مثلث تدمير الشعوب.. مقدمة قصيرة عن الإرهاب لـ تشارلز تاونزند
ثقافة أول اثنين:
يعد التطرف والتشدد سمة إنسانية ولدت مع الإنسان منذ بداية الخليقة، فقد عرف العالم أول جريمة قتل على كوكب الأرض عندما قتل قابيل هابيل بسبب الغيرة، وهى أول واقعة سفك دماء منذ هبوط آدم عليه السلام وحواء بحسب المعتقدات الدينية، ومنذ ذلك الوقت لم ينتهى التشدد أو التطرف، بل ازداد عليهم الإرهاب، ليمثلوا مثلث تدمير الشعوب، وهناك الكثير من الكتب التى تحدثت عن تلك الظواهر ومن بينهم كتاب “الإرهاب.. مقدمة قصيرة جدًّا” تأليف تشارلز تاونزند، ومن ترجمة محمد سعد طنطاوي ومراجعة هبة نجيب مغربي.
يقول مؤلف الكتاب في الفصل الأول والذي جاء بعنوان “مشكلة الإرهاب”: يقض الإرهاب مضاجع الناس، ويفعل ذلك عمدًا؛ فهذا هو الهدف منه، ولهذا السبب شغل جانبًا كبيرًا من اهتمامنا في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، فبينما يتخذ الشعور بعدم الأمان صورًا كثيرة، فلا شيء آخر يتلاعب بشعورنا بالخطر أكثر من الإرهاب، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وجدنا أنفسنا في حالة طوارئ تبدو لا نهائية ودائمة، “حرب ضد الإرهاب”، تتساوي تداعياتها في صعوبة تفسيرها مع الإرهاب نفسه، فليس من السهل مطلقًا فهم الإرهاب، لا سيما في أعقاب هجوم إرهابي، عندما يشعر المجتمع بالتهديد، عادة ما تُقاوَم محاولات التحليل العقلاني علانية باعتبارها تساعد العدو وتواسيه، بل وتتعاطف معه، غير أنه بدون هذا التحليل، تبدو مقاومة الإرهاب نضالًا محيرًا ضد خطر غير محدد، وعلى الرغم من أن الإرهاب قد يبدو عقلانيًّا في بعض الأحيان، فإنه كثيرًا ما يبدو وكأنه ينحرف عن جادة “التفكير المنطقي” بحيث يصبح ليس فقط غير مبرر، بل وعدوانيًّا، أو جنونيًّا، أو “بلا عقل”.
ويضيف المؤلف خلال صفحات الكتاب في الحديث عن كيفية القضاء على الإرهاب: من غير الوارد أن يختفي الإرهاب في حد ذاته تمامًا، لكن معظم الحملات الإرهابية الفردية انتهت، وتعتبر الطريقة التي انتهت بها هذه الحملات ذات دلالات قد تمدنا بمعلومات مفيدة، وجد تحليل أجرته مؤسسة راند على 648 جماعة إرهابية كانت تمارس نشاطها بين عامي 1968 و2006 أن نسبة عشرة بالمائة منها حققت “انتصارًا”، بينما سُحقت نسبة أقل قليلًا باستخدام القوة العسكرية المباشرة، يتمثل السببان الرئيسيان للقضاء على هذه الجماعات في تحقيقات الشرطة (40%) وإجراء بعض التسويات السياسية (43%)، اختفى ما يقرب من 62% من إجمالي الجماعات الإرهابية، فيما اختفت 32% فقط من الجماعات الدينية، لم يحقق أي من هذه الجماعات “الانتصار”، مؤخرًا، صار من الشائع القبول بأن “الحرب العالمية على الإرهاب” التي شُنت في عام 2001 بهدف هزيمة “كل جماعة إرهابية ذات انتشار عالمي”؛ كانت حربًا أُسيء فهمها وإدارتها، (وقد أعلن وزير الخارجية البريطاني بالفعل رسميًّا في وقت مبكر من عام 2009 أن المفهوم كان خطأ)، كان هذا الإدراك المتأخر في حد ذاته محبطًا، كما أن حقيقة أن عِقد مكافحة الإرهاب بالكامل لم يكن له أي آثار ملموسة قد تكون أكثر إحباطًا، إذا كان لنا أن نحكم وفقًا لمستويات التهديد الرسمية التي أعلنتها كل من بريطانيا والولايات المتحدة، لكن يجب أن تسهم هذه الخبرات والأحداث الماضية في دعم الاعتقاد أن الإرهاب اليوم ليس أقرب مما كان عليه قبل قرن من حيث إمكانية القضاء على الحضارة الغربية.