Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التاريخ الإسلامي

الخطر المؤدلج ببث سموم المدبلج (خطبة)


الخطر المؤدلج ببث سموم المدبلج

 

إن الحديث عن هذه المستنقعات التي تسمى مسلسَلات، وهي في الواقع مسلسِلات؛ حيث سلسلت وكبَّلت أيدي كثير من المسلمين، فما استطاعوا أن ينفضوا عن أنفسهم غبار السخف والطيش، والمسلسلات عمومًا – سواء كانت مدبلجة أو غير مدبلجة – لا تخلو من المنكرات كتبرُّج النساء والاختلاط المحرم والموسيقا، وكلمات الغرام والفحش بين العشيق وعشيقته، ومن قصص غرامية ملتهبة، وقبلات فاضحة، وخيانة للأزواج والزوجات، مع ما في حلقاتها من طول قد تصل في بعض الأحيان إلى (٣٠٠) حلقة، إلا أنك قد تجد المفتونين بها من الذكور والإناث يحرصون على متابعتها، ويعرفون أوقات عرضها وإعادتها التي تؤز النفوس إلى الشهوة المحرمة وتحرِّك الكامن فيها، وقد عددت شخصيًّا عددَ المسلسلات المدبلجة التي تعرض بأكثر من سبعين مسلسل تركي وهندي ومكسيكي وكوري وغيرها، تعرض في موسم واحد على مختلف القنوات، فهي مسلسلات مليئة بالخيانة، والتعري والخمور والاغتصاب والعنف، والعلاقات الجنسية فيها مباحة للجميع حتى بين المحارم كالأخ وأخته وزوجات الأصدقاء، وهي تؤكد أنه لا يمكن للمرأة أن تعيش بدون عشيق وصديق، وتعرض على الشاشات العربية على أنها عواطف ومشاعر وحب وإعجاب، وعلاقات ورغبات، حتى تثور براكين العواطف، وتتفجر الغرائز وتتصادم مع القيم والآداب الإسلامية والعربية، ومن الطبيعي جدًّا لأي شخصية في المسلسل أن يقبل أن يكون لأمه أو لأخته أو لابنته عشيق، ويحرم عليه أن يحاسب في ذلك، فالموضوع المعروض (حرية شخصية)، ومما يعرض أن يستقبل أمر حمل أخته غير الشرعي بكل رحابة صدر، وكأن الزنا ليس محرمًا وكأن الدياثة انفتاحٌ وتطورٌ، ومما يعرض تبسيط العلاقات المحرمة بطريقة نجسة، يجعلون من الزاني والزانية أبطالًا ومثالًا يُحتذى به في النُّبل وكريم الأخلاق.

 

وبعض المسلسلات العربية تفوق تلك المدبلجة بالفساد والسوء، ومشاهدة المسلسلات والأفلام الأجنبية فيها خطورة شديدة على العقيدة والأخلاق؛ لأنها لا تخضع للرقابة، والذين يقومون بإعدادها لا يتقيدون بأحكام الإسلام، وأن بعض القنوات انفكَّ تشفيرها، فصارت قضية الزنا علانية ومجانية.

 

والشباب يُقبلون على المسلسلات المدبلجة هربًا من مشاكلهم اليومية، خاصة البطالة والفراغ العاطفي؛ إذ يجدون في تلك المسلسلات متنفسًا عن مكبوتاتهم، وتدفعهم المشاهدة المستمرة لهذه المسلسلات التي تصور في مجملها حياة البذخ والترف إلى احتقار مستواهم المعيشي، وبالتالي البحث عن وسائل للغنى وكسب المال حتى عن طريق سبل غير مشروعة.

 

إخوتي الأحبة، إن من أخطر الأمور التي ترسِّخها تلك المسلسلات في نفوس الجيل عامة، هي تلك المعتقدات النصرانية والبوذية والأفكار اليهودية التي تبث داخل تلك المسلسلات، فكم من بطلٍ في تلك المسلسلات لم يستطع تحقيق الأهداف إلا بالمثول أمام بوذا أو الصليب، والتقرب إلى تلك الأوثان، ويظهر المسلسل أن لتلك الأوثان القدرة الخارقة في نصرة البطل من أحداث رعد وبرق، وأحداث كونية.

