ذكرى ميلاد أم كلثوم.. قصيدة معروف الرصافي إلى كوكب الشرق
ثقافة أول اثنين:
تحل اليوم ذكرى ميلاد كوكب الشرق أم كلثوم أشهر المطربين في التاريخ المصري والعربي قاطبة وواحدة من بين الأشهر في العام وقد ذاع صيتها وانتشر سحرها في الوطن العربي فمس صداها قلب الشاعر العراقي معروف الرصافى فأنشد فيها أبياتا بعنوان “إِلَى أُمِّ كُلْثُومِ”، وهنا القصيدة:
أُمُّ كُـلْـثُـومَ فِـي فُـنُـونِ الْأَغَانِي أُمَّــةٌ وَحْــدَهَــا بِــهَــذَا الـزَّمَـانِ
هِـيَ فِي الشَّرْقِ وَحْدَهَا رَبَّةُ الْفَــنِّ فَـــمَــا إِنْ لِــلْــفَــنِّ رَبٌّ ثَــانِ
ذَاعَ مِنْ صَوْتِهَا لَهَا الْيَوْمَ صِيتٌ عَــمَّ كُــلَّ الْأَمْــصَـارِ وَالْـبُـلْـدَانِ
مَــا تَـغَـنَّـتْ إِلَّا وَقَـدْ سَـحَـرَتْـنَـا بِــافْــتِــتَــانٍ لَـهَـا وَأَيُّ افْـتِـتَـانِ
فِـي الْأَغَـانِـي تُمَثِّلُ الْحُبَّ تَمْثِيــلًا صَـرِيـحًـا بِـصَـوْتِـهَـا الْـفَـتَّانِ
يَـتَجَلَّى فِي لَحْنِهَا مَشْهَدُ الْحُبِّ وَلَــوْنُ الْــوِصَــالِ وَالْــهِــجْـرَانِ
فَـتُـرِيـكَ الْـمُـحِـبَّ عِـنْدَ التَّنَائِي وَتُـرِيـكَ الْـمُـحِـبَّ عِـنْدَ التَّدَانِي
وَتُـرِيـكَ الْـحَـبِـيـبَ عِنْدَ افْتِرَاقٍ وَتُـرِيـكَ الْـحَـبِـيـبَ عِنْدَ اقْتِرَانِ
كُـلُّ هَـذَا فِـي صَـوْتِـهَـا يَـتَجَلَّى مِــنْ خِـلَالِ الْأَنْـغَـامِ وَالْأَلْـحَـانِ
صَــفَــحَـاتٌ مِـنَ الْـغَـرَامِ تَـرَاهَـا ظَـاهِـرَاتٍ فِـي صَـوْتِـهَـا لِـلْعِيَانِ
تُـنْـشِـدُ الـشِّعْرَ فِي الْغِنَاءِ فَتَأْتِي بِـلُـحُـونٍ مُـطَـابِـقَـاتِ الْـمَـعَـانِي
فَإِذَا أَنْـشَـدَتْ عَنِ الْوَصْلِ أَبْدَتْ فِـيـهِ لَـحْـنَ الْـمَسْرُورِ وَالْجَذْلَانِ
وَإِذَا أَنْـشَـدَتْ عَنِ الْهَجْرِ جَاءَتْ بِــلُــحُـونٍ تَـدْعُـو إِلَـى الْأَحْـزَانِ
كَـمْ سَـقَـتْنَا كَأْسَ السُّرُورِ بِلَحْنٍ وَبِــلَــحْـنٍ كَأْسًـا مِـنَ الْأَشْـجَـانِ
تَـفْـهَـمُ الـرُّوحُ مَنْطِقَ الْحُبِّ مِمَّا تَــتَــغَــنَّــى بِــهِ بِــلَا تُــرْجُـمَـانِ
فَـكَأَنَّ الْأَنْـغَامَ فِي الصَّوْتِ مِنْهَا نَــاطِــقَــاتٌ لَــنَــا بِـغَـيْـرِ لِـسَـانِ
قَـدْ سَـمِـعْـنَـا غِـنَـاءَهَـا فَـعَـرَفْـنَا كَـيْـفَ فِـعْـلُ الْغِنَاءِ فِي الْإِنْسَانِ
حُـسْنُ صَوْتٍ يَزِينُهُ حُسْنُ لَحْنٍ فِـيـهِ لِـلـسَّـامِـعِـيـنَ حُـسْنُ بَيَانِ
نَـبَـرَاتٌ فِـي صَـوْتِـهَـا مُشْجِيَاتٌ تَـتْـرُكُ الـسَّـامِـعِـينَ فِي هَيَجَانِ
تَـسْـتَـرِقُّ الْـقُـلُـوبَ مِـنَّـا بِصَوْتٍ نَــعْــبُـدُ الْـحُـسْـنَ مِـنْـهُ بِـالْآذَانِ
كُـلُّ لَـحْـنٍ إِذَا سَـمِـعْـنَـاهُ مِـنْـهَـا دَبَّ فِـيـنَـا دَبِـيـبَ بِـنْـتِ الْـحَانِ
فِـي وَقَـارِ الْـحَـلِـيـمِ تَجْعَلُنَا طَوْرًا وَطَـوْرًا فِـي خِـفَّـةِ الـنَّـشْوَانِ
نَـتَـفَـانَـى فِـي الِاسْـتِـمَـاعِ إِلَيْهَا وَنَــرَى لَــذَّةً لَـنَـا فِـي الـتَّـفَـانِـي
وَتَــرَانَــا نَــهْــتَـزُّ حِـيـنَ تُـغَـنِّـي فَــكَأَنَّــا فِــي حَــالَـةِ الـطَّـيَـرَانِ
وَكَأَنَّ الْأَرْوَاحَ -إِذْ تَــتَــعَـالَـى طَــرَبًـا – جُـرِّدَتْ مِـنَ الْأَبْـدَانِ
هِـيَ فِـي مُـرْتَـقَى الْأَغَارِيدِ تَعْلُو حِـيـنَ تَشْدُو وَنَحْنُ فِي خَطَرَانِ
يَـشْـعُـرُ الْمَرْءُ حِينَ يُصْغِي إِلَيْهَا بِــغَـرَامٍ مِـنْ صَـوْتِـهَـا رُوحَـانِـي
بِـنْـتُ فَـنٍّ غَـنَّـتْ لَـنَـا فَـسَـقَـتْـنَا مِـنْ فُـنُـونِ الْـغِـنَـاءِ بِـنْـتَ دِنَـانِ
هَـكَـذَا فَـلْـتَـكُـنْ يَـدُ الْـفَـنِّ عُـلْيَا هَــكَـذَا فَـلْـيَـكُـنْ عَـلَـى الْـفَـنَّـانِ