الإسلام فى الجامعات الأوروبية.. كتاب يكشف كيف استقبلت الكليات الدين
ثقافة أول اثنين:
يتناول كتاب “الإسلام في الجامعات الأوروبية: المساقات – الفرص – الثغرات” الصادر عن مركز المسبار، تدريس الإسلام في عدد من الجامعات الأوروبية والأميركية، فيركز على برامج تدريسه في جامعات ألمانيا والنمسا والدنمارك والسويد والنرويج وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا والأميركتين.
ويهدف الكتاب إلى بناء قاعدة معرفية حول الدراسات الإسلامية المعاصرة وبناء مناهجها في الأكاديميات والمعاهد الأوروبية والأميركية، ويضيء على مسارات وبرامج تدريس الإسلام ومساقات التعايش والتفاهم والأديان المقارنة، والتحديات التي تواجهها، والنقاشات الدائرة حولها، وتأثير الدوافع والأهداف في خلق الاختلافات المنهجية والمخرجات التربوية المتباينة.
تكاثرت فرضيات التأريخ لولادة الدراسات الإسلامية في المجالين الأوروبي والأميركي، واستعجل أغلبها تعميم نظريات مثل “موت الاستشراق” الذي استمر لمدة قرنين وانقضى في السبعينيات من القرن العشرين، مما أدى إلى استقلال الدراسات الإسلامية؛ وهي نظريّة لا تفارق “نظريات التفسير السياسي” التي ربطتها بتفاقم ظاهرة العنف الديني، وإرهاب ما بعد ثورة الخميني 1979، والتحولات في السياسة الدولية بعد هجمات 2001 الإرهابية، مما ساهم في ولادة مسارات بناء خطاب الإسلام المحلي المتعايش مع قيم مجتمعه وحدوده الوطنية؛ والذي يؤهّل منهجه الأئمة الأوروبيين والأميركيين لحماية الأمن الروحي لمسلمي بلادهم. وكلها نظريّات وجيهة، ولكنّ تعميمها يحتاج إلى نظر. لذا اختار الكتاب دراسة كل سياق على حدة، متتبعًا مساراته، ومساقات جامعاته، وتحقيبه التاريخي، مع استحضار شهاداتٍ لأبرز الباحثين المؤثرين في خلق هذه السياقات.
وشرحت الدراسة الأولى التجربة الألمانية في تدريس الإسلام ومناهجه، وتاريخه في أربع جامعات رئيسة: «جامعة توبنغن» (University of Tübingen)، و«جامعة مونستر» (University of Münster)، و«جامعة أوسنابروك» (Osnabrück University)، و«جامعة غوته-فرانكفورت» (Goethe University Frankfurt). .
أما في النمسا التي رصدتها الباحثة النمساوية تمارا نيللي فرويدنشوب (Tamara Nili–Freudenschuß)، فتميّزت بتجربةٍ تاريخيّة سياسية صنعت خصوصيتها؛ إذ بدأت الدراسة بالجذور منذ ضم البوسنة والهرسك إلى «الإمبراطورية النمساوية- المجرية»، فصدرت قوانين الاعتراف بالإسلام ديانة للمواطنين منذ عام 1912.
أما تدريس الإسلام وبرامجه في الدنمارك، فدُرِس باستقراء التاريخ بين الدنمارك والدول الإسلامية، منذ القرن السابع عشر الميلادي، الذي شهد حروبًا وحوارات، وشدًا وجذبًا؛ أضفى الاستشراق عليه جانبًا علميًا، ولكنّ حضور المهاجرين المسلمين في سبعينيات القرن الماضي، استدعى إعادة الجدل حول دمج الخطاب الديني الإسلامي ضمن أطر الدولة.
وناقش أستاذ أصول الدين والفلسفة الإسلامية في قسم اللاهوت بجامعة أوبسالا (Uppsala University) السويدية، محمد فضل هاشمي (Mohammad Fazlhashemi) تطوّر دراسات الإسلام في الجامعات السويدية.
ركّزت المحاضرة في كلية اللاهوت في جامعة أوسلو (University of Oslo) نورا إيغين (Nora Eggen)، على تاريخ تدريس الإسلام في النرويج، ودور المستشرقين الذين انشغلوا بالعربية منذ القرن التاسع عشر الميلادي، وعبرهم دخلت الدراسات الإسلامية ودراسات القرآن إلى المعاهد والجامعات.
وتناولت الباحثة اللبنانية ميراي عيسى (Mireille Issa)، الدراسات الإسلامية في الجامعات البلجيكية، فعرضت برامج تدريس الإسلام في عدد من الجامعات الرئيسة. الأولى هي «جامعة لييج» (Université de Liège) التي منحت شهادةً بين جامعية عن الإسلام في أوروبا، تقدمها كلية الفلسفة والعلوم الاجتماعية، ومركز التعليم المستمر في العلوم الإنسانية والاجتماعية، باللغة الفرنسية، وفي الجامعة حزمة مساقات عن الفن والتاريخ الإسلامي واللغة العربية ولهجاتها العامية، وهي تستضيف أقسامًا للدراسات المملوكية.
في السياق البريطاني تناولت دراسة المحاضر في كرسي الشيخ زايد للدراسات الإسلامية في كلية اللاهوت في جامعة كامبريدج (University of Cambridge) تيم ونتر (Tim winter) تاريخ الدراسات العربية والإسلامية في «كلية اللاهوت في جامعة كامبريدج»؛ الذي يعود إلى أواخر القرن الثالث عشر.
وفي إطار موازٍ، عرضت دراسة الباحثة والأكاديمية المصرية هالة ثابت المقصود بالدراسات الإسلامية في المجال الدولي، وما اعتمدت عليه من مناهج واتجاهات بحثية تأثرت بالظروف الدولية عبر الفترات التاريخية المختلفة.
ومع بروز الحاجة الفرنسية الرسمية الملحة لبناء «إسلام فرنسي»، بدءًا من الفضاء العام وصولًا إلى الجامعات والمعاهد، تطرقت دراسة الباحثيْن الفرنسيين جان-جاك تيبون (Jean–Jacques Thibon)، وفرانسيسكو شيابوتي (Francesco Chiabotti) إلى «علم دراسة الإسلام» (Islamologie) بوصفه فرعًا معرفيًا وأكاديميًا في الجامعات والمعاهد الفرنسية.
وقدم الباحث والأكاديمي التونسي محمد الحدّاد، شهادته حول تدريس الإسلام في الجامعات الفرنسية ومراحل نموه ومناهجه من الفيلولوجيا إلى الإسلاميات التطبيقية، فناقش الدّور الفرنسي في تطوير الدراسات حول الإسلام وموقعها في المعارف الحديثة.