اكتشاف ورشة لصناعة الإبر العظمية في الصين تعود للألفية الثانية قبل الميلاد

كشفت الحفريات الأخيرة في موقع شيماو بمقاطعة شنشي في الصين عن واحدة من أقدم وأكبر ورش عمل لصناعة إبر العظام التي تم اكتشافها على الإطلاق. يعود تاريخ هذه الورشة إلى الفترة الانتقالية بين العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي، تحديدًا حوالي الألفية الثانية قبل الميلاد، وفقًا لدراسة نشرت في مجلة علم الآثار الأنثروبولوجي.

وبحسب ما نشره موقع “archaeology”، صرّح الدكتور لي مين، أحد الباحثين في شيماو، بأن هذه الورشة كانت “أول ورشة متخصصة لإنتاج أدوات العظام بكميات كبيرة في علم الآثار الصيني.” وأوضح أن إنتاج أدوات العظام في العصر الحجري الحديث كان يتم على نطاق صغير وبأغراض عامة، بينما تعرض ورشة شيماو بداية الإنتاج الصناعي الذي شهدته مدن العصر البرونزي المتأخر.

يتكون موقع شيماو من ثلاثة مكونات رئيسية: السياج الخارجي، السياج الداخلي، والتل المركزي المعروف بـ “التراس الملكي” (هوانغتشينتاي). كانت ورشة عمل إبر العظام تقع في أعلى التل، محاطة بمساكن النخبة، المعابد، والنقوش الحجرية.

ما يثير الاهتمام بشكل خاص هو موقع الورشة على قمة التل المركزي، والذي كان مرتبطًا بالهندسة المعمارية الطقسية والمباني الفخمة المحتملة. يعتقد الدكتور لي مين أن هذا الموقع يشير إلى علاقة وثيقة بين إنتاج الإبر وصناعة الملابس، والسلطة الطقسية في شيماو. ويشير إلى أن شيماو ربما كانت مركزًا للحج، حيث كانت الملابس المصنوعة من الحرير والقنب وجلد الأغنام، والمزينة بأصداف الكاوري والخرز الفيروزي، تُستخدم في الطقوس الشامانية.

خلال أعمال التنقيب، تم العثور على أكثر من 18,759 قطعة من العظام الجاهزة وشبه الجاهزة، من بينها أكثر من 16,137 إبرة عظمية. وقد صُنعت معظم القطع الأثرية من عظام الماعز، خاصة عظام الأرجل، نظرًا لطبيعتها الطويلة والمستقيمة. هذه العظام كانت تُستخرج من بقايا التضحية الطقسية وكذلك من الاستهلاك العام.

وأضاف الدكتور لي مين أن الوجود الكبير لعظام الأغنام، التي تُقدر بنحو 400 ألف حيوان، كان نتيجة للأنشطة الطقسية والولائم التي كانت تجري في شيماو كمركز للحج.

ورغم إمكانية صنع الإبر من مواد أخرى، فقد تم اختيار العظام بسبب كثافتها ونعومتها، وهو اختيار اتخذته مجتمعات العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي في جميع أنحاء العالم. ومن المثير للاهتمام أن إنتاج الإبر لم يكن موحدًا بشكل كامل، حيث جاءت بأحجام وأشكال مختلفة، مما يعكس استخدامها في مراحل متنوعة من إنتاج المنسوجات، سواء كانت من الحرير أو الجلد.