هل تراجعت كتب التنمية البشرية؟ ناشرون يجيبون
ثقافة أول اثنين:
تعتبر كتب التنمية البشرية من أهم الكتب التي يتم تقديمها للقراء ومحبي ذلك النوع من الأدب، حيث أنها تعمل على تلبية الاهتمامات ووجود إجابات للكثير من الأسئلة التي يطرحها الشباب في الوقت الحالي فيجدوا ما يلبي احتياجهم خلال صفحات كتاب، كما أنها تعمل على تعزيز الثقة لدى الأفراد باختلاف اهتمامتهم، ولذلك وجهنا أسئلة لبعض الناشرين عن هل تراجعت كتب التنمية البشرية في الوقت الحالي؟ وهو ما سنستعرضه لكم الآن.
قال الناشر الدكتور أحمد السعيد رئيس بيت الحكمة للصناعات الثقافية في تصريح خاص لـ “اليوم السابع” أن كتب التنمية البشرية لا ترتبط بوقت أو عام محدد، ومن روادها الدكتور أحمد إبراهيم الفقي الذي يعد أحد أهم كتاب ذلك المجال، كما أن كتب التنمية البشرية هي فكرة غربية أمريكية الأصل، ولا يقتصر وجودها على المنطقة العربية فقط، فهي موجودة في جميع أنحاء العالم، ونرى أنها الأكثر مبيعًا بشكل دائم في أوروبا وأمريكا.
وأضاف الدكتور أحمد السعيد أن حاجة الأشخاص لكتب التنمية البشرية لأنها تقدم نصائح مختلفة، ولذلك فهي لا تتراجع، بل أن أشكال التقديم تختلف فقط، وقد لاحظت وجود كتب التنمية البشرية في معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته المنقضية 2024، بأشكال مختلفة، وذلك يعد إعادة تقديم بأشكال مختلفة وليس تراجع بالمعنى المقصود، خاصة في عصر مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا وتأثر الأشخاص بالمنشورات التي يتم تداولها بشكل دائم والتي تعتبر وصفات سريعة سحرية تقدم لهم أملًا في تغيير الحياة والواقع الذي يعيشونه، وذلك من خلال تطبيق بعد الخطوات البسيطة – وإن كانت غير حقيقية – فهي تعتبر كمسكن آلام يستخدمها البشر حتى بدون استشارة طبيب.
كما أكد الناشر شريف بكر أن كتب التنمية البشرية، ستظل تحظى بازدهار وانتشار عالمى مستمر، للعديد من الأسباب الأساسية التى يعتمد عليها صناع هذا النوع من المحتوى والكتب.
وأوضح الناشر شريف بكر، خلال تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع” أن كتب التنمية البشرية ستظل مطلوبة، لأن اهتماماتها ومجالاتها متغيرة، بتغير العصر والواقع، فما كنا نبحث عنه منذ عقد من الزمن تغير الآن، وتغيرت احتياجاتنا أيضا، ووفقا لهذه الاحتياجات تغيرت طبيعة كتب التنمية البشرية، كما أنها تسعى لتلبية احتياجات القراء فى كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعى، وكيفية التطوير الذاتى لعدم فقدان الوظيفية، وكل هذا يوضح لنا كيف أن متطلبات العصر يجيب عليها صناع المحتوى وكتاب التنمية البشرية.
وأشار شريف بكر إلى أنه فى التسعينيات كانت كتب تعلم الكمبيوتر هى الكتب الأكثر انتشارا ومبيعا حول العالم، وكان السبب فى ذلك، هو أن ثمن الكتاب الورقي كان أرخص بكثير من رسوم الاشتراك في كورس مخصص، والآن لدينا العديد من كتب التنمية البشرية تلبى احتياجات الملايين من البشر غير الراغبين فى الذهاب إلى طبيب نفسي – على سبيل المثال – فالمشكلات الشخصية أو النفسية تدخل أيضا فى صلب عمل واهتمام كتب التنمية البشرية، التي يبحث عنها القراء.
كما أشار شريف بكر، إلى أنه إذا ما نظرنا إلى الواقع العالمى، فى عصر التطبيقات، سنجد مثلا البعض من مشاهير التطبيقات الترفيهية مثل “تيك توك” و”يوتيوب” يقومون الآن بتحويل المحتوى المذاع على هذه المنصات إلى كتب ورقية وإليكترونية، ويجدون القراء الراغبين فى الحصول على هذا الكتاب، ففى النهاية نحن أمام محتوى يتحول ويتشكل بحسب رغبة القارئ.
على جانب آخر تقول الكاتبة نشوى الحوفي مدير النشر الثقافي في دار نهضة مصر في تصريح خاص لـ “اليوم السابع”: عن أسباب تراجع رواج كتب التنمية البشرية، لقد أدى الإنتاج الهائل لكتب التنمية البشرية، وترجمة العديد منها، إلى تشبع السوق، مما جعل من الصعب على القارئ تمييز الكتب الجيدة عن الرديئة، وفقدان عنصر التشويق لاكتشاف الجديد، أضف إلى ذلك دخول العديد من غير المختصين مجال التنمية البشرية ممن حضروا ورشة أو تدريب فقط، أدى إلى انتشار أفكار سطحية مكررة، دون تقديم محتوى جديد أو عميق، مما أفقد هذه الكتب مصداقيتها وقيمتها، وقد تلاحظ أن العديد من تلك الكتب تركز على تقديم نصائح عامة ومبتذلة، لا تناسب احتياجات القارئ الفردية، ولا تأخذ بعين الاعتبار خلفيته وتجاربه وتحدياته الخاصة، مما يجعلها غير قابلة للتطبيق أو غير مفيدة وقد تفتقر بعض كتب التنمية البشرية إلى الأدلة العلمية والبراهين الداعمة لادعاءاتها، مما يجعلها غير موثوقة وغير مقنعة للقارئ و بعض الكتب تقدم حلولا سريعة وبسيطة لمشاكل معقدة، دون الخوض في جذور المشكلات وتحليلها بشكل عميق، مما يجعلها غير فعالة على المدى الطويل بالإضافة إلى أنها تعيد طرح نفس الأفكار والمفاهيم دون تقديم جديد أو إضافة قيمة، مما يجعل القراءة مملة ومتكررة.
على جانب آخر أصبح الناس يميلون بشكل متزايد إلى الحصول على نصائح وتوجيهات من خلال المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، بدلاً من الاعتماد على الكتب ويفضّل بعض القراء قراءة السير الذاتية وتجارب الآخرين الملهمة، بدلاً من النصائح النظرية، لتعلم كيفية التغلب على التحديات وتحقيق النجاح.