جمال الدين الأفغاني.. 128 عامًا على الرحيل ولا يزال الغموض مستمرًا

ثقافة أول اثنين:
تحل اليوم 9 مارس، ذكرى وفاة جمال الدين الأفغاني، أحد أبرز المفكرين الذين أثروا في مسار الفكر الإسلامي خلال القرن التاسع عشر، والذي توفي في عام 1897 بإسطنبول، بعد سنوات طويلة قضاها متنقلًا بين دول عدة، ناشرًا أفكاره الإصلاحية ومثيرًا للجدل أينما حل.
نشأته والخلاف حول أصوله
ولد محمد بن صفدر الحسيني عام 1254هـ (1838م)، لكن مكان ولادته ظل موضع جدل، حيث تشير بعض الروايات إلى مدينة أسعد آباد القريبة من كابل، بينما تذهب أخرى إلى قرية أسد آباد في همدان بإيران. في عمر الثانية عشرة، انتقل مع والده إلى النجف لمتابعة دراسته الدينية، وهناك بدأ تشكل وعيه الفكري.
التنقل والتأثير في العالم الإسلامي
أمضى الأفغاني سنوات في النجف، مع فترات متقطعة قضاها في الهند، حيث حج عام 1273هـ (1857م)، ثم عاد إلى أفغانستان ليخدم في بلاط أميرها، لكنه اضطر إلى مغادرتها بعد تغييرات سياسية، فتوجه إلى الهند مرة أخرى، غير أن السلطات البريطانية نفته بسبب آرائه المؤثرة.
بعدها، مرّ بالأستانة حيث نال اهتمام الصدر الأعظم عالي باشا، لكنه نُفي عام 1288هـ (1871م)، فانتقل إلى مصر، وهناك عاش أخصب سنوات حياته الفكرية، حيث التف حوله عدد من الطلاب والمريدين الذين أصبحوا فيما بعد رموزًا في الفكر والإصلاح، ومنهم محمد عبده وسعد زغلول ومحمود سامي البارودي وأديب إسحق.
في عام 1877، أمر الخديوي توفيق بطرده من مصر، فتوجه إلى حيدر آباد، حيث ألّف كتابه الرد على الدهريين، ثم انتقل إلى باريس وأسس مجلة العروة الوثقى مع تلميذه محمد عبده، لكنها توقفت عن الصدور بعد عام واحد. استمر في التنقل بين لندن وبلاد فارس وروسيا، حيث أقام أربع سنوات في سانت بطرسبرغ، قبل أن يعود إلى طهران بدعوة من الشاه ناصر الدين، لكن سرعان ما نشب الخلاف بينهما، ما أدى إلى طرده مرة أخرى.
السنوات الأخيرة والرحيل
في أواخر عام 1892، دعاه السلطان عبد الحميد الثاني إلى الأستانة، حيث وُضع تحت رقابة مشددة. وبعد اغتيال الشاه ناصر الدين عام 1896 على يد الميرزا محمد رضا الكرماني، زُعم أن الأفغاني كان المحرض الرئيسي على الجريمة، لكن الحكومة العثمانية رفضت تسليمه لإيران.
وفي سنواته الأخيرة، أصيب الأفغاني بمرض خطير في الفك، يُعتقد أنه كان سرطانًا، وتوفي في 9 مارس 1897. دُفن في إسطنبول، لكن رفاته نُقل لاحقًا إلى أفغانستان عام 1944، حيث أقيمت له مراسم تكريم كبيرة.
ورغم مرور نحو 128 عاما على رحيله لا يزال جمال الدين الأفغاني شخصية يكتنفها الغموض، فقد استخدم عدة ألقاب مثل الإسطنبولي والكابلي والرومي والطوسي والأسعد آبادي، كما كان يغير زيه تبعًا للبلد الذي يزوره.