بالهجرة أعز الله الإسلام وانتصرت الدعوة.. من مكة إلى المدينة

ثقافة أول اثنين:
يحتفل المسلمون اليوم ببداية العام الهجرى الجديد، حيث تمر اليوم الذكرى 1446، على هجرة النبى محمد، عليه الصلاة والسلام، ومعه الصحابى الجليل أبى بكر الصديق، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، إذ هاجر صلى الله عليه وسلم فيما يوافق 12 سبتمبر عام 622م.
وحسب ما جاء في كتاب “الأوابد” لـ عبد الوهاب عزام في فصل الهجرة مولد تاريخ: بالهجرة عزَّ الإسلام وانتصرت دعوته، ونفذت شريعته، وتألفت الجماعة الإسلامية الأولى؛ الجماعة التي انتشرت فإذا هي أمة تجمع المشرق والمغرب، وجاهدت فإذا هي ملء الزمان عزمًا وحزمًا، وإقدامًا وصبرًا، وثباتًا ودأبًا، وسيطرت، فإذا دولة تقوم على الأسود والأبيض بشريعة من الحق الشامل والأخوة الجامعة، ثم استقرت وعملت فإذا الحضارة المؤمنة الرفيعة التي تحطم الحدود الفاصلة، وتمحق العصبيات الباطلة، وتسوي بين الناس إخوة عاملين متعاونين، كلهم لآدم، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح.
لقد كانت هذه الجماعة الإسلامية القليلة التي أقرتها الهجرة في المدينة كالبذر الطيب يجمعه الزارع الصالح، وينقيه ثم ينثره فيملأ الأرض خصبًا وبركة، وكبخار البحر يجمعه السحاب ثم يتفرق به في أرجاء الأرض حياة وطهرًا وخصبًا ونماءً.
فَقِهَ هؤلاء الصحب الأجلاء عن رسولهم، ووعي هؤلاء التلاميذ الصالحون عن معلمهم، ثم انتشروا في أرجاء الأرض قوادًا فاتحين، وولاة راشدين، وقضاةً عادلين، وعلماءً هادين، وعبادًا خاشعين، فاجتمع السيف والكتاب، والعرش والمحراب، والسلطان والعلم، والقدرة والحلم، وما زال هذا البحر يمد، وما زال هذا النور يشعُّ، وما زال هذا الخير يشيع، وما زال هذا الحق يسيطر، وما زال هذا الدين ينتشر، وما زال هذا العزم يمضي، وما زال هذا الجهاد يدأب، حتى شهد العالم أول مرة أمة واحدة منتشرة بين الصين وبحر الظلمات، فنيت فيها الأجناس، وامَّحت الألوان، وصبغها لون وضَّاء من الأُخوَّة والمودة، وتعاونت فيها العقول على فلسفة واحدة، وفقه واحد، وأدب واحد، وتضافرت الأيدي على نسج حضارة واحدة.