معرض «جذور».. رحلة عبر الزمن في أيام الشارقة التراثية

ثقافة أول اثنين:
يشكل معرض «جذور» نافذة حية على التاريخ العريق ضمن أيام الشارقة التراثية، مقدماً تجربة تعكس تفاعل الإنسان مع بيئته وحياته اليومية، من العملات القديمة إلى العطور الشعبية، ومن أساليب العلاج التقليدية إلى تطور التعليم، يأخذ المعرض زواره في رحلة عبر العصور، حيث تتجسد ملامح الثقافة الأصيلة.
يبدأ المعرض بقسم العملات التقليدية، حيث تُعرض قطع نقدية قديمة توثق مراحل التحول النقدي في الإمارات. يتيح هذا القسم للزوار فرصة الاطلاع على العملات التي كانت متداولة قديماً، وتأثيرها على النشاط التجاري. من قطع الروبية الهندية إلى العملات المحلية، يعكس هذا الجزء من المعرض التغيرات الاقتصادية التي شهدتها المنطقة عبر العقود.
يتناول قسم التعليم مسيرة تطور المعرفة في الإمارات، منذ العصور القديمة وحتى ظهور التعليم النظامي. تبدأ الرحلة مع الكتاتيب، حيث كان الطلاب يتلقون دروسهم على أيدي المطوع، ثم تنتقل إلى المدارس التطويرية مثل التيمية المحمودية التي تأسست عام 1907 في الشارقة، والأحمدية التي افتُتحت في دبي عام 1912، وصولاً إلى التعليم النظامي الذي أسس قاعدة التعليم الحديث في الدولة.
في زاوية أخرى من المعرض، يستعرض قسم أضواء من الماضي التحولات التي طرأت على وسائل الإنارة في الإمارات. من المشاعل الخشبية إلى المصابيح الطينية المضاءة بالكيروسين، ثم ظهور المصابيح النحاسية، يُبرز المعرض كيف تعامل الإنسان الإماراتي مع الظلام، مستعيناً بما توفره البيئة من مواد طبيعية وتقنيات متطورة عبر الزمن.
يحتفي المعرض بفن صناعة العطور التقليدية، الذي اعتمد على النباتات والخلطات الطبيعية. يسلط الضوء على المخمرية، وهي من أقدم العطور الإماراتية، بالإضافة إلى استخدام أوراق الريحان لتعطير الفراش والشعر، وتحضير خلطات عطرية طبيعية تنتشر في المنازل. يعكس هذا القسم البعد الثقافي للعطور في المجتمع الإماراتي ودورها في الحياة اليومية.
لم يكن الطب الحديث هو الخيار الوحيد في الماضي، فقد اعتمد سكان الإمارات على التداوي بالأعشاب والمواد الطبيعية، إلى جانب الحجامة والكي، كأساليب علاجية شائعة. يستعرض هذا القسم التوازن الذي حافظت عليه الشارقة بين الطب التقليدي والحديث، حيث لا تزال بعض المراكز تقدم العلاجات البديلة، تأكيدًا على أهمية الحفاظ على الإرث الطبي.
يُخصص المعرض مساحة للأسواق القديمة التي كانت تشكل القلب النابض للمدن الإماراتية. في الشارقة، كان السوق الرئيس يمتد لمسافة كيلومترين على طول خور المدينة، ليسهل عمليات تحميل وتنزيل البضائع القادمة عبر البحر. يستعرض المعرض سوق العرصة والسوق المسقوف، حيث كانت الدكاكين تُبنى من حجارة البحر والجص، فيما كانت الأسقف تُغطى بسعف النخيل مع فتحات تهوية مربعة، ما يعكس أساليب البناء التقليدية الذكية.
قبل أن ينهي الزائر رحلته في المعرض، يجد نفسه أمام قسم محطة الشارقة الجوية، التي افتُتحت عام 1932، وكانت محطة توقف رئيسية لرحلات الخطوط الجوية الإمبراطورية بين بريطانيا والهند. يسلط هذا القسم الضوء على دور المحطة في تطوير النقل الجوي في المنطقة، وكيف أصبحت الشارقة مركزًا للحركة الجوية والتجارية.
تراث متجدد في قلب الشارقة
يُقدم معرض «جذور» تجربة متكاملة تجمع بين التعليم والتجارة والصحة والفنون التقليدية، مما يجعله مساحة حية تروي قصة من جذورها حتى حاضرها المزدهر. وبينما وتستمر أيام الشارقة التراثية في استضافة الزوار، يبقى هذا المعرض شاهداً على إرث ثقافي يعبر الأجيال، ويؤكد أهمية الحفاظ على الهوية الإماراتية في ظل التطورات الحديثة.
جانب من المعروضات

جانب من المعروضات

جانب من المعروضات