الأيام الأخيرة لسيلفيا بلاث في رواية “يوفوريا” للكاتبة السويدية إلين كولهيد
ثقافة أول اثنين:
“أوه، إنه هنا، لصي الأسود” هكذا كتبت سيلفيا بلاث في مذكراتها، التى تتوق في نصفها للعودة إلى زوجها الشاعر تيد هيوز وتخشى في نصفها الآخر رجوعه في عام 1956م، استخدم كل الشاعرين بعضهما البعض كوقود للكتابة الأسطورية المتوهجة لذلك فإن الكتابة عن زواجهما أمر خطير لأنك في هذه الحالة تكتب عن اثنين من أعظم شعراء القرن العشرين لكنها حكاية مغرية وربما خاصة بالنسبة للروائيين، لأنها قصة كاتبين يخوضان صراع حياة أو موت في منزل بعيد، مع عشيقة دعتها بلاث نفسها إلى المنزل في لفتة مدمرة للذات.
كل هذه الأحداث تطل برأسها من رواية “يوفوريا” وهى رواية مزينة بالكثير من الزخارف للكاتبة السويدية إلين كولهيد، هي سرد لما جرى خلال السنة الأخيرة للشاعرة الأمريكية الشهيرة جدا سيلفيا بلاث، مغمورة بصور بلاث الخاصة حيث كتبت من منظور عميق داخل رأسها وسط جرأة هائلة من الكاتبة التى حاولت بشكل فعال أن تقدم ما نجحت بلاث بشكل مذهل في القيام به في قصائدها الأخيرة وهو ما تمثل في كتابة كل متعة وألم وأنشطة عادية في آن واحد “الخبز، البستنة، الأطفال النائمون” ومشحونة بشكل محموم بقصيدة الشمعدان حيث أصبحت بلاث وهي تسير مع الشمعدان إلى غرفة نوم ابنها عاملة منجم إلى جانب “مقرنصات شمعية” بينما صارت غرفة الطفل عبارة عن رحم ينضح “بهواء الخفافيش الأسود”.
في مرحلة ما من أحداث الرواية أخبر هيوز سيلفيا بلاث أن الحياة مهمة للجميع وأن مهمته هي الحرية، لكن الحرية التي يسعى إليها هيوز هي الحرية في التهرب من مسؤولياته كأب وإقامة علاقة غرامية مع آسيا ويفيل. لكن سيلفيا بلاث قد التزمت بحياة مع هذا الرجل جزئيًا إذ أغوتها رؤيته للحرية. كتب هيوز في قصيدته The Jaguar عام 1957: “خطوة برية هي الحرية.. العالم يتدحرج تحت قوة دفع كعبه الطويلة”، الآن بعد أن أظهرت حرية زوجها أنها مختلفة عما كانت تعتقده بشكل ساحق صار يتعين على بلاث أن تستوعب إحساسها الخاص بماهية الحرية.
تخشى بلاث الحرية هنا لأنها تخشى الشعور بالوحدة، وفقا للرواية ووفقا للمشاعر الداخلية التى عبرت عنها الكاتبة حيث تقول على لسان سيلفيا بلاث : “كان خوفي الأكبر هو هذه الوحدة، سأكون مخللة في جرة الوحدة”، قبل أن يتركها هيوز ، شعرت بضيق دائم في حضوره ، وأنها غير قادرة على الكتابة ، وحتى غير قادرة على التنفس، ومع ذلك ، كانت تشعر بالوحدة الشديدة، بعد رحيله وتركه إياها للعيش مع عشيقته نراها تدريجيًا وبخوف تعيد ربط الوحدة بالحرية، تكتب كولهيد بحزن عن الزواج وحالاته المزاجية ، وعن حنان الأبوة ، لكن أفضل ما تكتبه هو عن الحرية الإبداعية وكيف يفهم الشاعر الحرية.
وتعد سيلفيا بلاث واحدة من أهم الشاعرات في القرن العشرين وقد اشتهرت كثيرا بعد رحيلها بل صارت أيقونة نسوية بسبب قصتها الآسرة مع زوجها الشاعر تيد هيوز.