Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار وثقافة

عازف المزمار والعفريت.. قصة شعبية من آيرلندا

ثقافة أول اثنين:


تكشف القصص الشعبية في الدول كيف يفكر الناس وكيف كان خطابهم، ومن القصص التي أوردها كتاب “نزهة الساحرات .. حكايات شعبية من آيرلندا”…


نقرأ معا قصة (عازف المزمار والعفريت )  لـ دوغلاس هايد:


يُحكى أنه فيما مضى عاش في مقاطعة “جالوي” وفي “دونمور”» تحديداً، عازف مزمار نصف أبله، فرغم ولعه بالعزف، لم يتقن سوى لحن أغنية واحدة هي “المحتال الأسود”، ومع هذا كان يتقاضى أجراً مجزياً من المستمعين، لأنه يسليهم كثيراً. وفي إحدى الليالي، في أثناء عودته للبيت نصف مخمور، من حفلة كان يعزف فيها، صعد أحد الجسور الصغيرة، القريبة من بيت أمه، وأخرج مزماره وأخذ يعزف تلك الأغنية، وفجأة برز من خلفه عفريت أمسكه ورماه على ظهره ومشى به، تمسك عازف المزمار بقرني العفريت الطويلين وقال: اللعنة عليك أيها الوحش القذر ، دعني أرجع إلى منزلي، معي عشرة قروش في جيبي، وأريد شراء سعوط لأمي.

رد العفريت: لا تشغل بالك بأمك. تمسك جيداً بقرني، لأنك إن وقعت ستكسر عنقك ومزمارك. هيا اعزف لي أغنية “شان فان فوتش”.


رد عازف المزمار : “لا أعرفها”.

فأجاب العفريت: “لا يهم إن كنت تعرفها أم لا، هيا اعزف وأنا سأجعلك تعرفها. نفخ العازف قربة مزماره وعزف ألحاناً ساحرة، أدهشته هو نفسه فاستدار نحو العفريت وقال: بشرفي أنت معلم محترف في الموسيقى، لكنك لم تخبرني إلى أين تأخذني.

هناك وليمة عامرة، ستقام الليلة في بيت الجنية النائحة  عند قمة كروف باتريك، سأخذك معي لتعزف فيها وصدقني ستنال ما تستحقه من أجر.

قال العازف: أقسم بأنك وفرت على عناء الرحلة، فقد فرض علي الأب وليام الذهاب الى كروف باتريك، عقاباً لي على سرقة ذكر الاوز الأبيض منه في قداس مارتن الماضي.

وهكذا ركض العفريت به عبر الهضاب والمستنقعات والأماكن الموحشة، حتى وصل إلى قمة كروف باتريك. وهناك خبط بقدمه ثلاث خبطات فانفتح الباب أمامهما، ودخلا إلى غرفة أنيقة، تجلس فيها مئات النسوة العجائز حول طاولة من ذهب، تتوسطها. حين رأين العفريت وقفن، وقلن، مسلمات عليه: مرحباً بك مئات آلاف المرات، يا عفريت نوفمبر. لكن من هذا الذي أحضرته معك؟.

أجاب العفريت : إنه أفضل عازف مزمار في آيرلندا كلها.

قامت إحدى العجائز بضرب الأرض بقدمها فانفتح باب عن جانبها في الجدار، برز منه على الفور ذكر الأوز الأبيض الذي سرقه عازف المزمار من الأب وليام. فقال عازف المزمار مستغرباً: أقسم بشرفي أنني التهمت ذكر الأوز هذا مع أمي، ولم نبق منه عظمة واحدة، باستثناء جناح، أعطيته أنا لماري الحمراء، وهي التي وشت بي للأب وليام.

أسرع ذكر الأوز بتنظيف الطاولة من بقايا الوليمة، ثم قال العفريت للعازف اعزف بعض الموسيقى لأجل السيدات  .

ففعل عازف المزمار كما طلب منه، وأخذت العجائز يرقصن دون توقف حتى تعبن، ثم طلب العفريت منهن أن يدفعن أجرة العازف فقامت كل واحدة منهن بنقده قطعة من الذهب. صرخ العازف بفرح: أقسم بأسنان القديس باتريك، بأنني أصبحت غنياً كابن سيد من الأسياد.

فقال العفريت: هيا تعال معي لأخذك إلى بيتك الآن. وحين خرجا وهم العازف بركوب ظهر العفريت، ظهر ذكر الإوز آتياً نحوه، وسلمه طاقماً جديداً من المزامير . ثم قام العفريت بإيصاله بسرعة إلى دونمور وعند الجسر الصغير بالقرب من بيت أمه، ودعه قائلاً: ها أنت تملك الآن شيئين، لم تكن تملكهما قط من قبل الإحساس والموسيقى.

وهكذا انصرف العازف إلى بيته ودق على الباب، منادياً أمه : افتحي الباب يا أمي، لقد أصبحت غنياً كابن سيد محترم، بالإضافة لكوني أصبحت أفضل عازف في آيرلندا.

أجابت أمه: “أنت سكران”.

فرد عليها: “لا البتة، لم أشرب نقطة واحدة”.

فسمحت له بالدخول، ثم أعطاها قطع الذهب التي جناها قائلاً: “انتظري حتى أسمعك الموسيقى المدهشة التي أعزفها”.

وأخذ ينفخ في المزمار، لكن بدلاً من الموسيقى، خرج صرير مزعج، كأنه قادم من عشرات الإوزات وذكور الأوز المتصايحين مما أيقظ الجيران ودفعهم للسخرية منه، هكذا حتى ألقى بالمزمار الجديد، وأمسك مزماره القديم، عازفاً لهم ألحاناً عذبة أسكنتهم وأرغمتهم بعدها على الإصغاء لما قصه عليهم من أحداث تلك الليلة، لكن في الصباح، عندما قامت الأم لتفقد قطع الذهب، لم تجدها، ورأت عوضاً عنها أوراق نباتات لا غير. فقصد العازف بيت القس، وأخبره بالقصة كاملة، لكن القس لم يصدقه، حتى حمل مزماره وأخذ يعزف، فخرج منه صياح الإوز بدلاً عن الموسيقى، فصاح القس غاضباً: “أغرب عن وجهي أيها اللص” . لكن العازف لم يستسلم، بل وضع المزمار الجديد جانباً وحمل مزماره القديم، وصار يعزف ألحاناً بمنتهى الرقة والروعة. ومنذ ذلك الحين وحتى موته لم تعرف مقاطعة «جالوي» عازف مزمار أفضل منه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى