كيف تعزز ثقتك بنفسك؟ (الجزء الأول)
سنتطرق في هذا الجزء من المقال لمفهوم الثقة بالنفس، وكيف يمكن أن تفيدك في حياتك، وسنشارك بعدها 7 استراتيجيات يمكنك استخدامها لتجاوز مخاوفك أو أخطائك أو صدماتك الماضية أو العواطف السلبية لتستعيد ثقتك بنفسك في رحلتك نحو الأمام.
مفهوم الاعتداد بالنفس والثقة بالنفس:
أولاً: الاعتداد بالنفس
يعني الاعتداد بالنفس أنَّ علاقتك بنفسك قوية، فأنت تثق بنفسك وبإحساسك الداخلي، ويغمرك الهدوء والسلام وليس القلق المستمر، فيشعر الأشخاص الذين يتمتعون بالاعتداد بالنفس بالثقة في قراراتهم، وتكون علاقاتهم صحية، ولديهم مستوى عالٍ من الذكاء العاطفي، فهم متصالحون مع أنفسهم عموماً، كما يعتنون بأنفسهم، ويعلمون أنَّهم قادرون على تجاوز أي صعوبات يواجهونها، ولا يخشون الالتزام بقيمهم الجوهرية في الحياة.
ثانياً: الثقة بالنفس
تعني الشعور بالثقة والإيجابية بقراراتك وقدراتك وإمكاناتك، فمواقفك تجاه نفسك وقدراتك سليمة وقوية، ولا تهتم بآراء الآخرين بك؛ لأنَّك تعرف نفسك وكيف ستعيش وفقاً لقيمك الجوهرية، وإذا كنت واثقاً بنفسك، فأنت تعلم أنَّك ذو قيمة وأهمية، وتتقبل نفسك، وتبرز نقاط قوتك، وتتقبل عيوبك، مدركاً أنَّك لست شخصاً مثالياً.
أهمية الاعتداد بالنفس والثقة بالنفس:
ثمة عدة أوجه للتشابه بين مفهومي الاعتداد بالنفس والثقة بالنفس، لكنَّهما مختلفان عن بعضهما أيضاً؛ إذ يمثل الاعتداد بالنفس علاقتك بنفسك، أمَّا الثقة بالنفس فهي موقفك تجاه نفسك.
يفيدك كل من الاعتداد بالنفس والثقة بالنفس في حياتك بعدد من الطرائق الهامة، فيساعدانك على تحقيق النجاح في حياتك المهنية والشخصية للأسباب الآتية:
- تتخذ قراراتك بحكمة.
- تستفيد من نقاط قوتك.
- يغمرك السلام ويخف القلق.
- تجذب صورتك الذاتية الصحية الآخرين.
- تحظى بعلاقات سليمة أكثر، وتتواصل بصورة أفضل.
- تشعر بالاستعداد والحماسة للفرص الجديدة.
من الهام إذاً تنمية هاتين المهارتين المختلفتين.
أسباب عدم الثقة بالنفس:
قد لا تكون متأكداً بمدى ثقتك بنفسك؛ لذا نستعرض فيما يأتي قائمة ببعض العلامات التي قد تدل على عدم ثقتك بنفسك:
- تتردد في قراراتك.
- تثق بآراء الآخرين أكثر من ثقتك بنفسك.
- لا تقول الحقيقة.
- تعتقد أنَّ الجميع أفضل منك.
- لا تلتزم بالوعود التي تقطعها على الآخرين أو على نفسك، ولا تفي بالتزاماتك.
- تسعى إلى نيل استحسان الآخرين.
- توافق على ما يقوله الآخرون بدلاً من إبداء رأيك.
- تركز على نقاط ضعفك وإخفاقاتك بدلاً من نقاط قوتك وإنجازاتك.
- تشعر بالحاجة إلى التحكم بالأمور طوال الوقت.
- تقلل من أهمية احتياجاتك.
- حديثك الذاتي (الصوت الموجود في عقلك والذي يخبرك بما يجب أن تفكر به) سلبي وقاس.
- تشعر بالقلق والتوتر وتبالغ في التفكير في كل شيء.
- لا تشعر أنَّك ذو قيمة.
يبدأ الشك الذاتي عند كثير من الناس في مرحلة الطفولة، وحتى لو حظيت بطفولة سعيدة، ربما قارنت نفسك بالآخرين أو كنت تخشى الفشل في مجالٍ ما، فقد تؤدي مثل هذه التجارب إلى مشكلات في الاعتداد والثقة بالنفس في الحياة لاحقاً، أمَّا إذا تعرضتَ لصدمة كبيرة في حياتك، وتشعر أنَّها تؤثر في ثقتك بنفسك حالياً، ففكر في التحدث مع معالج أو استشاري متخصص.
شاهد بالفيديو: 6 اسرار تمنحك الثقة بالنفس
استراتيجيات للثقة بالنفس:
لربما أدركتَ أنَّ ثقتك بنفسك قليلة، ولكن جميعنا نشعر بذلك من وقت لآخر؛ فإذا كنت مستعداً لتحسين نفسك، فيمكنك أن تتعلم الثقة بنفسك وتنمية التعاطف مع الذات، فيما يأتي بعض الاستراتيجيات العملية لتحقيق ذلك:
1. عدم الخوف من إظهار الضعف:
يساعد التدريب على إظهار الضعف على الشعور بمزيد من الثقة بالنفس، وهذا ليس شعوراً مريحاً دوماً؛ لأنَّك تكون منفتحاً وصريحاً مع الآخرين (ومع نفسك) بشأن شخصيتك ومشاعرك.
قد يتطلب إظهار الضعف خوض مشاعر صعبة تزعجك؛ ولكن لبناء الثقة بالنفس، من الهام أن تكون صادقاً في جميع جوانب حياتك، فتدرَّب على التعبير عن مشاعرك واحتياجاتك بصراحة، فهي نقطة البداية لتنمِّي ثقتك بنفسك.
2. وضع الحدود والحفاظ عليها:
عزز ثقتك بنفسك عبر وضع الحدود الشخصية، وهي قواعد تريحك عندما تطبقها في حياتك، وإليك فيما يأتي بعض الأمثلة عن الحدود سواء الشخصية أم المهنية أم في العلاقات:
- “يمكنني مساعدتك بعد انتهائي من مهمة مستعجلة”.
- “أنا لست متاحاً في عطلات نهاية الأسبوع”.
- “لا يتوافق هذا مع أهداف حياتي، وأفضِّل عدم العمل عليه”.
لكن، لا يكفي وضع الحدود فقط؛ بل عليك الحفاظ عليها أيضاً، ومن الطبيعي ألَّا تشعر بالارتياح في هذا الموقف، وقد يستغرق الأمر بعض الممارسة لتتعلم كيفية وضع الحدود، وضِّح حدودك بعناية، وتذكَّر أنَّ الهدف منها هو تعزيز قيمتك الذاتية وسلامتك النفسية.
3. تحديد قيم حياتك الجوهرية:
حدد القيم التي تهمك في الحياة، وعش بها، فالقيم هي: المعتقدات أو الآراء التي تؤثر في الطريقة التي تعيش بها حياتك مثل: الكرم، والعطاء، أو الشفقة واللطف.
لتحديد قيمك الجوهرية، فكر في الأشخاص الذين تحبهم والصفات التي تعجبك فيهم، فاكتب الصفات التي ترغب في تبنِّيها، كما يمكنك البحث عن أمثلة عن القيم عبر الإنترنت واختيار ما يناسبك منها، ثم حاول تصنيف هذه القيم إلى مجموعات، وإيجاد ما يجمعها، واختر حوالي ست قيم تريد أن تبني عليها حياتك من الآن فصاعداً.
4. استبدال الحديث الذاتي السلبي بالإيجابي:
يعاني كثير من الناس من الحديث الذاتي السلبي، وهو يشير إلى أي أفكار سيئة تفكر بها في نفسك مثل: “أنا لا أتقن أي شيء” أو “يغضب الجميع مني”، فهذه الأفكار ليست صحيحة إطلاقاً، ولكنَّها تؤثر في صحتك النفسية.
يكمن الحل في التركيز على الحديث الذاتي الإيجابي بدلاً من ذلك؛ لذا قيِّم جميع أفكارك بعناية وحدد ما إذا كانت صحيحة أم لا، ثم استبدلها بأفكار لطيفة وإيجابية، على سبيل المثال، استبدل عبارة: “أنا لا أتقن أي شيء” بهذه العبارة: “أواجه صعوبة في تحقيق أهدافي في الوقت المحدد، لكنَّني أتحسن في ذلك، كما أنَّني أتقن الإيفاء بمتطلبات إنجاز المشروع”، واتبع القاعدة الآتية: إذا كنت لا تستطيع أن تقول شيئاً قاسياً لصديقك المفضل، فلا تقله لنفسك.
5. الإصغاء إلى حدسك:
الحدس هو شعورك الغريزي تجاه القرار الأفضل، ووفقاً للباحثين، السبب في ذلك هو تحليل الدماغ لتجاربنا السابقة وذواتنا وبيئتنا لاتخاذ القرار بسرعة؛ لذا ثق بحدسك حتى لو ترددت خوفاً من اتخاذ القرار الخاطئ؛ فغالباً ما يكون حدسك صحيحاً، وتستطيع تعزيز حدسك أيضاً عبر الانتباه إلى ما يجري من حولك وتعلُّم الإصغاء إلى نفسك.
6. تحديد احتياجاتك وتلبيتها:
يقضي كثيرون منا الوقت في محاولة تلبية احتياجات الآخرين، ولا مشكلة في ذلك، ولكن عليك تلبية احتياجاتك أيضاً، فسوف تزيد ثقتك بنفسك حينما تلبي احتياجاتك باستمرار.
لدينا احتياجات مختلفة منها الجسدية والعاطفية والروحية وغيرها؛ لذا حدد احتياجاتك عبر الانتباه إلى جسدك، وابدأ بتحديد احتياجات بسيطة مثل الجوع أو النعس، ثم لبِّها عبر تناول وجبة خفيفة أو أخذ قيلولة.
من خلال الممارسة، ستتمكن أيضاً من تحديد أنواع مختلفة من الاحتياجات، مثل الشعور بأنَّك لا تحقق إنجازات بقدر ما تريد وتحتاج إلى إنجاز أمر ما لدفعك للأمام.
7. إعادة تعريف النجاح الشخصي:
يختلف تعريف النجاح من شخص لآخر؛ فإذا كنت تحاول تلبية معايير النجاح الخاصة بشخص آخر أو المجتمع، فمِن المحتمل أن تفشل لأنَّ ظروف كل شخص مختلفة عن غيره، و”الفشل” في الوصول إلى معيار اعتباطي قد يفقدك الثقة بنفسك.
لذا، أعِد تعريفك للنجاح عبر التفكير فيما ترغب في الحصول عليه في الحياة؛ فيرغب بعض الناس في جني كثير من المال وشراء منزل جميل مثلاً، فإذا كانت هذه هي أهدافك، فلا مشكلة فيها، وابدأ العمل عليها؛ لكنَّ النجاح الشخصي قد يعني امتلاك عائلة أيضاً أو التطوع في الأعمال الخيرية أو العمل في مجال جديد؛ لذا لا تركز على المال والماديات فقط؛ بل فكر أيضاً في تحديد بعض الأهداف الإضافية مثل: ترك تأثير إيجابي أو إرث قوي وراءك.
في الختام:
لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من مقالنا هذا عن أهمية الاعتداد بالنفس والثقة بالنفس والفرق بينهما، والأسباب التي تضعف ثقتك بنفسك، إضافة إلى 7 استراتيجيات لتعزيز ثقتك بنفسك، وسنكمل الحديث في الجزء الثاني والأخير منه عن 7 استراتيجيات أخرى لزيادة الثقة، وكيفية جعل الناس يثقون بنا.