اخبار وثقافة

لصد الخطر المغولى.. حكاية تنازل الملك الكامل عن المدن المقدسة للصليبيين

ثقافة أول اثنين:


تمر، اليوم، ذكرى توقيع الإمبراطور الرومانى فريدريك الثانى هدنةً لمدة عشر سنوات مع الملك الكامل، وهى الاتفاقية التى مهدت الطريق لاستعادة القدس والناصرة وبيت لحم خلال الحملة الصليبية السادسة.


قبل تلك الهدنة، كان قد ساهم تحالف أبناء السلطان العادل – الكامل محمد، والمعظم عيسى، والأشرف موسى – في تحقيق النصر في دمياط وإفشال الحملة الصليبية الخامسة بقيادة حنادى برين، وكان الأمل أن يظل هذا التحالف قويًا، لكن كل واحد انصرف لتحقيق مصالحه، ما أدى إلى صراع بين الكامل والمعظم عيسى حاكم دمشق.


لمواجهة بعضهما، لجأ كلٌ منهما إلى قوى خارجية؛ فاستنجد السلطان المعظم بالسلطان جلال الدين بن خوارزم من الدولة الخوارزمية، بينما استعان السلطان الكامل بالإمبراطور فريدريك الثانى من صقلية، وأعلن الكامل عرضه للإمبراطور بفكرة تسليم بيت المقدس وجميع فتوح صلاح الدين بالساحل الشامى مقابل مساعدته فى حربه ضد أخيه.


أرسل الكامل مبعوثه الأمير فخر الدين يوسف بهذا العرض إلى فريدريك الثاني، الذي استقبله في صقلية ورد عليه برسالة مماثلة، دعم هذا العرض ما كان يدور في ذهن فريدريك من حملة صليبية نحو الشام؛ فغادر صقلية في يونيو 1228 متوجهاً إلى بلاد الشام ساعياً لبيت المقدس، فتُعرف حملته اللاحقة بالحملة الصليبية السادسة، التي تميزت بوجود حوالي 600 فارس وأسطول هزيل، وكأن فريدريك جاء ليفاوض لا ليحارب.


وفي هذا الوقت قد بدأ جنكيز خان بحملاته ضد الشرق وغزوات المغول ضد الخوازرميين سنة  (1219 ـ 1258) م الذين كانوا لاعبا رئيسا في المنطقة الشرقية سيطر على الخليفة العباسي، مما جعل الكامل يفكر بالتهديد المغولي القادم من الشرق.


أدرك وقتها الملك الكامل أن التحديات التي تواجهه آنذاك لم تكن مقتصرة على الصليبيين فقط، بل امتدت لتشمل تهديدات جديدة وغير متوقعة، وكان أبرزها الزحف المغولي، ومن هذا المنطلق، جاء توقيع الهدنة مع فريدريك الثاني ليس كتنازل أو خيانة، بل كخطوة دفاعية ذكية تهدف إلى صد الزحف المغولي الذي كان يلوح في الأفق، واستباقًا لأي استفزاز قد يؤدي إلى تشتت الصفوف.


ربما رأى الملك الكامل في تصرفه، أن تفكك الصف الإسلامي أو الانشغال بمعارك طويلة مع الصليبيين قد يترك الأرض ممهدة أمام الزحف القادم. لذا، جاءت الهدنة مع فريدريك الثاني كوسيلة مؤقتة لتأمين منطقة الشرق الأدنى وتوفير الوقت اللازم لتوحيد الصفوف وبناء دفاعات قادرة على صد أي هجوم مغولي.


لكن هذه الشروط رفضها المسلمون والصليبيون على السواء، رفضها المسلمون إذ هي عار أن تسلم مدينة سفكت الدماء لأجلها ببساطة، ورفضها الصليبيون كون فريديك الثاني لم تؤيده البابوية ولأن المسلمون سيحتفظون بالمسجد الأقصى، إذ كانت المعاهدة تنص على اقتسام مملكة بيت المقدس بين الاثنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى