الإيجاز في اختيارات العلامة ابن باز لخالد بن صالح الوقيت
الإيجاز في اختيارات العلامة ابن باز لخالد بن صالح الوقيت
صدر حديثًا كتاب “الإيجاز في اختيارات العلامة ابن باز”، تأليف: “خالد بن صالح الوقيت”، نشر: “دار الحضارة للنشر والتوزيع”.
وهذا الكتاب يعرض اختيارات الشيخ “ابن باز” باختصار وبدون أدلة أو تعليلات في موضوعات الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة.
وقد جمعها الكاتب خالية من التدليل والتعليل ليسهل جناها، ويرجع إليها طالب العلم وعامة التاس، فيجدون ما يحتاجونها فيها بصورة مقربة ميسرة، بدون الدخول في اختلافات فقهية.
ويعد جمع اختيارات الشيخ “ابن باز” من الجهود الدراسية المحمودة، للمكانة العلمية الكبيرة التي قد حازها الشيخ لدى المسلمين على مختلف طبقاتهم وفي شتى أنحاء المعمورة، إلى جانب كونه من العلماء المحققين ومن أهل الاجتهاد.
كما أن معرفته بعلل الحديث وأحاديث الأحكام بصفة خاصة وطول باعه في ذلك مما هو مشهود له من قبل علماء عصره، وهذا يعطي اختياره الفقهي ميزة ليست لغيره.
كما أن في اختيارات الشيخ ابن باز كثيرًا من القضايا المعاصرة التي يحتاج الناس إلى معرفة حكمها، وقد ذكرها الكاتب في ثنايا الموضوع.
إلى جانب الرغبة في تدوين وجمع اختيارات الشيخ المتناثرة في كثير من الكتب والرسائل – والتي وافق أو خالف فيها المذهب الحنبلي – في كتاب واحد ليسهل الإطلاع عليه ومعرفة رأيه بوضوح في بعض النوازل الفقهية المعاصرة التي له رأي فيها، وكذلك المسائل التي خالف فيها المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل – رحمه لله تعالى.
ونجد أن اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية تميزت بما يلي:
أ- أنه يبين الراجح من أقوال العلماء بدليله وغالبًا يعقبه بيان المرجوح ودليله ثم يرد عليه ويبين سبب ضعفه.
ب- أنه يقرن ترجيحه لأكثر المسائل بالدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع.
ت- عنايته بأقوال السلف ولا سيما الصحابة – رضي لله عنهم – والاستدلال بأقوالهم.
ث- عدم اكتفائه بالمذاهب الأربعة بل يذكر أحيانًا بعض الآراء لغيرهم.
ج- الثقة التي وجدت عند أكثر المسلمين في العالم – وعلى مختلف مستوياتهم – في ما يصدر عنه من فتاوى وآراء فقهية مقيدة بعلم الحديث.
د- كما نجد أنه عند تعارض أقوال الشيخ – رحمه لله تعالى – في مسألة واحدة فإن المتأخر منها -حسب الإمكان – يعتبر هو القول المختار الذي تصدر به المسألة الفقهية.
ونجد أن اختيارات الشيخ ابن باز في الفقه كانت تشتمل على العلم المحرَّر المقترن بالدليل الصحيح والترجيح دائمًا، إضافة إلى المواقف التربوية، وكانت الصحف والمجلات المحلية والخارجية تزخر بفتاويه ونصائحه، وأحصى بعض تلامذته أكثرَ من ثلاثين مجلة وصحيفة كان سماحته ينشر فيها إفاداته.
وانتشرت فتاويه ورسائله في الدنيا، ولقيت قبولًا عظيمًا، وغني عن القول أن سماحته كان لا يتقاضى على كل ذلك أجرًا، بل يحتسب في جميع ذلك، وإذا جاءه شيء ردَّه.
ونجد أن الشيخ ابن باز كانت سيرة حياته دورة متواصلة من العلم ونشره ومحاربة البدع وخدمة الناس، وفي يوم الأربعاء – آخر أيامه – قُرئت عليه 25 معاملة، منها معاملات طلاق، ومنها اعتماد بناء عدة مساجد، ومنها معاملة من هولندا بشأن تزكية الشيخ عدنان العُرعور وإنجاح لقاء إسلامي كبير، ثم تغدى الضيوف عنده على عادته، وبعد المغرب تزاحم الناس للسلام عليه في مجلسه، وبدأ باستعراض المعاملات كالمعتاد، ثم وعظ الحاضرين ودعا لهم، وأطال الدعاء، وأوصى الناس بالكتاب والسنة والتمسك بهما، وكانت هذا آخرَ وصاياه العامة، وفي هذا المجلس جاءه سائل فأعطاه، ثم استمر المجلس مع إجابة المتصلين، وخرج من المجلس بعد أذان العشاء، ليجلس مع أسرته وأقاربه القادمين من الرياض، إلى نحو الثانية عشرة، ثم انصرفوا لينام.
وذكرت زوجه وابنه الشيخ أحمد أنه أخذ يسبِّح الله ويذكره، وصلى ما شاء الله له، ثم نام، واستيقظ نحو الثانية والنصف أو الثالثة ليتوضأ دون مساعدة، ثم صلى واضطجع، ثم جلس، وتلفت يمينًا وشمالًا، ثم ضحك، فاضطجع مرة أخرى وله نَفَس متزايد مسموع، عند ذلك جاء أبناؤه، وطلبوا الإسعاف، وحُمل سماحته إلى المستشفى، وعند حمله فاضت روحه إلى بارئها.
قال الشيخ “عبد الله الزايد” عن شيخه ابن باز: “هو أشهر من أن يعرَّف؛ سواء داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها، وإذا ما أراد أحد أن يكتب عن هذا العالم إنما يستطيع أن يكتب نبذة بسيطة لا تعدو أن تكون محاولة متواضعة للتعريف ببعض جوانب حياته”.
وللكاتب “خالد بن صالح الوقيت” من المؤلفات:
• “المنظومة المقرّبة لأنساب العرب العاربة والمستعربة”.
• “إعادة النظر في بعض ما نسب إلى إمام أهل الأثر أحمد بن حنبل (164-241 هـ)”.