Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار وثقافة

“كتاب الهذيان” قصيدة للشاعر حسن عامر.. من ديوانه الجديد

ثقافة أول اثنين:


يطل علينا الشاعر حسن عامر بديوان جديد بعنوان “كتاب الهذيان” عن دار العين للنشر والتوزيع، وقد اخترنا لكم قصيدة بعنوان الديوان نفسه، يقول حسن عامر..


 


كتاب الهذيان


 


خفافيشُ مذعورةٌ تنصبُ الليلَ حولي، وسِربُ دُخَانٍ طويلُ


ظلامٌ يَسيرُ على قَدَمَيْنِ، وغيمةُ أسئلةٍ لا تسيلُ


صدًى لانكسارِ الظلالِ، سرابٌ يحدِّقُ فى مائِهِ المستحيلُ


ونبعٌ على قَدْرِ أحزانِهِ يرسمُ العشبَ، والرملُ خيطٌ هزيلُ 


تنامُ الجهاتُ على بعضِهَا فى المكانِ، ينامُ الزمانُ العليلُ


لقد أطلقَ الموتُ أنفاسَهُ فى البراري، وأرخى يَدَيْهِ الذبولُ


إلى طينِهَا ترجعُ الكائناتُ، وينسحبُ الضوءُ وهو خَجُولُ


ويَمرَضُ فى الروحِ طعمُ الحنينِ، ويَذبُلُ هذا الكفاحُ النبيلُ


 


إلى أينَ تأخذُنِى يا حصانى الجريحَ؟! وقد أَثقَلَتْنِى النصولُ


إلى أينَ تأخذني؟! والمدى قفزةٌ فى الأساطيرِ، والليلُ غولُ


كأنَّ الصباحَ الذى يحملُ القلبَ كالطفلِ، ليسَ إليهِ سبيلُ


كأنَّ السعادةَ محضُ حروفٍ، تألَّفَ منها الرجاءُ الذليلُ


 


أنا خائفٌ ربما، أو حزينٌ، فليسَ لأحوالِ قلبى مثيلُ!


تركتُ يَدِى فى وداعٍ قديمٍ، وما زالَ بى ألمٌ لا يزولُ


فماذا على القلبِ إلا التخلي، وماذا على الدمع إلا النزولُ؟!


كأنَّ العبارةَ أضيقُ من فُسحةِ الصمتِ، والصمتُ ظلٌّ ظليلُ


كأنى تعبتُ فأجَّلتُ صوتي، وأدركتُ أنَّ الكلامَ قليلُ


فماذا تقولُ النهاياتُ عن نَفْسِهَا، والهواجسُ ماذا تقولُ؟!


 


أنا، أَمْ أنا نائمٌ فى سريرِ الخرافةِ؟! والخوفُ سقفٌ بديلُ


سلالمُ لا تنتهى فى الكوابيسِ، رعبٌ له جَسَدٌ وذيولُ


سماءٌ مُوزَّعَةٌ بالتساوى على الفاتحينَ، ويأسٌ أصيلُ


بيوتٌ مصابيحُهَا من ترابٍ، وسورٌ عليهِ النهارُ قتيلُ


جسورٌ من الوهمِ، ذكرى سطورٍ، دَمٌ مستعارٌ، دوارٌ، ذهولُ


جبالٌ يُفتِّتُهَا جيشُ نملٍ، ووادٍ يُعشِّشُ فيهِ الخُمولُ


بلادٌ توارتْ وراءَ الضبابِ، وبحرٌ يضيقُ به الأرخبيلُ


وصحراءُ يوشكُ أنْ تَتَلاشَى رويدًا رويدًا، وتُطوَى السهولُ


تفرُّ الظباءُ الحبيسةُ فى النصِّ، تغرقُ فى الذكرياتِ الخيولُ


ويندفعُ الوقتُ فى ثُقبِ هاويةٍ لا تُرى، والليالى تطولُ


أفتِّشُ عن خيمةٍ فى خيالي، ولا شيءَ إلا الأسى والطلولُ


ولا شيءَ إلا رمادُ البقايا، وحربٌ على الجانبينِ تميلُ


إذنْ لا سبيلَ إلى أى معنًى، ولن ينفعَ الضائعينَ الوصولُ


فأينَ هو الماءُ من كلِّ شيءٍ؟! لتكنسَ هذا الزحامَ السيولُ


 



 


كأنى سمعتُ النشيدَ البدائيَّ، تنثرُهُ فى الرياحِ الطبولُ


أظنُّ البرابرةَ الآنَ يقتربونَ، فثمَّةَ نارٌ تجولُ


وثمَّةَ رائحةٌ من غبارٍ، على رملِهَا كلُّ شيءٍ دليلُ


سينحسرُ النهرُ عما قريبٍ، وتبكى على ركبتيهِ الفصولُ


 


كأنى هنالكَ شاهدتُ أمي، وفى صمتِهَا نسوةٌ وعويلُ


يعاتبُنِى صوتُهَا فى الغيابِ، ويجرحُنِى وجهها والنخيلُ


عبرتُ القرى فى قطارٍ سريعٍ، وفاضتْ من العينِ تلكَ الحقولُ


وفاضَ الأسى من عيونِ الصبايا جِرَارًا، وفاضَ الكلامُ الجميلُ


 


رأيتُ المنازلَ تحبو ورائي، ويجذبُنِى من يدى الرحيلُ


إلى أينَ يا نجمةً فى الأعالي، ويا قمرًا يشتهيهِ الأفولُ؟!


خُذْ النارَ كاملةً، أو فَدَعْهَا، فلا وصفةٌ للأسى، أو حلولُ


تقولينَ ما حاجتى للبكاءِ؟ أقولُ: لأنْ الوجودَ ثقيلُ


لأنى كشفتُ القناعَ الأخيرَ، وَكَسَّرَنِى فى يَدَيْهِ الفضولُ


ولو كانتْ الأرضُ تزحفُ نحوي، لقلتُ لها إننى أستقيلُ.


 


 


 


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى