جدل لا ينتهى حول مقبرة الإسكندر الأكبر وسر دفنه في الإسكندرية
ثقافة أول اثنين:
لقد تولى الإسكندر الأكبر العرش المقدوني وهو في سن العشرين من عمره، ورحل بعد 12 عامًا فقط لما كان شابًا فى الثانية والثلاثين من عمره بعد أن غزا واحدة من أكبر الإمبراطوريات في العالم القديم، ورغم الرحيل المبكر إلا أن الإمبراطور المقدونى لايزال محور اهتمام عدد كبير من الباحثين حول العالم، في محاولة للبحث عن مقبرته التي لم تحدد مكانها حتى الآن، ولهذا نستعرض أخر ما آلت إليه الأبحاث حول مكان دفن الإسكندر الأكبر.
عندما توفى الإسكندر الأكبر فى بابل بمثل هذا اليوم من سنة 323 قبل الميلاد طالبت أسرته بدفنه في مسقط رأسه بمقدونيا، ولكن وفقًا لكتاب “قبر الإسكندر الأكبر” لعالم الآثار والأنثروبولجيا البريطانى نيكولاس ساندرز كانت إيجة واحدة من موقعين مرشّحين لدفن الإسكندر، أما الموقع الآخر فكان واحة سيوة، إلا أن بيرديكاس اختار إيجة سنة 321 ق.م.
غير أن بطليموس الأول مؤسس مملكة البطالمة اختطف الجسد وهو فى طريقه إلى إيجة، ووفقًا لما ذكره باوسانياس والمؤرخ المعاصر لتلك الفترة باريان، فقد دفن بطليموس جسد الإسكندر أولاً في ممفيس، ومع نهاية القرن الرابع قبل الميلاد أو بداية القرن الثالث قبل الميلاد، في بداية عصر البطالمة، نقل جسد الإسكندر من ممفيس إلى الإسكندرية حيث أعيد دفنه، ولم يعرف موقع مقبرته حتى الآن على وجه التحديد.
ةمن ناحية أخرى زعمت مؤخرًا مؤرخة بجامعة السوربون تدعى هيلين جليكاتزي أرفايلر، في مقابلة أجريت معها ، بأن قبر الإسكندر الأكبر الأكثر أهمية من المحتمل أن يكون في مدينة فيرجينا باليونان، وفقا لما ذكره موقع جريك ريبورت.
وزعمت “أهرفايلر”، بأن القبر الذي اكتشفه مانوليس أندرونيكوس وتم تحديده بأنه لـ فيليب الثاني المقدوني هو في الواقع قبر الإسكندر وهذا يصرف النظر عن الرأي السائد بأن المقبرة موجودة في مدينة الإسكندرية، على حد زعمها.
وفى ضوء ذلك يؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية وجود قبر الإسكندر الأكبر بمصر طبقًا لكل الروايات التاريخية، ولم يرد ذكر لوجوده باليونان أو وصول الجثمان إلى اليونان بأى شكل من الأشكال.
ويستند الدكتور ريحان على دراسة هامة للباحثة مى الرمسيسى عن قضية البحث عن قبر الإسكندر الأكبر استمدتها من كتاب الدكتور عزت قادوس “آثار الإسكندرية القديمة” تؤكد وجود قبر الإسكندر بمصر
ويوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان أن الإسكندر الأكبر توفى عن عمر يناهز 33 عامًا وفي اليوم التالى اجتمع قادته واقترح القائد برديكاس أحد قواد الإسكندر الأكبر وقد كان أقوى رجل في بابليون وله كلمة مسموعة وتزوج فيما بعد من كليوباترا المقدونية اخت الإسكندر على أن يتم تنصيب على العرش كلًا من أخيه فيليب اريدايوس الثالث وكان مختل عقليًا وابنه الإسكندر الرابع وكان مازال جنينًا عند وفاة والده، وقد أقر القادة هذا الاقتراح وتم تعيين برديكاس وصيًا على العرش وعهد لأرهيدايوس أن يتولى تنظيم جنازة الإسكندر الأكبر، وبالفعل بعد أيام قلائل تم تحنيط جثمان الإسكندر ولكن تم تأخير الجنازة وقتًا طويلًا بعض الشيء فقد استغرق الأمر حوالى عامين حاولوا فيهما أن يستقروا على مكان الدفن فى مكان يليق بملك عظيم كالإسكندر وليست أى جنازة ينالها، وقد اختلفت الآراء بين أن يدفن في “بدنا بايجاى” عاصمة مقدونيا السابقة مع العائلة المالكة، أو أن يدفن فى معبد أبيه آمون بسيوه وقد كان واضحًا حب واحترام الإسكندر لآمون وحدث جدال فى ذلك واسع وخاصة بعد أن ترددت أقوال أن البلد التى يدفن بها الإسكندر سيحل عليها الرخاء.
ويضيف الدكتور ريحان بأن الكثير من الأقاويل ترددت وأغلبية الظن أن الإسكندر نفسه هو من طلب أن يتم دفنه فى معبد أبيه زيوس آمون في سيوه، ولكن كان كل حاكم من قواده يريد أن يدفن الإسكندر في البلد التى أخذها فهذا يضيف لحكمه شرعية.
أخذت جنازة الإسكندر بموكبها الفريد في عام 321 قبل الميلاد طريقها من بابل إلى مقدونيا إلا أن قابلها بطلميوس فى سوريا وكان قد تولى حكم مصر مبررًا ذلك برغبته أن يضيف على الموكب الجنائزى عظمة إلا أنه بعد ذلك حصل على الجثمان وتوجه به إلى مصر وهذا ما أثار غضب برديكاس بشده، وفى حين لم يكن قد تم الانتهاء من بناء مدينة الإسكندرية أمر بطلميوس بدفن الإسكندر في ممفيس العاصمة حين ذاك فهى أفضل مكان لدفن الإسكندر لتكون مقبرته تحت رعاية ومعية بطلميوس عكس ما ستكون في سيوه نظرًا لبعدها في الصحراء ولكن لم يستمر الأمر هكذا طويلًا.
ويتابع الدكتور ريحان بأنه بعد بناء الإسكندرية أُمر باستخراج جثمان الإسكندر ونقله ليدفن بمدينته التى وضع ركيزتها وتم بناء قبرًا جديد له في وسط الإسكندرية القديمة ولفت موقع مقبرته أنظار العالم أجمع فى ذلك الوقت وكان يزورها أدباء وعلماء ومفكرين وقادة حتى أباطرة الروم كانوا يزورون القبر تقديسًا للإسكندر الذى اعتبر إله، ومن الذين زاروا المقبرة كان يوليوس قيصر وأوغسطس وكاليوجولا وسبتميوس سفيروس وابنه كاراكالا، وذلك يؤكد وجود قبر الإسكندر الأكبر فى الإسكندرية المصرية وهذا ما أكده علماء تلك الفترة مثل استرابو والذى أشار إلى أن الإسكندر الأكبر قد دفن فى الحى الملكى.
ومن جانبه قال عالم الآثار الدكتور زاهى حواس، إن مقبرة الإسكندر الأكبر سيتم العثور عليها فى يوم من الأيام تحت المنازل القديمة فى مدينة الإسكندرية، والأدلة كلها تؤكد أن الإسكندر دفن هناك، وليس فى أى مكان آخر، وسيتم العثور عليها خلال أعمال الحفائر، أو عن طريق الصدفة.