الشيخ محمد عبد الظاهر أبو السمح إمام وخطيب الحرم المكي
الشيخ محمد عبد الظاهر أبو السمح إمام وخطيب الحرم المكي
(1300 – 1370 هـ / 1880 – 1950م)
اسمه: محمد عبد الظاهر بن محمد نور الدين الفقيه ( أبو السمح ).
مولده: ولد في بلدة التلين مركز منيا القمح مديرية الشرقية 1300هـ.
والده: الشيخ/ محمد نور الدين الفقيه، وقد حفظ القرآن الكريم على يديه، وهو في التاسعة من عمره.
طلب العلم في الأزهر، ثم في مدرسة المعلمين الأولية، وقد حضر مجلس الشيخ / محمد عبده.
حصل على شهادة كفاءة المعلمين، ثم عمل مدرسًا بمدرسة ابتدائية بالسويس.
اشتغل بالتدريس، ثم التحق بدار الدعوة التي أنشأها رشيد رضا – رحمه الله.
كان يتعلم فيها ويعلم تجويد القرآن الكريم والخط.
في سنة 1914 بعد إغلاق دار الدعوة انتقل الشيخ / أبو السمح إلى الإسكندرية معلمًا خاصًّا لأبناء محمود الديب باشا.
تزوج في الإسكندرية أخت الشيخ / محمد بن عبد الرزاق حمزة، وكان قد تزوج قبلها مرتين أنجب من إحداهما ابنه الأكبر عبد اللطيف أبو السمح.
وقد رزق الشيخ أبو السمح من أخت الشيخ حمزة 3 أبناء وثلاث بنات.
وقد تزوج للمرة الرابعة زوجة أعقب منها 3 أبناء وثلاث بنات.
فصار مجموع أبنائه وبناته أربعة عشر.
جهوده في نشر دعوة التوحيد:
بدأ الشيخ/ أبو السمح دعوته إلى توحيد الله – عز وجل – في الإسكندرية، وقد استجاب له كثير ممن أكرمهم الله بالهداية والانتفاع بدعوته؛ حتى كون جماعة قوية تناصره، وتؤيد دعوة الحق مما حرك الصوفية فألبوا عليه، وأغروا به أتباع كل ناعق، فآذوه أشد الأذى فكانت معارك وقضايا في المحاكم – خرج منها الشيخ – بفضل الله مؤيدًا منصورًا؛ بما أوتي من الصدق والصبر، وبما حباه الله من حسن الخلق وطهارة القلب وقوة اليقين.
وقد أدى الشيخ/ أبو السمح فريضة الحج في سنة 1345 هـ. وذلك عندما دعاه عاهل السعودية الملك/ عبد العزيز عضوًا في مؤتمر مكة المكرمة ذلك العام.
لما كان الله قد جعل من الشيخ/ أبو السمح وعاء كريمًا من أوعية القرآن الكريم وأعطاه مزمارًا من مزامير آل داود، فقد طلب إليه جلالة الملك/ عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – أن يكون إمامًا وخطيبًا للحرم المكي لما أعجبه من رخامة صوته وعذوبة تلاوته للقرآن.
وقد أشجى الشيخ / أبو السمح – رحمه الله – وأبكى المصلين خلفه من الوافدين إلى بيت الله من كل فج عميق خصوصًا في صلاة الفجر. قرابة ربع قرن (من السنين). وكان موضع تقدير ولاة الأمر حينذاك، ولم تقف جهوده – رحمه الله – عند إمامة الناس بالمسجد الحرام، بل كانت له جهود أخرى في سبيل نشر دعوة التوحيد. وكانت له إسهامات طيبة في نشر العلم الصحيح، وتصحيح المفاهيم.
ومن هذه الجهود:
1- درس كان يلقيه في الحرم الشريف يزكي به النفوس ويطهر به القلوب من أدران البدع والخرافات.