 

وبالتالي تَضعُف عقيدة الولاء والبراء لدى المسلم، ومن الوسائل التي تغري مشاهد الأفلام بتعاطي المخدرات، فقد يُعرض فيلم عن كيفية صناعة هذه المخدرات وكيفية تهريبها، فمن باب الفضول وحب الاستطلاع، وحب المغامرة التي توجد عند بعض الشباب، قد يجرب الشاب نفسه في هذا الميدان، فيقع ضحية المخدرات، وضحية الأفلام قبل ذلك.

 

لقد تنبَّه أعداء الإسلام لخطر هذه الأدوات، لذا فإن الإعلام الفاسد سلاح من أعظم الأسلحة المدمرة لبيوت المسلمين، وأداة من أخطر الأدوات على شريعة رب العالمين، سلاح تستعمر به العقول قبل الحقول.

 

إننا نعيش غزوًا جديدًا، لا تشارك فيه الطائرات ولا الدبابات، غزوًا ليس له في صفوف الأعداء خسائر تذكر، فخسائره في صفوفنا نحن المسلمين، إنه غزو الشهوات، غزو الكأس والمخدرات، غزو الأفلام والمسلسلات، والأغاني والرقصات.

 

وها هم أُولاء خبثاء صهيون في اجتماعاتهم المنعقدة عام ١٨٩٨ جعلت أهم ما يسيطرون به على المسلمين وغيرهم هو الإعلام، وخاصة عالم السينما، وأصدروا قرارًا بمنع أي يهودي من دخول السينما، ومن عرف عنه أنه يرتادها كان حكمه الإعدام، فقاموا بالاستيلاء على معظم الشركات العالمية للسينما، فرؤساؤها ومؤسسوها كلهم يهود كـمترو جولد ماير، كولومبيا، ووارنر بروس، وبارامونت، ويونيفرسال، وتوانتي فوكس، وغيرها، وقد اجتمع (8194 ‏منصرًا) وعقدوا اجتماعًا عالميًّا في هولندا مثله أكثر من خمسين دولة، وكلِّف 21 ‏مليون دولار، وكان هدفه دراسة كيفية الإفادة من البث الفضائي للتنصير والتأثير ‏على المسلمين.

 

أيها العاكف على صنم المرئيات والفضائيات باحثًا عن المتعة الشهوانية، واللذة البهيمية، والسعادة الزائفة، أليست هذه غفلةً عن الله وذكره وعبادته؟ وعن الموت وسكرته؟ وعن القبر وظلمته؟ وعن الحساب وشدته؟

 

فوسائل الإعلام الخبيثة أتت لتقتل دعوة الأنبياء والمرسلين، وذلك بنشر الشبهات والشهوات، الشبهات التي تُفسد على الناس عقائدهم وإيمانهم، والشهوات التي تفسد على الناس عبادتهم، ومعاملتهم وأخلاقهم.

 

وسد الشرع الحكيم جانب الشبهات، فقد روى الإمام أحمد والدارمي عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه أن عُمَرَ بْنَ الخَطابِ رضي الله عنه أتى النبِي صلى الله عليه وسلم بِكِتابٍ أصابَهُ مِن بَعْضِ أهْلِ الكُتُبِ، وفي رواية – بنسخة من التوراة – فَقَرَأهُ على النبِي صلى الله عليه وسلم فَغَضِبَ، فَقالَ: «أمُتَهَوكُونَ فِيها يا بْنَ الخَطابِ؟ والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِها بَيْضاءَ نَقِيةً، لا تَسْألُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَق فَتُكَذبُوا بِهِ، أوْ بِباطِلٍ فَتُصَدقُوا بِهِ، والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أن مُوسى كانَ حَيًّا ما وسِعَهُ إلا أنْ يَتبِعَنِي».

