اتكلم عربى .. ماذا قدم سعد الدين الشاذلى للغة والقرآن؟
ثقافة أول اثنين:
العلاقة بين الحضارة العربية والغرب قديمة ومستمرة، وإن كانت الحملات الصليبية قد أثرت سلبًا على تقدم الحضارة العربية، فإنَّ عملية التبادل المعرفي كانت مزدهرة في الأندلس، فانتشار المسلمين والعرب هناك، ساعد على نشر اللغة العربية، وانتقال بعض الكلمات منها إلى اللغة الأيبيرية، صحيح أن هذا كان قديمًا، لكنه لم يتوقف، فالكُتّاب العرب يُتَرجِمون أعمالهم إلى لغات أجنبية،لنشر الأفكار والثقافة العربية في العالم ولم يقتصر الأمر على الترجمة ونشر الأفكار، بل إن اللغة العربية نفسها، قد أُدخِلت على لغة أخرى لتطويرها، والغريب أنَّ صاحب تلك الخطوة،لم يكُنْ يومًا من المتخصصين في اللغة، بل كان ضابطًا في الجيش، انتقل فيما بعد لتمثيل بلاده في الخارج، فكان خير ممثل لها.. الفريق سعد الدين الشاذلي.
في الـ8 من سبتمبر عام 1975، وصل الفريق سعد الدين الشاذلي إلى لشبونة عاصمة البرتغال،بصفته أول سفير لمصر، بعد قطع للعلاقات بين الدولتين، استمر لأكثر من 10 سنوات،ولأنَّ البرتغاليين كانوا يجهلون اللغات الأخرى، فقدِ اهتمَّ الفريق سعد الدين الشاذلي بتعلم لغتهم،إذ يروي في مقدمة كتابه “4 سنوات في السلك الدبلوماسي” :”وفي البرتغال.. تعلمت اللغة البرتغالية، وقد كان هدفي من تعلم اللغة في أول الأمر، هو التأقلم والاعتماد على النفس في التخاطب، بما يكفل لي حل المشاكل اليومية”.
وبما أنَّ أعمال السفارة في تلك الفترة لم تكُن أمرًا شاقًّا، خاصة مع بداية عملها في البرتغال،فقد تفرغ الشاذلي لدراسة الشعب البرتغالي، والتعرف على أفكارهم وانتماءاتهم،لكنه انخرط أكثر في مشاكل المسلمين في البرتغال، ويحكي في مقدمة كتابه عن إحدى المشاكل، ومع مرور الأيام، اتضح لي أن المسلمين البرتغاليين، ينطقون القرآن نطقًا خاطئًا، وبدراسة المشكلة اتضح لي أن كتابة القرآن بالحروف البرتغالية، يشوبه الكثير من القصور، لأن هناك أصوات في اللغة العربية، لا يوجد لها مثيل في اللغة البرتغالية، ولكي أتغلب على هذه المشكلة، أدخلت 16 حرفًا جديدًا على الحروف الأبجدية البرتغالية، وأصدرت كتابًا أسميته: “كتابة اللغة العربية بالحروف البرتغالية Fonetica arabe Com Letras Portuguesas”، ولم يكن هذا الكتاب إلا مدخلاً للعمل الكبير، الذي كنت أنوي عمله،وهو كتابة القرآن الكريم بالحروف الأبجدية البرتغالية، وقبل أن أغادر البرتغال في يونيو 1978،وكنت قد أصدرت الجزء الثلاثين من القرآن الكريم بالحروف الأبجدية البرتغالية”.