الخديوي إسماعيل في ذكرى رحيله.. كيف ألغى السخرة من مصر؟

ثقافة أول اثنين:
تمراليوم ذكرى رحيل الخديوى إسماعيل، إذ رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 2 مارس عام 1895م، عن عمر يناهز 64 عامًا، وهو خامس حكام مصر من الأسرة العلوية وذلك من 18 يناير 1863 إلى أن خلعه عن العرش السلطان العثماني تحت ضغط كل من إنجلترا وفرنسا في 26 يونيو 1879، وقد شهدت فترة حكم الخديوي إسماعيل العديد من الإنجازات والتطورات التي شهدتها الدولة، وكان على رأسهم “إلغاء السخرة”.
حسب ما جاء في كتاب “الخديوي إسماعيل ومعشوقته مصر” من تأليف الدكتور حسين كفاني: وبقدر الحماس الذى ظل يسكن ضمير إسماعيل بقدر ما كانت العراقيل والظروف المتردية التى حشدت فى طريقه وفى طريق مصر من كل الدول فى وقت واحد، من الدول الأوروبية ومن الدولة العثمانية نفسها كذلك من بعض أفراد عائلته فى هذا المناخ شديد الضراوة الملىء بالمؤامرات والدسائس.. استطاع إسماعيل أن يحقق لمصر ولشعب مصر الأساس الاجتماعى من خلال المؤسسات القومية: مجلس الدظار (الوزراء) والدظارات والمصالح الحكومية العديدة الناشئة، ومن خلال النظام التشريعى (المائل فى مجلس شورى النواب) والنظم القضائية الجديدة العامة والمتخصصة التى أرساها وقواعد وقوانين ونظم العمل اللازمة لتسبير العمل بكل هذه السلطات فى دقة متناهية وروتين منتظم.
ويضيف مؤلف الكتاب: جاء إسماعيل إلى الحكم تملؤه قيم الحرية والانسانية ومفاهيم حقوق الإنسان ولا غرو فى ذلك فقد أمضى شبابه بفرنسا وباريس حيث ما زالت تترد أصداء أشعار الثورة الفرنسية “الحرية – الأخاء – المساواة” كل ذلك كان وما فتىء يحمله إسماعيل بين جوانحه وعلى رأس هذه القيم الإنسانية كانت فى تعبيراته الخاصة بلسان ترجمانه إلغاء السخرة بين عمال بلدة الأهالى ورعاية الأديان وحرية أداء شعائرها – الحياة الديمقراطية الحقة – تخفيف الضرائب عن كاهل المواطنين. هذا علاوة على هدف الوصول بالمدن الكبرى الجديدة فى مصر إلى الشكل الحضارى اللائق بها لتماثل على الأقل المدن الأوروبية الشهيرة، وكذلك وصول المواطدين بها إلى الأمن والسلام الإجتماعى المنشود.
وهكذا منذ اليوم الأول لتولى إسماعيل ولاية مصر عقد العزم على إلغاء السخرة.. ففى الأيام الأولى لولايته الحكم يقول الخديوى اسماعيل باشا في خطاب له على أثر صدور فرمان ولاية مصر:
(اعلدت عزمى على إلغاء السخرة هذا معنى من معانى العدالة والحرية أريد أن تتوافر عليه جهودى) ..
لقد نشأت فى مصر حالة جديدة لابد من الالتفات إليها، فمنذ أن تحققت حرية المعاملات؛ وعلى الأخص منذ نشبت الحرب الأمريكية، اثرى الفلاح وعقد اتصالات مباشرة مع المستهلكين الأوروبيينـ فتبدلت بهذا الاتصال أفكاره؛ فلم يعد بوسعى أن أعتمد إلى مايعمد إليه جدى دون التعرض لعواقب وخيمةـ وقد أخذ عليه هذا العمل أخذا مريرا بعد سنة 1840 إن أعمال القناة وحدها تقتضى تجريد 60000 رجل شهريا، والاستياء اليوم حاد وقد يئير القلق غدًا، فإن جميع الأسلحة التى كانت مخزونة فى مصر وباعها المغفور له سعيد باشا قد بقيت فى البلاد، وأعلم أن فريقا كبيرا من الفلاحين قد اشتروا بثمن بخس ما لا يقل عن ثلاث بندقيات ليستطيعوا أن يحتفظوا بواحدة على الأقل يوم يجردون من السلاح وإنى أنوى أن استبدل السخرة بفرق الجيش إذ يمكن حينئذ المحافظة على الأمن العام بجزء منهم واستخدام الباقين في الأعمال العامة ولا أجهل أن استيفاء النظام الجديد يقتضي بعض الوفت فأنا في حاجة إلى المعونة واعتمد في ذلك على فرنسا..