مؤرخون: العرب علموا البشرية الببيلوغرافيا والروايات البوليسية صاحبة تأثير
ثقافة أول اثنين:
قالت الكاتبة الأمريكية تيس جيرتسن مؤلفة رواية “الجراح” التي صنفتها مجلة “تايم” كواحدة من أفضل روايات الغموض والإثارة في التاريخ، رواياتي الـ 32 كنت أعتقد فيها أنني أركز على بناء حبكة مميزة، وهكذا كنت أبدأ، ثم تنتهي الرواية وأجدنى ركزت على الشخصيات، وفى كل الأحوال الحبكة هي التي تتطور من الشخصيات، وإن لم تتطور يجب على الكاتب أن يراجع كل ما بدأه” .
كيف تخلق شخصيات لا تنسى؟
وأجابت تيس جيرتسن عن سؤال كيف تخلق شخصيات لا تنسى؟، قائلةً: “يجب أن تكون شخصية الشرير أو البطل شخصيات تتصرف بناءً على ما ترغب فيه، وألا يفرض الكاتب عليهما وجهة نظره، على سبيل المثال حين قررت قتل إحدى شخصياتي ذات مرة في الرواية، شعرتُ بحزن كبير، لأنني تعلقت بهذه الشخصية، وقررت في الأخير أن أهبها حياة أخرى في رواية قادمة”، بينما تحدث القراشي أن ما يجعل الشخصيات الروائية سواءً الشريرة أو الطيبة هو البحث عن المشاعر والأفكار والرؤى التي يمكن أن نتشاركها مع هذه الشخصيات، من أجل كتابة شخصيات من لحمٍ ودم.
من أين تأتي الشخصيات في الأساس؟
وقال الكاتب الكويتي فايز القراشي المتخصص في أدب الجريمة وصاحب الـ 12 رواية، يأتيني الإلهام من الشخصيات التي أقرأ عنها، أو أراها على الشاشة، ورغم أن شخصياتي تختلف تماماً، لكن البذرة الأولى غالباً تأتي من هذا المصدر”.
من جانبها قالت جيرتسن: “شخصياتي تأتي لوحدها وتهمس في أذني بجمل بسيطة، تحكي لي عن حياتها، أين ولدت، وأسمع لهجتها واضحةً، فأستجيب لنداءاتها وأنجرف معها وأبدأ وضعها على الورق، ثم أعايشها لمدة عام كامل، وبعد انتهاء العام، أرجع وأقرأ وأرى ما الذي يجب أن أحذفه أو أضيفه”.
وفى ندوة أخرى بعنوان “كتب الببليوغرافيا في الأدب العربي.. أهميتها وتأثيرها”، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدوالى للكتاب، بمشاركة الدكتور محمد كامل جاد، مدير عام مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، وفهد علي المعمري، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، وأدارها سلطان المزروعي، استعرض فهد علي المعمري، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، مراحل تطور علم الببليوغرافيا في العالم الإسلامي، مشيرًا إلى كتاب “الفهرس” لابن النديم الذي حصر أكثر من 7,000 مصنف، ووضع الأسس الأولى لهذا العلم، مما ساعد في ترسيخ أهميته لدى المسلمين. وذكر أن الفتوحات الإسلامية وانتشار العرب ساهمت في تطور علم الببليوغرافيا، لا سيما عبر “علم السند” الذي تميزت به الحضارة الإسلامية، وأثراه بمفهوم التسلسل الزمني والتوثيق الدقيق.
وأكد المعمري أن بعض علماء الببليوغرافيا المسلمين قدموا للمكتبة العالمية أعمالًا مهمة تضاهي في قيمتها الإنتاج المؤسسي المعاصر، مشيرًا إلى أعمال مثل “تاريخ الأدب العربي” و”تاريخ التراث العربي”، التي تعد حجر الزاوية لأي باحث يتعمق في دراسة الببليوغرافيا والأدب العربي.
كما دعا إلى ضرورة تطوير الدراسات الببليوغرافية من خلال جهود مشتركة بين الباحثين والمؤسسات الأكاديمية والمكتبات ودور النشر، بهدف بناء قاعدة بيانات شاملة عن الأدب العربي، للمساهمة في تعزيز البحث العلمي وحفظ التراث وتسهيل الوصول إليه.
كما تناولت الجلسة أهمية كتب الببليوغرافيا في حفظ الأدب العربي وإتاحة مصادره للباحثين والمتخصصين، إضافةً إلى دورها في تنظيم التراث الأدبي وتحليل تطوراته، حيث استعرض المتحدثان دور علم الببليوغرافيا كوسيلة لرصد وتوثيق الأعمال الأدبية، وحجم مساهمته في دراسة الأنماط الأدبية وتقييم تأثيراتها الثقافية عبر العصور، بما يعزز الفهم التاريخي للأدب العربي ويكشف عن الروابط الأدبية بين الأعمال.
وأكد المتحدثان على دور هذا العلم في إبراز التراث العربي وإيصاله للأجيال، وتسليط الضوء على المساهمات العربية والإسلامية التي لم تقتصر على حفظ التراث العربي فقط، بل امتدت إلى حفظ آثار حضارات أخرى كاليونانية، مشيرين إلى أن العرب علموا البشرية علم الببلوغرافيا، واليوم تتعاضم الحاجة لبناء قاعدة بيانات تحفظ التاريخ الأدبي.
وأوضح الدكتور محمد كامل جاد أن الببليوغرافيا تمثل قاعدة أساسية للتوثيق الأدبي في الحضارة العربية الإسلامية، حيث قدمت خدمات جليلة للمؤلفين عبر توثيق ونسبة الأعمال إلى أصحابها. وأكد على تفوق الحضارة العربية والإسلامية في مجال الحفظ والتدوين والتوثيق، قائلاً: “لم تكن هناك حضارة أخرى تهتم بتوثيق الإنتاج الفكري مثلما فعلت حضارتنا، التي سعت إلى التوثق من نسب الأعمال وتقديم شروح تفصيلية لمضامينها”. وأشار إلى أن مركز جمعة الماجد يمتلك مكتبة غنية بالمخطوطات تعد من الأكبر عالميًا، مبينًا أن جهود المركز لا تخدم الإمارات فحسب، بل تعود بالنفع على العالم العربي بأسره.