هذا حكم من نظر في التوراة التي جاء بها موسى، ويُعد الإيمان بها من أركان الإيمان، والناظر فيها مَن؟ إنه عمر الفاروق الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان لَيَفْرَق منك يا عمر»، (صحيح الجامع الصغير)، والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إن يكن في هذه الأمة محدثون فعمر»؛ (متفق عليه)، ومع ذلك يَلْقَى اللوم والعتاب من النبي صلى الله عليه وسلم، واتفق علماء الإسلام على تحريم النظر في كتب الفلسفة وعلم الكلام، ورأوا أن ذلك زندقة، وأن أصحابه من أهل البدع، قال الإمام الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد والنعال، ويُطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على علم الكلام، وأما في جانب الشهوات، فانظر كيف حرَّم الله تعالى إشاعة الفاحشة، فحرم اتهام الناس في أعراضهم بالزنا، وضيق الباب فجعل الشهادة لا تتقبل إلا بنصاب، أربعة شهداء من العدول الأنجاب، ولو أقسم ثلاثة أنهم رأوا جريمة الزنا، لنالهم من الله العقاب، فقال الله تعالى بعد أن ذكر حد القذف وهو ثمانون جلدة: ﴿ إن الذِينَ يُحِبونَ أنْ تَشِيعَ الفاحِشَةُ فِي الذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ فِي الدنْيا والآخِرَةِ واللهُ يَعْلَمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور:١٩].

 

أفِق أيها الرجل قبل أن تقول: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99، 100]، ثم يأتيك جواب الواحد الأحد: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100]، أين أنت من قوله تعالى: ﴿ قُل للمُؤمِنِينَ يَغُضوا مِن أبصَرِهِم ويَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذلِكَ أزكى لَهُم إن اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصنَعُونَ ﴾ [النور:٣٠]، أين أنت من قوله تعالى: ﴿ يَعلَمُ خائِنَةَ الأعيُنِ وما تُخفِي الصدُورُ ﴾ [غافر:١٩]، أين أنت من قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، أين أنت من قوله تعالى: ﴿ إن السَّمْعَ والبَصَرَ والفُؤادَ كُل أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسؤُولًا ﴾ [الإسراء:٣٦]، أين أنت من قوله تعالى: ﴿ والذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَافِظُونَ * إلا عَلى أزوجِهِم أو ما مَلَكَت أيمَانُهُم فَإنهُم غَيرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابتَغى وراء ذلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العادُونَ ﴾ [المؤمنون: 5 – 6].

وعلى المسلم أن يحفَظ وقته فيما يفيده وينفعه في دنياه وآخرته؛ لأنه مسؤول عن هذا الوقت الذي يقضيه بماذا استغله، قال تعالى: ﴿ أوَلَمْ نُعَمرْكُم ما يَتَذَكرُ فِيهِ مَن تَذَكرَ(فاطر: ٣٧)، وفي الحديث: أن المرء (يسأل عن عُمُره: فيم أفناه؟)؛(حسنه الترمذي).

 

أين أنت من قوله صلى الله عليه وسلم: «.. فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء»؛[رواه مسلم].

 

أين أنت من قوله صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء»؛ [متفق عليه].

 

أين أنت من قوله صلى الله عليه وسلم: «العينان تزنيان وزناهما النظر»؛[متفق عليه].

 

ولنُصغي لكلام من لا ينطق عن الهوى، وهو يخاطب أُمته صلى الله عليه وسلم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَتَتَّبُعنَّ سَنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضبٍّ لاتَّبعتموهم)، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن،وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاثةٌ قد حَرمَ اللهُ – تَبَارَكَ وَتَعَالَى – عليهم الجنةَ: مُدْمِنُ الخمر، والعاق، والديوثُ الذي يُقِر في أَهْلِهِ الخُبْثَ”؛ رواه أحمد.

 

والحجر على صاحب الإعلام الخبيث، لئلا يثير الشبهات على عقول المؤمنين إجراءٌ رادع بحقه، فعلى الآباء والأمهات أن يقوا أنفسهم نار الله تعالى، وأن يتقوا الله تعالى فيما جعله الله تعالى أمانة في أعناقهم، وليحذروا من تمكين الفساد في بيوتهم سماعًا ومشاهدةً، وقد يسَّر الله تعالى بدائل كثيرة مباحة في تلك القنوات التي تبث الخير، وتنشر الفضيلة، وتقوي الإيمان، وتزرع الحياء، وتغرس العفاف، مع ما فيها من برامج ترفيهية للأطفال مباحة، وأخرى تثقيفية للكبار.

 

 





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى