Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم


من سير أعلام مسند الإمام [11]

(صاحب سِر رسول الله صلى الله عليه وسلم)

 

إنه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، صاحب المناقب العديدة، وقد اؤتُمن على سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المنافقين.

 

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال لعلقمة: ((أو ليس فيكم صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلمه أحد غيره؟)).

 

قال الحافظ ابن حجر: “والمراد بالسر ما أعلمه به النبي صلى الله عليه وسلم من أحوال المنافقين”.

 

وذات يوم التقى عمر بحذيفة رضي الله عنهما، فقال له: يا حذيفة، أنشدك الله، هل وجدت اسمي بين المنافقين؟ فقال: لا والله أنت أكرمنا، ولكن لا أزكي بعدك أحدًا.

 

وهو أيضًا أكثر الصحابة سؤالًا عن الشر خوفًا من أن يدركه، كما يروي عن نفسه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر له الفتن الكائنة في الأمة من بعده.

وله موهبـة في قراءة الوجوه والسرائر، فعاش مفتوح البصر والبصيرة على مآتي الفتن، ومسالك الشرور ليتقيَها.

 

وكان والده حسل رضي الله عنه قد أصاب دمًا في قومه، فهرب إلى المدينة، وحالف بني عبدالأشهل، فسماه قومه اليمان لحلفه لليمانية؛ وهم الأنصار؛ ولذلك كان رضي الله عنه من المهاجرين والأنصار، ولم يشهد بدرًا، وقال رضي الله عنه: ((ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أني خرجت أنا وأبي، فأخذَنا كفار قريش، فقالوا: إنكم تريدون محمدًا؟ فقلنا: ما نريد إلا المدينة، فأخذوا العهد علينا لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه، فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: نفِي بعهدهم، ونستعين الله عليه)).

فلا معاهدة مع ظالم.

 

شهد حذيفة بعد ذلك مع أبيه أُحُدًا، فاستشهد يومئذٍ أبوه على يد المسلمين خطأ؛ روى البخاري رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: ((لما كان يوم أُحُدٍ هُزم المشركون فصاح إبليس: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم – أي: وهم يظنون أنهم من العدو – فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان، فقال: أي عباد الله، أبي أبي، فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: غفر الله لكم)).

 

وبعد انتهاء المعركة علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمر بالدية عن والد حذيفة رضي الله عنهما، ولكن تصدق بها حذيفة رضي الله عنه على المسلمين، فازداد الرسول له حبًّا وتقديرًا.

 

ومن مناقبه أيضًا رضي الله عنه كانت بمعركة نهاوند؛ حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفًا، اختار أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لقيادة الجيوش المسلمة: النعمان بن مقرن رضي الله عنه، ثم كتب إلى حذيفة رضي الله عنه أن يسير إليه على رأس جيش من الكوفة، وأرسل عمر للمقاتلين كتابه يقول: “إذا اجتمع المسلمون، فليكن كل أمير على جيشه، وليكن أمير الجيوش جميعًا النعمان بن مقرن، فإذا استُشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة، فإذا استُشهد فجرير بن عبدالله … وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى سَمَّى منهم سبعة”.

 

والتقى الجيشان ونشب قتال قوي، وسقط القائد النعمان رضي الله عنه شهيدًا، وقبل أن تسقط الراية كان حذيفة رضي الله عنه يرفعها، وأوصى بألَّا يُذاع نبأ استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة، ودعا نعيم بن مقرن رضي الله عنه، فجعله مكان أخيه النعمان تكريمًا له، ثم هجم على الفرس صائحًا: الله أكبر، صدق وعده، الله أكبر، نصر جنده، ثم نادى المسلمين قائلًا:

يا أتباع محمد، ها هي ذي جنان الله تتهيأ لاستقبالكم، فلا تطيلوا عليها الانتظار، وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس، وكان فتح همدان والري والدينور على يده رضي الله عنه.

 

مات رضي الله عنه بالمدائن سنة ست وثلاثين، وقد شاخ.

نسأل الله أن يجمعنا معه وبصحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم.

………………….

مسند الإمام أحمد/ صحيح البخاري/ سير أعلام النبلاء/ الإصابة في تمييز الصحابة.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى