الموت في ميدان الثقافة.. مبدعون رحلوا في المحافل الثقافية

لم يكن محمد أبو العلا السلامونى، المبدع الأول الذي يغيب أثناء مشاركته في اجتماع لهيئة ثقافية أو مشاركته في فعالية ثقافية، إذ رحل مبدعون عدة خلال ظهورهم في محافل إبداعية مختلفة، ليكون المشهد الأخير لهؤلاء الكبار، داخل ميدان الثقافة الذي طالما أثروا فيه، وكان لهم جولاتهم وصولاتهم التي لا تنسى، بل أن العام الحالي شهد رحيل مبدع آخر أثناء مشاركته في فعالية ثقافية، وهو الدكتور عبد الرحيم الكردي، الذى غاب عن عالمنا أثناء مشاركته في تأبين المترجم الكبير الدكتور محمد عناني.

وحتى لا ننسى هؤلاء الذين ظلوا حتى آخر نفس يعملون ويتحركون في الحقل الثقافي، بشغف وحماس الشباب، نذكر في هذا التقرير بعضا منهم، ونذكر المشهد الأخير في حياة هؤلاء الرموز الثقافية والعلمية الكبيرة..

طلعت الشايب يرحل أثناء مشاركته فى ندوة بدمياط

في يوم الجمعة 31 مارس عام 2017، وأثناء مشاركته فى ندوة بصالون التورجى فى دمياط، رحل عن عالمنا المترجم الكبير طلعت الشايب، إذ كان يلقى محاضرة عن الترجمة ويستعرض تجربته الشخصية وأصيب بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى مستشفى دار الحياة وكان يرافقه تلميذه وليد عبد العزيز، وفشل الأطباء فى إنقاذه.

محمد حسن خليفة يغادر من أرض المعرض

 

في يوم 23 يناير عام 2020، توفي الكاتب الصحفي الشاب محمد حسن خليفة، بعد دقائق معدودة من توقيع مجموعته القصصيه الأولى “إعلان عن قلب وحيد” أثناء تجوله في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020،.وسقط خليفة مغشيًا عليه أثناء شراء بعض الكتب بالمعرض،  وأسرعت إدارة المعرض لإسعافه، لكنه توفي في المستشفى الجوي فور وصوله، ولم يكشف الأطباء عن أسباب الوفاة حتى الآن.

رحيل محمد علي سلامة بعد مناقشة “زهور بلاستيك”

 

الدكتور محمد على سلامة، أستاذ الأدب العربي بجامعة حلوان، كان ضيفا دائما على الكثير من الفعاليات الأدبية، وكان يحرص من حين إلى آخر إلى تقديم الأعمال الأدبية الجديدة، ليكون آخر مشهد في حياته أثناء مشاركته في ندوة مناقشة رواية “زهور بلاستيك” للكاتب شريف مليكة، يوم 8 مايو 2022، وبعدها يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد وصله لمنزله بدقائق معدودة، ليكون مشهده الأخير أثناء مشاركته في فعالية ثقافية بمكتبة مصر العامة، ووسط مشاركة من أساتذة ونقاد كبار من تلاميذته وأصدقائه.

مصطفى سليم يودع من المسرح

 

بعد مشوار كبير مع تطور ودعم المسرح المصرى، وبعد ظهور أخير خلال تكريمه فى مهرجان شرم الشيخ الدولى لمسرح الشباب فى دورته السابعة، والذى أصر على حضور فعاليات المهرجان رغم المرض الصحى المفاجئ الذى تعرض له خلال الأشهر الماضية، رحل عن عالمنا الدكتور مصطفى سليم رئيس المركز القومي للمسرح الأسبق، يوم 6 ديسمبر 2022، ليكون آخر مشهد للناقد الفني الكبير من المسرح، وخلال تكريمه في أبو الفنون.

عبد الرحيم الكردى يلحق بصديقه أثناء تأبينه

في 12 فبراير 2023، شهد مقر المركز القومي للترجمة بالقاهرة، وفاة الدكتور عبدالرحيم الكردي عميد كلية الاداب الاسبق بالاسماعيلية، ومقرر لجنة الدراسات النقدية بالمجلس الأعلى للثقافة، أثناء مشاركته في ندوة تأبين الدكتور الراحل محمد عناني، حيث سقط أثناء إلقاء كلمته بالندوة، وتم نقله على الفور إلى إحدى المستشفيات، ولفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول إليها، وبعد هذا التاريخ بنحو ثلاثة أشهر حاز الرجلين جائزة الدولة الأول “التقديرية” في الآداب، والثاني “النيل” في الآداب.

حمدي أبو جليل يرحل بعد تكريمه فى اتحاد الكتاب

 

مثلما كان مثيرا في أفكاره وأطروحته المختلفة، قرر أن يكون مثيرا أيضا في موته، فالكاتب حمدي أبو جليل، هذا المبدع الجرئ والمختلف، رحل في عامه السادس والخمسين شكل مفاجئ، بعد ليلة الاحتفاء والتكريم به، ففي يوم 11 يونيو 2023، وبعد ساعات قليلة من مشاركته في تكريم أقامته النقابة الفرعية اتحاد كتاب بني سويف والفيوم، الكاتب أحمد قرنى رئيس النقابة بإهدائه درع النقابة، رحل المبدع الكبير بعد ليلة حافلة، ليكون آخر مشهد له في حياته هو مشهد تكريمه، ليعوضه بعض الشئ عن التكريم الذي كان يرى أنه يستحقه في حياته.

محمد أبو العلا السلامونى

 

الكاتب المسرحي الكبير محمد أبو العلا السلامونى، مات بعد أقل من عشر دقائق من بدء الاجتماع الذى طالب به، في تمام الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم الأحد 18 يونيو 2023، حيث حضر أبو العلا السلامونى إلى مقر المركز القومى  للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، للاجتماع مع مجلس الإدارة لمناقشة مصير مجلة المسرح، هل يتوقف إصدارها الورقى وتتحول إلى الاصدار الإلكتروني، بدأ يتحدث بحماس وانفعال شاب فى العشرينات من العمر، قال إنه يرفض تماما تحويل هذا الإصدار إلى الكترونى، وأشار إلى ما يصدر عن كافة الدول العربية من مجلات متخصصة فى المسرح، وتحدث عن  أهمية تكامل الأجهزة التابعة للثقافة، وفجآة بدأ يتنفس بصعوبة، ويفقد الوعى، وسط ذهول ودهشة وصدمة الحاضرين، المشهد المأساوي كان فوق طاقة احتمال الجميع، شاء القدر أن تنتهي حياته وهو يدافع عن ما يؤمن به.