2- كان له أثر كبير في تأسيس دار للحديث بمكة سنة 1352 هـ على غرار ( دار الدعوة والإرشاد )، ورحب الملك/ عبد العزيز – رحمه الله – بها وخصص لها مساعدة مالية سنوية، وبلغ من إعجابه بها وبصاحبها أن جعل دار الأرقم بن أبي الأرقم مقرًّا لها.
3- وقد ظل الشيخ / أبو السمح مديرًا لدار الحديث ثمانية عشر عامًا موجهًا طلبتها وجهة الكتاب والسنة عملًا وعلمًا، وقد استعان بصهره الشيخ / محمد بن عبد الرزاق حمزة ليعمل مساعدًا له ومعلمًا بالدار، وذلك بعد أن أصابته الشيخوخة المبكرة والضعف والوهن حتى عجز في آخر أيامه عن الإمامة والخطابة بالحرم إلا نادرًا.
وفاته:
توفي في الساعة الثالثة من صباح يوم الاثنين العاشر من رجب 1370 من الهجرة النبوية، وقد جاوز نصف العقد السابع، وكانت وفاته بمستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية بالقاهرة أثر تسمم كان نتيجة التهاب في الكليتين، وقد كان يشكو من قديم مرض السكر، فنشأ عن ذلك ضعف في القلب وهبوط في قواه.
مؤلفاته:
1- كتاب ( حياة القلوب في معاملة علام الغيوب ).
2- (الرسالة المكية).
3- (كرامات الأولياء).
4- (الحج وفق السنة المحمدية).
5- وله نظم كثير.
ماذا قالوا عنه:
1- جلالة الملك/ عبد العزيز عاهل الجزيرة العربية وقتذاك قال عنه في برقية العزاء التي أرسلها إلى عبد اللطيف أبو السمح: مصابنا مصابكم، وأمر باستضافة عائلته بالحجاز، وهذا إنما يدل على مكانة الرجل عند ملك السعودية وعظماء رجال الدولة.
2- وقد قال عنه الشيخ/ محمد بن عبد الرزاق حمزة:
فقد الإسلام داعية من دعاته، وفقدت السنة بطلًا من أنصارها، وفقد المسجد الحرام إمامًا كان أهلًا لإمامته، وفقد القرآن المجيد وعاء من أوعيته، ومزمارًا من مزامير آل داود، مرتلًا لآياته بصوته الرخيم أمام وجه الكعبة ربع قرن من الزمان، وفقدت العبادة الخالصة تقيًّا من تقاة المؤمنين.
وفقدت دار الحديث المكية إدارة رشيدة، وسندًا ساندًا وتوجيهًا حكيمًا. ماذا أبكي فيه، أعشرة ثلاثين عامًا في مذاكرة العلم من تفسير القرآن وتفهمه، وإحياء السنة متنًا وسندًا وفقهًا ؟ أم أبكيه صهرًا كريمًا وأبًا رحيمًا لأولاد أختي ؟ أم تبكيه كرام وجوه زوار بيت الله الحرام في داره حينما يدعوهم إلى الزيارة والأنس والتعارف وربط مودة الإسلام، فينصرفون من داره تبهرهم محاسن أخلاقه ولطف محضره وأنس حديثه، وبشاشة وجهه، وكرم ضيافته ؟ أم تبكيه عبقرية الشعر الذي خدم به دينه والصالحين من عباده، غير متآكل به ؟ إلا أن ذروة الأمر وسنامه، أنه فارس للقرآن حفظًا وتجويدًا ورخامة صوت ونداوة تلاوة، وعذوبة قراءة.
وقال عنه الشيخ/ إبراهيم بن عبيد في (تذكرة أولي النهي): (كان رجلًا عاقلًا أديبًا ذا بشاشة وتواضع رزينًا، له لحية كثة بيضاء ممتلئ الجسم، بهي المنظر كان لخطبته وقراءته وقع عظيم في النفوس).
يقرأ عنه في:
“مجلة الهدي النبوي”، عدد 8 لسنة 1370 هـ. عدد 10 لسنة 1370 هـ.