت أول مدرسة للطب من تأسيس مهذب الدين الملقب بالدخوار سنة 565هـ؛ أي: بعد ظهور مدارس الفقه بقرنين من الزمان، ثم أنشئت مدارس للطب في بقاع أخرى؛ كالبصرة ودمشق بعد ذلك. ثم كان أول التحاق لها بباقي المدارس في زمن المستنصر سنة 631هـ حيث جمع المدارس الشرعية مع غيرها. فكانت مدرسة الفقه ودار الحديث ودار القرآن ومدرسة الطب في مكان واحد، ولم يذكر النعيمي ت 928هـ في كتابه للطب سوى ثلاث مدارس (الدخوارية)، و(الدنيسرية)، و(اللبودية).
وكان من ثمرات ذلك النشاط الديني حركة التأليف الواسعة في العلوم الشرعية؛ إذ كانت مرتبطة بعملية التدريس ونتاج مباشر لها،ويؤكد ذلك التحليل الإحصائي للإنتاج الفكري الذي حصره ابن النديم حتى سنة 377هـ في كتابه (الفهرست)، حيث أظهر أن العلوم الإسلامية حظيت بالنصيب الأكبر منها، وقاربت النصف من مجموع ذلك الإنتاج؛ بل ربما جاوزته، إذا أضيفت معها فروع العلوم المساعدة[45].
ولسنا بهذا العرض التاريخي نغضُّ من منزلة العلوم الدنيوية أو نقلل من حاجة الأُمَّة الماسَّة لها، أو نُهمِّش من إسهامات المسلمين في مضمارها، كيف وكتابات المنصفِين من المستشرقين تشهد بذلك، ولكنَّا نشير للجانب الآخر من الحياة التعليمية الدينية في عصور النهضة الإسلامية، ونلفت الانتباه للوزن النسبي الذي شغلته علوم الشريعة في تلك الحقبة، والتي لا يتطرق لها الباحثون للأسف عادةً؛ لكن ينصب بحثهم على العلوم الدنيوية التطبيقية والآلات والمكتشفات الطبيعية، إرضاءً لنهم الغرب المادي، وبحثًا عن موطئ قدم لها في زمن لا يعترف إلا بالمادة، وتخلصًا من عبء الهزيمة النفسية التي يزح فيها البعض، ولا يرى غيرها أملًا في التقدم[46].
لقد حفظ التاريخ لنا نماذج كثيرة من العلماء الذين جمعوا بين التخصُّص في علم الدين وعلم الدنيا، والجدير بالذكر أن المشتغلين بعلوم الدنيا في تلك الأزمنة كانت لهم سابقة إلمام جيدة بمبادئ العلوم الشرعية، وذلك من خلال المكاتب المجانية المنتشرة في ربوع العالم الإسلامي منذ القرن الأول الهجري، والتي يتلقَّى فيها الصغار علوم الشريعة، فيدرسون فيها القرآن وعلوم العربية والأدب والكتابة حتى سِنِّ الخامسة عشرة، ثم يتخصَّص الواحد منهم فيما شاء من العلوم، وقد رصد الرحالة ابن حوقل (ت 367هـ) نحو 300 معلم بالكتاتيب في مدينة واحدة وهي بلرم بصقيلية، التابعة لإيطاليا اليوم[47]، فانظر للفصام النكد اليوم والواقع الأليم الذي هُمِّشت فيه الشريعة في جميع مراحل التعليم.
فقد أعقب هذا الانتعاش العلمي والازدهار المعرفي الكبير في العصر النوري والأيوبي وأوائل المملوكي، فتور الهِمَم، وخفوت الحماسة لتأسيس المدارس شيئًا فشيئًا، وساد الجهل عكسيًّا بعد أن رغب عن العناية به وخدمته أولو الأمر[48]، إلى غير ذلك من عوامل الضعف الكثيرة التي غزت العالم الإسلامي، وتزامن معها نهضة الغرب وثورته الصناعية، فتتابعت حملات الابتعاث التغريبية نحو بلادهم لاستيراد علومهم المدنية، آملين أن تصبح بلاد المسلمين قطعة من أوروبا، وتسارعت سياسة التغريب بإرساليات الاستشراق والتنصير المعاكسة التي أسست في بلاد المسلمين مدارس ومعاهد عليا وجامعات مسيحية تبشيرية لتقديم هذه العلوم[49]، مع ما صاحَبَها مع حملات للتشويه والتشكيك الممنهج العلني والمبطن في الإسلام، والحط من منزلة التعليم الديني، وربطه بتخلُّف المسلمين وتأخُّرهم، مع دعوات للتخلِّي عن اللغة العربية ومواكبة لغات العلم الحديث[50]، وفي أحسن الأحوال دعوات داخلية لإصلاح التعليم الديني، وإعطاء الأولويَّة للعلوم الدنيوية لمواكبة النهضة الغربية، وكأنه مصدر التأخُّر والتخلُّف، وهذا بالطبع لا ينفي الواقع السيِّئ للتعليم الديني في ذلك الوقت والجمود الذي تصلَّب عنده، وعجزه الذي أعاقه عن المواجهة أو المواكبة؛ لكن ذلك نتاج إهماله وليس سببًا له.
لقد كان القرن التاسع عشر الميلادي قرن التحوُّل نحو المادية بامتياز، وتمجيدها في صورة العلوم التجريبية والتطبيقية، وتفسير الظواهر بها حتى التاريخية منها، ونبذ الجانب الرُّوحي الديني الذي يقف في وجه النهضة كما يدَّعون[51].
وقد كانت استجابة المجتمع المسلم لذلك التحوُّل بطئيةً، حتى جاء المستر دانلوب – القسيس الذي عيَّنه كرومر مستشارًا لوزارة المعارف – إبان الاحتلال البريطاني لمصر، فنجح بوسائله الناعمة وسعيه الدؤوب في تهميش الأزهر معنويًّا وحسيًّا حتى أجهز عليه، بعد أن كان الانتساب للأزهر شرفًا تتسابق له الأُسَر المسلمة، من الناحية الدينية لمنزلة علومه عند المسلمين، ومن الناحية المعيشية لمكانة خريجيه في الدولة، فانقلبت الأوضاع إثر خطط الإفساد والتفريغ، فصار لا يدخله إلا الفقراء المهمشون العاجزون عن سداد مصروفات المدارس الحديثة في ذلك الوقت؛ حيث أصبح خريجو تلك المدارس الحديثة صفوة المجتمع وأرباب الأعمال والمناصب، فكان مدرس اللغة العربية مثلًا يتقاضى أربعة جنيهات فقط، في حين يتقاضى زملاؤه المدرسون من أصحاب المؤهلات العليا اثني عشر جنيهًا، مما ينعكس ذلك عليه وعلى مستوى التعليم الديني برمته؛ بل كان هو في غالب الأحيان مدرس مادة الدين التي تُوضَع في آخر الجدول المدرسي، والتي اعتبرت بعد ذلك مادةً إضافيةً هامشيةً تضم للرسم والأشغال اليدوية والألعاب الرياضية، فانصرف الناس عن قرآنهم وتراثهم بالتدريج نحو العلوم المدنية الدنيوية حيث المال والوظائف والمكانة الاجتماعية.
وغنيٌّ عن الذكر واقع التعليم الديني اليوم، الذي تُجَفَّف مصادره ويُحارب أهله، ويُشوَّه حملته، من قبل الداخل قبل الخارج، لتخرج في بلاد المسلمين أجيال لا تحفظ فاتحة الكتاب، وشيوخ لا تحسن قراءتها، فخلاصة المقال هي الدعوة لتلبية الحاجة الملحَّة لإعادة الاهتمام للعلوم الشرعية لتتبوَّأ منزلتها المأمولة، فأولها نهضة الأمة ورفعتها، وآخرها نجاتها، ولن يأتي على الأُمَّة المسلمة زمان تضعف فيه الحاجة لتعلُّم أحكام دينها ومعرفة سبيل نجاتها في الآخرة، فهذا قدر عيني على الجميع، وكفائي على المجموع، بخلاف سائر العلوم الدنيوية التي تلزم المجموع لا الجميع، ثم العجب بعد ذلك ممن ينشد الإصلاح وتغيير الواقع ثم لا هو في نفير جهاد ولا نفير علم!
[1] صحيح البخاري، حديث رقم: 89.
[2] انظر: تفسير الطبري للآية.
[3] انظر: تفسير البقاعي للآية.
[4] الرسالة:1/ 364.
[5] انظر: تفسير ابن عاشور للآية.
[6] المجموع شرح المهذب:1/ 30.
[7] انظر: مجموع الفتاوى: 3/ 104، 4/ 137، 4/ 141.
[8] انظر: المنهاج في شعب الإيمان: 2/ 191.
[9] انظر: صحيح مسلم، حديث رقم: 876.
[10] إكمال المعلم بفوائد مسلم: 3/ 281.
[11] انظر: مجموع الفتاوى: 6/ 57، و3/ 312، و3/ 328.
[12] فتح الباري شرح صحيح البخاري: 1/ 141.
[13] المنهاج في شعب الإيمان: 2/ 186، 2/ 190، 2/ 195.
[14] انظر: المفهم لم أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي: 6/ 684-686، شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد: 120، مجموع الفتاوى لابن تيمية: 3/ 328، المعين في تفهُّم الأربعين لابن الملقن:410، عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني: 2/ 40، الفتح المبين بشرح الأربعين لابن حجر الهيثمي: 566.
[15] صحيح مسلم، حديث رقم: 38 – (2699).
[16] التعيين في شرح الأربعين: 1/ 311-313.
[17] المنهاج في شعب الإيمان: 2/ 196.
[18] جامع بيان العلم وفضله: 2/ 789.
[19] مجموع الفتاوى: 11/ 188.
[20] انظر: مفتاح دار السعادة: 1/ 48-1/ 180.
[21] انظر: مفتاح دار السعادة: 1/ 119.
[22] انظر: مفتاح دار السعادة: 1/ 56.
[23] انظر: مفتاح دار السعادة: 1/ 70.
[24] مجموع الفتاوى: 15/ 390.
[25] الغياثي: 359.
[26] انظر: نشأة الكليات، جورج مقدسي: 55-56، و62 و64-65.
[27] نشأة الكليات، جورج مقدسي: 64.
[28] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، للخطيب البغدادي: 2/ 57.
[29] انظر: نشأة الإنسانيات لجورج مقدسي: 196، حيث ذكر عن الجغرافي المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) تداخل الحلقات في جوامع القاهرة في القرن الرابع الهجري، وكان في أحد الجوامع كما ذكر مائة وعشرة مجالس.
[30] انظر: الخطط للمقريزي: 4/ 199.
[31] ذكر صلاح الدين المنجد في مقدمة كتاب (دور القرآن بدمشق للنعيمي) أن أول دار هي الصادرية أنشئت سنة 391هـ وكانت وقفًا على الحنفية، وذكر المقريزي في الخطط مدارس بُنيَتْ قبل هذا التاريخ، ولا يعرف على وجه التحديد: 4/ 199، وأوَّل من حفظ عنه أنه بنى مدرسة في الإسلام أهل نيسابور، فبنيت بها المدرسة البيهقية، وبنى بها أيضا الأمير نصر بن سبكتكين مدرسة، وبنى بها أخو السلطان محمود بن سبكتكين مدرسة، وبنى بها أيضًا المدرسة السعيدية، وبنى بها أيضًا مدرسة رابعة.
[32] نشأة الكليات، جورج مقدسي: 78.
[33] انظر: مقدمة (دور القرآن بدمشق للنعيمي) لصلاح الدين المنجد: 11.
[34] انظر: نشأة المدارس الإسلامية، ناجي معروف: 6-9.
[35] انظر: مقدمة كتاب (دور القرآن بدمشق للنعيمي) صلاح الدين المنجد.
[36] انظر: نشأة الكليات جورج مقدسي: ص19 وص252 وص255 وص264.
[37] انظر: نشأة الكليات، جورج مقدسي: 405.
[38] انظر: نشأة الإنسانيات، لجورج مقدسي: 153.
[39] انظر: نشأة الكليات، جورج مقدسي: 324 و326.
[40] انظر: نشأة الكليات، جورج مقدسي: 431، وما بعدها.
[41] انظر: نشأة الكليات، جورج مقدسي: 436.
[42] انظر: نشأة الكليات، جورج مقدسي: 329، و331 و333.
[43] انظر: مقدمة (دور القرآن بدمشق للنعيمي) لصلاح الدين المنجد: 8.
[44] انظر: نشأة الكليات، جورج مقدسي: 52، 73-77.
[45] انظر الفهرست لابن النديم: دراسة بيوجرافية ببليوجرافية ببليومترية، ضمن مجلة مركز الوثائق والعلوم الإنسانية – جامعة قطر، ص160.
[46] التبشير والاستعمار في البلاد العربية: 217.
[47] انظر: نشأة الإنسانيات، لجورج مقدسي:190.
[48] انظر: مقدمة كتاب (دور القرآن بدمشق للنعيمي)، صلاح الدين المنجد، ص14.
[49] انظر: الغارة على العالم الإسلامي ص80، وانظر أيضًا التبشير والاستعمار في البلاد العربية، ص87.
[50] انظر: الغارة على العالم الإسلامي: 18 و57-58، وانظر أيضًا التبشير والاستعمار في البلاد العربية، ص88.
[51] الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي لمحمد البهي، ص186، وانظر أيضًا التبشير والاستعمار في البلاد العربية، ص147.