نفى سعد زغلول.. الشرارة التي أطلقت ثورة 1919

ثقافة أول اثنين:
في مثل هذا اليوم 9 مارس من عام 1919 انطلقت الشرارة الأولى لثورة 1919 وذلك بعد يوم واحد من اعتقال الإنجليز لسعد زغلول ومحمد محمود وحمد الباسل وإسماعيل صدقي وسقيهم إلى ثكنات قصر النيل ومنها إلى بورسعيد ثم نفيهم إلى جزيرة مالطة، وتعد ثورة 1919 أحد أبرز الثورات في تاريخ مصر الحديث.
ما كاد نبأ اعتقال ونفي سعد زغلول وزملائه يسري بين الشعب حتي اندلع لهيب الثورة يوم 9 مارس في القاهرة والمدن الكبرى ثم القري، وخرجت المظاهرات الطلابية لتجوب شوارع القاهرة هاتفة بالاستقلال منادية بسقوط الحماية، وتصدت لها السلطة العسكرية البريطانية بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، ولم يرهب المتظاهرون القتل واستمروا فى مظاهراتهم، وانضمت لهم طوائف الشعب كافة ومن بينهم الفلاحين والعمال، ومن بينهم عمال السكك الحديدية الذين كان يزيد عددهم عن 4,000 عامل، قاموا بقطع السكك الحديدية و الخطوط التلغرافية لمنع اتصال قوات الاحتلال بإنجلترا، كما تم تعطيل الأسلاك البرقية والتليفونية واضطرب البريد، وتعطلت المواصلات في جميع النواحي وأنشأت القوات البريطانية محاكم عسكرية وكانت تصدر أحكامًا بالحبس أو الجلد أو الغرامة، وذلك حسب ما جاء على موقع الهيئة العامة للاستعلامات.
واستمرت المواصلات معطلة، وكانت الأحياء الوطنية العامة كحي الحسين والسيدة زينب وباب الشعرية والجمالية تشهد تظاهرات قوية، وأقيمت الحواجز والمتاريس في هذه الأحياء لتعطيل سير المدرعات البريطانية، وحفر الثوار خنادق عميقة بالشوارع في الملحمة التي قادها الشعب المصري، كما انتشرت الثورة من القاهرة إلى الدلتا والأقاليم فقلدت العاصمة فى مظاهراتها وإضرابها، وشاركت أيضاً المرأة المصرية كما توحد المسلمون والمسيحيون فى الثورة، ولم يعد هناك مكان إلا ويضج بالثورة الوطنية.
بعد نحو شهر من ثورة المصريين المشتعلة، وعدم اكتراثهم بالإنذارات والتهديدات البريطانية التي تطوّرت إلى قمع وحشي، بدأ الاحتلال بإطلاق النار على المُتظاهرين، وانتهى بمحاكماتٍ عسكرية في الشوارع، وإزاء اتساع نطاق الثورة والعجز عن إخمادها، رضخت سلطات الاحتلال البريطاني لإرادة المصريين، وقررّت الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه في 7 أبريل 1919 وفتح أبواب السفر إلى أوروبا أمام المصريين، كما استدعت الخارجية البريطانية ونجيت، وحل محله لورد اللنبي الذي استغل الفرق البريطانية للسيطرة علي الثورة، وحدثت صدامات بين الثوار والقوات الإنجليزية، وقتل عدد غير قليل من المصريين في هذه الصدامات.
وفي النهاية تراجعت إنجلترا وقامت بالإفراج عن سعد زغلول ورفاقه، وأعلنت أنها مستعدة للتفاوض بشأن استقلال مصر، وسمحت لوفد سعد زغلول بالسفر إلي أوروبا، ولكنهم وجدوا الأبواب موصدة أمامهم، فقد وافقت الدول الكبرى على الحماية البريطانية على مصر، ولم يسمح لمصر عرض قضيتها، فعاد المصريون إلي الثورة وازداد حماسهم، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية، فألقى الإنجليز القبض على سعد زغلول مرة أخرى، ونفوه ثانية إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي (سيلان حاليا)، فازدادت الثورة اشتعالا، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة، ولكنها فشلت.