Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار وثقافة

حديث عن الهجرة.. ماذا ورد في كتاب عبد القادر المازنى؟

ثقافة أول اثنين:


الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة حدث بارز ذكرته كثيرًا كتب التراث وذكره المحدثين والكتاب المعاصرون كذلك في الكثير من المؤلفات ومنها كتاب أحاديث المازني لإبراهيم عبد القادر المازنى.


يقول المازني : يبدو لي من مراجعة السيرة النبوية الشريفة أن الهجرة إلى المدينة لم تجيء عفواً ولا كانت من وحي الساعة وإنما كانت خطة محكمة التدبير طال فيها التفكير بعد أن اتجه إليها الذهن اتجاهاً طبيعياً أعانت عليه الحوادث.


وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام في أول الأمر يشير على المسلمين الذين ضاقوا ذرعاً بما كانت قريش تنزله بهم من الأذى أن يتفرقوا في الأرض وينصح لهم أن يذهبوا إلى الحبشة ليأمنوا الفتنة عن دينهم ويرتاحوا من العذاب الغليظ الذي كانت قريش تصبه عليهم حتى يأذن الله بالفرج وأكبر الظن أنه كان يريد أن يؤمن هؤلاء المسلمين على دينهم من ناحية وأن يحمل قريشاً على التوجس من عاقبة هذه الهجرة الأولى إلى الحبشة عسى أن تفيء إلى الاعتدال والهوادة.

ومن الثابت على كل حال أن قريشاً أزعجها هجرة بعض المسلمين إلى الحبشة فبعثت إلى النجاشي برسولين منها ومعهما الهدايا ليقنعاه برد هؤلاء المهاجرين إلى مكة.


ولكني لا أظن أنه كانت لهذه الهجرة إلى الحبشة غاية أبعد من ذلك فما كانت أكثر من معاذ إلى حين وتدبير ألجأت إليه الحاجة لما اشتدت المحنة بالمسلمين وتلويح لقريش بإمكان العون والمدد من هذه الناحية. على أن بعد الحبشة واختلاف أهلها ولغتها ودينها ثم الثورة التي ما لبثت أن شبت على النجاشي وكان من أسبابها إيواؤه المسلمين والعطف عليهم — كل هذا كان من شأنه أن يصرف عن الحبشة ويدعو إلى التفكير فيما هو أصلح منها.


واختلفت الحال في مكة أيضًا إلى حد ما بعد أن أسلم عمر ورفض الاستتار والاستخفاء وشرع يناضل قريشاً ويدفع المسلمين إلى الصلاة في الكعبة نفسها وأسلم رجال غير قليلين من قريش فصارت لجاجة قريش في تعذيب المسلمين وتقتيلهم كما كانت تفعل غير مأمونة العاقبة. نعم ظلت قريش تؤذي المسلمين وتسيء إليهم ولكن المسلمين كثروا وصار محمد يعرض نفسه على القبائل وأن كان لم يفز بطائل كبير ولا كفت قريش عن مساءاتها إليه.


وقد كبر الشأن واتسعت رقعة الأمل ولكن التفكير في أمر قريش وفي الراحة من عنتهم وفي الوسائل المؤدية إلى نشر الدين بأسرع مما ينتشر بقي واجباً ملحاً. ولاسيما بعد أن حوصر المسلمون في الشعب ونقضت الصحيفة ومات أبو طالب وخديجة وازداد أذى قريش وردته القبائل عما كان يدعوها إليه من الدخول في الإسلام.


وتوالت السنون على هذا الحال. فكان من الطبيعي أن يفكر النبي عليه الصلاة والسلام في مخرج حاسم يفرج الكرب ويزيل المحنة ويفسح مجال الأمل ويوطد الأمر. وأحسب أن من الطبيعي والمعقول أن يفكر في يثرب أول ما يفكر وأن تكون هذه أبرز ما يبرز وأول ما يخطر على البال وأسبق ما يرد على الخاطر فقد كانت يثرب طريقه في الزمن السالف أيام كان يعمل في التجارة، ولم تكن طريقه فقط بل كانت له بها علاقة تجارة أيضاً، وله فيها عدا ذلك بعض ذوي القربى ونعني بهم أخوال جده من بني النجار ثم إن أباه عبد الله بن عبد المطلب مدفون فيها وقد كانت أمه في حداثته تزور هذا القبر في كل عام وكانت تستصحب ابنها معها وقد شاء القدر أن تمرض أمه وهي عائدة من إحدى هذه الزيارات وأن تموت وتدفن في الطريق بين مكة ويثرب.




 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى