14 ألف كلمة.. أسرار خطاب جمال عبد الناصر الشهير لتأميم قناة السويس
ثقافة أول اثنين:
تحل اليوم الذكرى الـ 68 على قرار الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، التاريخي بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، وذلك خلال خطابه الشهير الذي ألقاه إلى الشعب المصري من ميدان المنشية بالإسكندرية في 26 يوليو عام 1956، والذي جاء فيه كلمته الشهيرة “بأن تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس شركة مساهمة مصرية”، وجاء ذلك القرار ردا على قيام الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبنك الدولي بسحب عروضهم لتمويل السد العالي.
وجاء القرار التاريخي بتأميم قناة السويس بعد إعلان الولايات المتحدة في 19 يوليو 1956، رفض تمويل مشروع إقامة سد على نهر النيل في أقصى جنوب مصر، كان المصريون يترقبون رد فعل زعيمهم الذي كان يخفي في قرارة نفسه قرارا عظيما، بدأ يطرحه على المقربين منه ويتلقى ردود الفعل المتحمسة أو القلقة والمتخوفة واحدا بعد الآخر.
صباح 22 يوليو، اتصل عبد الناصر بالصحفي المقرب منه محمد حسنين هيكل، وطرح عليه فكرة تأميم شركة قناة السويس، وقال له: أعرف أنها ستكون معركة خطيرة، وفكرت في احتمالاتها طوال الليل وهذا الصباح، وأجريت حساباتي وأظن أن فرص النجاح أمامنا عالية.
يحكي هيكل في كتابه الموسوعي “ملفات السويس” كيف جلس يستمع إلى ناصر، ويصفه “في الحقيقة كانت تلك واحدة من أعظم لحظات حياته، وقد استعاد دوره كضابط أركان حرب وكتب كل شيء على الورق.”.
كتب ناصر خطته على أوراق، وكان الهدف المكتوب: شركة قناة السويس، وهذا يحقق إمكانية تمويل السد العالي كما أن التأميم يلبى حقا مصريا يراود أحلام كل المصريين، وهو أيضا يؤكد الاستقلال المصري الكامل بما فيه استقلال الإرادة السياسية، كما أنه يضيف أهمية القناة إلى أرصدة مصر الإستراتيجية.
وأوضح هيكل فى كتابه “عبد الناصر والعالم”، أن “عبد الناصر لم يكن قد أعد خطابا مكتوبا، إنما دون بعد الملاحظات على ظهر مظروف قبل اجتماعه بوزرائه، ولم يتسع له الوقت لتوسيع تلك الملاحظات وهو فى ظريقه إلى ميدان المنشية، ذلك أن الجموع الغفيرة كانت قد احتشدت على طرفى الطريق فى انتظاره، مما اجبره على الوقوف فى سيارة مكشوفة يرد التحية إلى الجماهير”، الطريف أن خطبة الزعيم الراحل وصلت إلى أكثر من 14 ألف كلمة، وهو ما يظهر قدرة الزعيم الراحل على الارتجال، وهو ما ظهر في عدد من خطاباته والتى تنوعت في أغلبها بين المكتوب والذي غالبا ما كان يقوم بذلك الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أو ارتجاليا معتمدا على حسه وثقافته الكبيرة، ومستفيدا من جلساته الطويلة مع هيكل.
ويري المفكر الدكتور مصطفى الفقي، ان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر هو النموذج الأشهر الذى كان العرب ينتظرون خطبه من الخليج إلى المحيط، وقد تأرجحت أحاديث «عبدالناصر» بين «المكتوبة» و«المرتجلة» وفقًا للمناسبة التى يتحدث فيها، ولقد كان تفاعل شخصيته مع فكر الراحل الأستاذ «هيكل» مصدرًا لعبارات سياسية مأثورة وكلمات رسخت فى وجدان الأمة.