منار السبيل في شرح الدليل لابن ضويان بتحقيق جديد
تحقيق جديد لكتاب “منار السبيل في شرح الدليل” لابن ضويان
صدر حديثًا “منار السبيل في شرح الدليل“، تأليف: “ابراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان” (ت 1353 هـ)، تحقيق وتعليق: “خالد بن ضاهر“، في مجلدين، نشر: “دار ابن كثير للنشر والتوزيع“.
وهذا الكتاب شرح على كتاب: “دليل الطالب لنيل المطالب” الذي ألفه الشيخ “مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي” رحمه الله، ومتن “دليل الطالب” من المتون المهمة في الفقه الحنبلي، اختصره مؤلفه اختصارًا حسنًا، وذكر فيه القول الراجح المعتمد في المذهب في أبواب الفقه، وقد بين في مقدمته أنه لم يذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهل التصحيح والعرفان، وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيح والإتقان من المتأخرين… فكان هذا المتن اللطيف حقيقًا بالعناية لما اشتمل عليه من الفوائد.
وكان من جملة شراح هذا المتن النافع من المتأخرين العلامة “إبراهيم بن ضويان”، حيث اهتم فيه باختصار الكتاب وتبسيطه لطلبة العلم.
يقول ابن “ضويان” في مقدمته:
“ذكرت فيه ما حضرني من الدليل والتعليل، ليكون وافيًا بالغرض من غير تطويل، وزدت في بعض الأبواب مسائل يحتاح إليها النبيل، وربما ذكرت رواية ثانية أو وجهًا ثانيًا لقوة الدليل، نقلته من كتاب “الكافي” لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي، ومن شرح “المقنع الكبير” لشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة وغالب نقلي من مختصره، ومن “فروع” ابن مفلح و”قواعد” ابن رجب وغيرها من الكتب.
وقد أفرغت في جمعه طاقتي وجهدي، وبذلت فيه فكري وقصدي، ولم يكن في ظني أن أتعرض لذلك، لعلمي بالعجز عن الخوض في تلك المسالك، فما كان فيه من صواب فمن الله، أو خطأ فمني، وأسأله سبحانه العفو عني، ولما تكففته من أبواب العلماء وتطفلت به على موائد الفقهاء تمثلت بقول بعض الفضلاء:
وإنما علقته لنفسي، ولمن فهمه قاصر كفهمي، عسى أن يكون تذكرة في الحياة، وذخيرة بعد الممات، وسميته “منار السبيل في شرح الدليل” أسأل الله العظيم أن يجعله لوجهه خالصًا، وإليه مقربًا، وأن يغفر لي ويرحمني والمسلمين، إنه غفور رحيم”.
وبذلك حدد “ابن ضويان” منهجه في شرح كتاب “دليل الطالب” حيث شرح هذا المتن شرحًا غير مطول، فاكتفى بذكر الدليل والتعليل مع الإشارة أحيانًا إلى الروايات الأخرى في المسألة عند الحاجة، وبخاصة إذا كانت الرواية الأخرى أقوى دليلًا، وكثيرًا ما يشير إلى ترجيحات بعض محققي الحنابلة كالموفق ابن قدامة وشارح المقنع، وقد أكثر من النقل عنه وعن شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وصاحب “الفروع” وصاحب “الإنصاف” وغيرهم، وبالجملة فالكتاب نافع في بابه يصلح للمبتدئين في دراسة الفقه الحنبلي، وقد عني الشيخ الألباني بأحاديث هذا الكتاب فخرجها في كتابه “إرواء الغليل” مما زاد من قيمة هذا الكتاب المبارك.
وهذا التحقيق يمتاز بأنه على نسخة المؤلف الشيخ “إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان” كتبها بخطه سنة 1322 هـ، وقد حقق وفق منهج علمي رصين مع الضبط والتوثيق والتخريج وشرح للغريب، والتعليق على مرادات الشيخ “ابن ضويان”، وربط كلامه بكلام متن الشيخ “مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي” رحمه الله.
والمؤلف هو الشيخ “إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان”، وُلدَ الشيخ إبراهيم بن ضويان عام 1275 هـ في بلدة الرس في القصيم. وقد قرأ على علماء كبار. قال فيه الشيخ محمد بن رشيد: “إن شيخي إبراهيم بن ضويان من الفقهاء الكبار وله اطلاع واسع في الفقه”. وقال الشيخ عبدالعزيز بن ناصر بن رشيد: “اشتهر بالعلم والفضل وفاق أقرانه، وكان إليه المرجع في “الرسّ” في الإفتاء والتدريس والنفع العام”.
فصار عالم بلده ومن كبار علماء القصيم.
ومن مشايخه الذين أخذ عنهم العلم: الشيخ محمد بن سليم، والشيخ صالح القرناس، فقد لازمه زمنًا طويلًا، وكان يستنيبه على قضاء الرس حينما تولى الشيخ صالح على قضاء بريدة وعنيزة فقام عنه بالنيابة في الرس، وسُدد في أقضيته، فكان مثالًا في العدالة والنزاهة، ورحل إلى عنيزة ولازم علماءها زمنًا، ثم صار يرتادها بعدُ إلى آخر حياته.
ولازم الشيخ عبد العزيز المانع حتى مات عام 1307 هـ فرثاه بمرثية يائية قوية.
وبعد وفاة ابن مانع رحل إلى بريدة فقرأ على علمائها، ومن أشهر مشايخه محمد العبد الله بن سليم فقد لازمه زمنًا، كما قرأ على علي السالم الجليدان بعنيزة وجه سنة، وكان يحضر حلقات الجد صالح العثمان القاضي كلها إذا كان بعنيزة ويستشكل في حلقة القراءة ويسترشد منه، وكان من خواصه، وكثيرًا ما يستضيفه – رحمهما الله – فيعتبره أحد مشائخه، وجدَّ في الطلب حتى أدرك في الفقه والتوحيد والفرائض والحديث إدراكًا تامًا أهَّله للقضاء والفُتيا، وله اليد الطولى في الأدب والتاريخ ومرجع في الأنساب، وله إلمام في بقية العلوم كالعربية والتفسير، وله مخطوطات كثيرة جدا، وكان قليل ذات اليد، وكانت الكتابة مهنة له يتعيش منها، ومعظم كتب الفقه والوعظ تجدها بقلمه الحسن الواضح النيِّر.
ومن مؤلفاته: “منار السبيل في شرح الدليل”، و”رفع النقاب في تراجم الأصحاب”، و”رسالة في أنساب أهل نجد”، وله حاشية على مخطوطته (شرح الزاد) أكثر فيها النقول عن مشايخه وعن الأصحاب، وله رسالة في تاريخ نجد وما جرى فيها من حوادث، ابتدأ الرسالة من عام 750 هـ إلى سنة 1319 هـ كرؤوس الأقلام، وغيرها.
توفي رحمه الله في ليلة عيد الفطر عام 1353هـ، بعد صلاة القيام قبل أن يأتي الخبر بالعيد، وبعد تجهيزه صلي عليه بعد صلاة العيد في مصلى العيد.