Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

غزوة أحد


غزوة أحد

 

اتفقت قريش على إعداد جيش للثأر من المسلمين، وقد خصصوا لهذه الحملة ما حصلوه من أرباح من التجارة التي سلمت مع أبي سفيان، وكانت تفوق الخمسين ألف دينار، وقد أنزل الله فيهم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]، ولم يكتفوا بأن تخرج قريش في هذه المعركة، بل أرادوا أن يجمعوا معهم العرب، فأرسلوا أربعة منهم ليستميلوا إليهم قبائل العرب، وهم: عمرو بن العاص، وهبيرة بن أبي وهب، وابن الزبعرى، وأبو عزة الجمحي، وكان أبو عزة قد عاهد النبي صلى الله عليه وسلم ألا يظاهر عليه عدوًّا أبدًا، ولا يأتي ما من شأنه الكيد للمسلمين، فالتزم بعهده، وما زال به صفوان بن أمية يكلمه ويغريه حتى نقض عهده وانطلق معهم يحشدون القبائل لحرب المسلمين.

 

كانت الغزوة يوم السبت في السابع من شهر شوال في السنة الثالثة هجرية، وقد اجتمع لقريش ثلاثة آلاف مقاتل، يقودهم أبو سفيان، ومعهم الظُّعُن – النساء – لكيلا يفروا، ومعهم قادة ميدانيين، أمثال: خالد بن الوليد قائد الفرسان، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل.

 

وصلت أخبار الحملة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أن عمه العباس أرسل له رسالة مع هجان ذكر له فيها أن عدد الجيش ثلاثة آلاف، منهم سبعمائة دارع، معهم مائتا فرس وخمسة آلاف جمل، وكثير من السلاح، وهنا جمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه للتشاور في أمر هذه الحملة من قريش، كما سارع إلى بث العيون والكشافة لينقلوا له خبر تحركهم، وانقسم رأي الصحابة إلى قسمين، قسم يود الخروج من المدينة للقاء العدو، وهذا رأي الشباب منهم، خصوصًا الذين لم يحضروا غزوة بدر، وقسم أراد التحصن بالمدينة وقتالهم في طرقاتها وأزقتها مما يربك جيش قريش، ومالت كفة الرأي الأول، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته، ثم لبس درعه وأظهرها، وورد أنه لبس في أُحد درعين، وتقلد سيفه، وشد وسطه بحزام من جلد، وقبل المعركة لبس المغفر، وفوقه البيضة – الخوذة – وطلب الخروج للقاء العدو، ولما قيل له: نأخذ برأي من رأى التحصن بالمدينة – وكان النبي صلى الله عليه وسلم يميل إلى هذا – وذلك لرؤيا رآها أنه في درع حصينة، لكنه قال: ((ما كان لنبي إذا لبس لَأْمَتَهُ أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه، انظروا إلى ما أمرتكم به فالزموه، وامضوا على اسم الله، فلكم النصر ما صبرتم))، وذلك لحسم الخلاف والتوجه بقوة إلى أرض المعركة التي حددت عند جبل أُحد.

 

وعودًا على تحرُّك المشركين، فقد كان خوفهم أن يبلغ خبرهم إلى المسلمين فيتحصنوا بمدينتهم، وبالتالي يصعب قتالهم، وهذا ما قاله أبو سفيان: أحلف بالله أنهم جاؤوا محمدًا فخبروه بمسيرنا وحذروه وأخبروه بعددنا، فهم الآن يلزمون صياصيهم، فما أرانا نُصيب منهم شيئًا، فقال صفوان: إن لم يصحروا – يقاتلونا في الصحراء – لنا، عمدنا إلى نخل الأوس والخزرج فقطعناه، فتركناهم ولا أموال يجتبرونها أبدًا.

 

وتقدموا نحو أطراف المدينة وعاثوا الفساد في مزارعها، وعندئذ طلب الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم الخروج للقاء العدو، واجتمع له ألف مقاتل، وخطب النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة فيهم، ثم خرجوا للقاء العدو، وفي الطريق انسحب ثلث الجيش مع المنافق عبدالله ابن سَلُولَ، وقالوا: رأينا التحصن بالمدينة، ونحن ناصروه في مدينتنا، وقد خالفنا، وأشرت عليه بالرأي فأبى إلا طواعية الغلمان، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بمن تبقى معه وهم سبعمائة مقاتل، وفي صباح السبت صف النبي جيشه في مواجهة العدو، ووضع على تل – عينين – مشرف على أرض المعركة خمسين من الرماة وعليهم عبدالله بن جبير، وأوصاهم ألا يبرحوا مكانهم، قال: ((ولو رأيتم الطير تتخطفنا))، ورُوي: ((فلا تفارقوا مكانكم وإن رأيتمونا نُقتَل فلا تعينونا ولا تدفعوا عنا، اللهم إني أشهدك عليهم))، وعقد ثلاثة ألوية، واحد للأوس، والآخر للخزرج، والثالث للمهاجرين، وصلَّوا في موقعهم المغرب، ثم العِشاء، وكان قائد حرسهم – كيلا يبيَّتوا على حين غرَّة – محمد بن مسلمة في خمسين من الحرس، وعند الفجر أذن بلال وصلَّوا الفجر، وصفَّ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على خير نظام، وأوصاهم بالجهاد والصبر عليه.

 

كما صف المشركون، وأوصى أبو سفيان قومه بالحفاظ على اللواء؛ لأنهم إنما غلبوا يوم انكفأ اللواء، وانضم إلى المشركين أبو عامر الراهب في خمسين من أتباعه من المنافقين، ويقال: هو الذي أنشب القتال، وكان قد حفر حفرًا موهها ليسقط فيها المسلمون، واشتغل نساء المشركين بتشجيع المشركين على القتال وهن يضربن بالدفوف والطبول، ويذكرن المشركين بالثأر لقتلى بدر، وكن يتقدمن الصفوف حتى إذا نشبت المعركة تأخرن.



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى